«مش سايبين المحافظات ونتحرك فى كل الاتجاهات.. وكل فئات المجتمع مثقفين وفنانين يجهزوا لده.. من أول أسوان حتى العلمين والمنصورة الجديدة والعاصمة الجديدة.. الموضوع مش مبانى وده تطوير كبير إحنا بنعمله.. افتتاح العاصمة الجديدة إعلان الجمهورية الجديدة»، هذه كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة يوم الشهيد، وهى كلمات تحمل معانى ووعودا، حول تطورات سياسية واجتماعية واسعة، تلبى مطالب ورغبات ملايين المواطنين، ونظن أن كلمات الرئيس فيما يتعلق بالجمهورية الجديدة تتجاوز المبانى والطرق والمشروعات القومية العملاقة فى كل اتجاه، وتحمل وعودا أكبر تتعلق بالبشر والفرص.
كان توجه الدولة نحو المحافظات وتطوير الريف، بداية لتحرك جديد بعد عقود تم فيها إهمال الريف، والتركيز على القاهرة، صحيح أن مبادرات مثل القضاء على فيروس الكبد الوبائى سى أو 100 مليون صحة وغيرها من المبادرات شملت المصريين جميعا، واستفاد منها ملايين فى الريف مثل المدينة، لكن مبادرة تطوير الريف بموازنة 515 مليار جنيه، بدأت بالفعل، وتم توفير إمكانات وأراض لمحطات صرف فى القرى بقيت معلقة على مدى عقود، ومن يعرف الريف يعلم كيف أصبحت شبكات الصرف الصحى ضرورة، ومعها الطرق والخدمات التعليمية والصحية، فهناك قرى فى الصعيد والوجه البحرى وجدت نفسها فى خطط الدولة، وتستعد لتطوير وبنية أساسية، ويمكن متابعة ردود أفعال إيجابية فى الكثير من القرى التى بدأت فيها المرحلة الأولى.
نحن نتحدث عن 55 مليون مواطن، ينتظرون أن تتغير حياتهم، وتلتحق قراهم ومدنهم بالعصر، بعد عقود من الإهمال، وحسب ما أعلن الرئيس فلا يمكن تصور وجود عاصمة إدارية على كل هذا القدر من الحداثة والتقنية، بينما الريف معزول يعانى أهلنا فيه نقص الخدمات، وعليه فإن تطوير الريف خلال 3 سنوات يعنى ربطا بين العاصمة والأطراف، وأن تكون العاصمة عقلا للدولة يكون قادرا على تطوير نظام الإدارة المحلية، وأن يكون ساكن الريف قادرا على التواصل مع العاصمة، وتكون الحكومة قادرة على ممارسة عملها لخدمة الجميع من دون تفرقة.
بالفعل فإن مبادرة مثل حياة كريمة، أو تطوير الريف بدأت توضع على خرائط التنفيذ، ومن تجربة السنوات الأخيرة، فإن الإرادة والسرعة فى الإنجاز تشير الى أن الريف والمحافظات المهملة سوف تكون فى واقع مختلف أكثر حداثة وتطورا، ويكون لدى سكان الأقاليم نفس الحقوق فى بدء أعمال وتنظيم حياتهم وتوسيع قدراتهم على الاستثمار وتوفير فرص عمل حقيقية لأبنائهم، حتى لا يظل الوضع كما هو، المهمة صعبة لكنها ممكنة.
ربما لهذا حرص الرئيس السيسى فى كلمته على الربط بين المحافظات مخاطبا فئات المجتمع والمثقفين والفنانين، باعتبار أن الأمر ليس مبانى فقط، وأن افتتاح العاصمة الإدارية سيكون بمثابة إعلان الجمهورية الجديدة، بما يتضمنه هذا من إدارة التنوع فى المجتمع، وفتح المسارات المختلفة للابتكار والحوار، بما يعبر عن هذا الواقع، خاصة بعد اكتمال المؤسسات الدستورية، والإصلاح الاقتصادى، الذى أدى لتحسين الأداء ونسبة النمو، وهذا الاستقرار يفترض أن ينعكس على الريف والأقاليم، بما يضاعف من قدرتها على التنمية وتوفير فرص عمل والإمكانيات الاستثمارية والصناعية، يشعر معها سكان الأقاليم وفى القلب منها الريف بثمار الإصلاح الاقتصادى، ونظن أن العاصمة الجديدة سوف تحمل الكثير من التغيير بما يناسب طموحات المصريين.