عُقدت، ظهر اليوم، بمقر رئاسة مجلس الوزراء، المباحثات المصرية السودانية الموسعة، برئاسة رئيسى وزراء البلدين، الدكتور مصطفى مدبولى، والدكتور عبد الله حمدوك، بحضور وفدى البلدين، حيث حضر من الجانب المصرى، وزراء الموارد المائية والرى، والتعاون الدولى، والمالية، والصحة والسكان، والنقل، ونائب وزير الخارجية للشئون الإفريقية، والرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وسفير مصر لدى السودان، وعدد من مسئولى الوزارات والجهات المعنية.
من الجانب السودانى، حضر وزراء: شئون مجلس الوزراء، والخارجية، والمالية والتخطيط الاقتصادى، والتجارة والتموين، والرى والموارد المائية، والنقل، والاستثمار والتعاون الدولى، والصحة، ومدير جهاز المخابرات العامة، وسفير السودان لدى القاهرة، وعدد من المسئولين.
واستهل الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، المباحثات بالترحيب بالأشقاء من الوفد السودانى، وعلى رأسهم الدكتور عبدالله حمدوك، وقال إننا لسنا بحاجة للتأكيد مجددا على عمق العلاقات التاريخية والأواصر المتينة التى تربط بين البلدين وشعبيهما، بل هو شعب واحد على امتداد وادى النيل، مؤكدا أن مصر هى دائما العمق الاستراتيجى للسودان، كما كان السودان وسيظل هو العمق الاستراتيجى لمصر.
وعبّر الدكتور مصطفى مدبولى، عن سعادة الحكومة المصرية بكافة خطوات الإصلاح الاقتصادى المهمة، التى قامت بها الحكومة السودانية خلال الفترة الأخيرة، كما أعرب عن تقدير الدولة المصرية لكافة القرارات التى اتخذها الجانب السوداني؛ وفى مقدمتها جهود إحلال السلام، والتى رحبت بها مصر وكانت داعمة لها، مشيراً إلى أنه شرف بحضور توقيع هذه الاتفاقيات، كما نُقدر التعديل الذى تم إجراؤه على الحكومة للبدء فى تفعيل هذه الاتفاقيات التاريخية، وأيضا الخطوات المهمة للبدء فى طريق الإصلاح الاقتصادى بالسودان.
وقال رئيس الوزراء: نحن نعى وندرك تماما حجم الإصلاح الاقتصادى، الذى تقومون به فى ضوء التجربة المصرية التى تمت فى هذا الشأن، والتى مكنت مصر من أن تصمد على مدار الفترة الماضية، فى ظل أزمة جائحة كورونا وتداعياتها، والمشكلات الناجمة عن هذه الجائحة على مستوى العالم، مؤكدا أن مصر استطاعت ولا تزال قادرة على الصمود والاستمرار فى تحقيق نمو اقتصادى، وذلك بفضل القرارات الكبيرة فى مجال الإصلاح الاقتصادي.
وقال الدكتور مصطفى مدبولى: شرُفت مع الدكتور عبد الله حمدوك بلقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، قبل بدء هذه المباحثات، حيث أكد الرئيس السيسى على أن اليقين والتوجه الاستراتيجى للقيادة والحكومة والشعب هو الدعم الكامل واللامحدود لأشقائنا فى السودان، وهذا توجيه دائم من الرئيس بإيلاء كل الدعم السياسى والاقتصادى للأشقاء فى السودان فى جميع المجالات، لدعمهم فى عبور هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الدولة السودانية.
كما أكد الدكتور مدبولى، إدراكه لحجم المسئولية الملقاة على عاتق الحكومة السودانية فى هذه المرحلة، وأنه لذلك وجّه أعضاء الحكومة بسرعة تفعيل ملفات التعاون المشترك التى تم الاتفاق عليها،؛ سواء فى مجالات الربط الكهربائى، أو فى مشروعات الطرق، وشبكات النقل المختلفة، ومشروعات الرى، والزراعة، والتجارة، والصناعة، لافتا إلى تكليف الرئيس السيسى بالتفعيل الفورى دون تأخير لجميع المشروعات الضخمة الخاصة بالربط بين البلدين، وفى مقدمتها مشروعات الربط سواء شبكات الطرق أو من خلال خطوط السكك الحديدية، وأن نُسرع الخطى بتنفيذ هذا الربط؛ وذلك من أجل تعميق الروابط الاستراتيجية بين الشعبين؛ لأن سهولة الانتقال بين البلدين سيكون عاملا مهما فى فتح آفاق اقتصادية أرحب، وتبادل البضائع، وانتقال الأفراد، ودعم العلاقات بين البلدين.
وعلى جانب الخدمات، أكد رئيس الوزراء، أن هناك تنسيقا مع الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، لتقديم مختلف الخدمات الطبية للجانب السودانى، ونحن دائما على أتم الاستعداد للإسراع بالخطى فى هذا المجال، ولن نتأخر فى تقديم هذا الدعم.
وفيما يتعلق بملف سد النهضة، أكد رئيس الوزراء، أننا نتشارك قلقنا فى هذا الملف الذى يتقدم أولويات اهتمام الشعبين، مشيرا إلى تأكيد الرئيس السيسى اليوم أننا فى البلدين بحاجة إلى استمرار التنسيق التام للمواقف بين البلدين؛ مصر والسودان؛ للحفاظ على مصالح شعبينا، ونحن لسنا ضد عمليات التنمية فى أثيوبيا، لكننا بالتأكيد ضد أى تحرك من شأنه إلحاق الضرر بمصالح الشعبين السودانى والمصري.
من جانبه، قال الدكتور عبدالله حمدوك، رئيس مجلس الوزراء السوداني: نحن سعداء للغاية بهذه الزيارة، التى تأتى استمرارا لسلسلة الزيارات المتصلة التى تمت خلال الفترة الماضية بين مسئولى البلدين، فى إشارة لزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للخرطوم مطلع الأسبوع الجارى، وزيارة الدكتور مصطفى مدبولى إلى السودان فى شهر أغسطس الماضى، كما أن هذه هى الزيارة الثانية لرئيس الوزراء السودانى لمصر، مؤكدا أن هذه الزيارات تعكس عمق الروابط بين البلدين الشقيقين، كما تعكس أيضا قوة هذه الروح الجديدة فى العلاقة بين مصر والسودان.
وأضاف الدكتور عبدالله حمدوك، أنه بالإضافة إلى المناقشات التى تمت بين مسئولى البلدين فى جميع الاجتماعات السابقة، والتى يتم فيها دوما التأكيد على ما بيننا من روابط الثقافة والأخوة والجيرة والتاريخ وروابط الدم التى تسمح أن تكون بين شعبينا علاقة متميزة للغاية لا مثيل لها، فإن السودان يرغب فى التأسيس لعلاقة تقوم على أساس الشراكة الاستراتيجية، ومخاطبة القضايا الحياتية المرتبطة بالمشروعات التى تخدم مصلحة شعبينا.
وتابع رئيس الوزراء السودانى حديثه، خلال جلسة المباحثات الموسعة التى عقدت اليوم بمقر مجلس الوزراء، أن الفترة الماضية شهدت التأكيد على مسألة الشراكة الاستراتيجية. وفى هذا السياق، توجه حمدوك بحديثه للدكتور مصطفى مدبولى: "كما تفضلت خلال كلمتك، يجب أن نبنى هذه العلاقة من خلال إقامة مشاريع عملية تقوم على المصلحة المشتركة، لذلك اتفق معك تماما أن نستغل هذه الفرصة بحضور الوزراء من الجانبين للجلوس؛ من أجل البدء فى خطوات عملية وتحديد خطة عمل، ووضع خارطة طريق لتنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه".
وأضاف حمدوك، أن الفترة الماضية شهدت مناقشة عدد من المشروعات المهمة التى يمكن إقامتها بالشراكة بين الحكومتين، مثل مشروع الربط الكهربائى، والمشروع الاستراتيجى لربط السكك الحديدية، ومشروع الربط البرى، إلى جانب مشروعات التعاون فى مجال التعليم العالى والبحث العلمى والصحة والتجارة، فضلا عن العديد من المجالات الأخرى التى يمكن أن نصل فيها إلى تفاهمات ستكون فى صالح شعبينا.
وأشار رئيس الوزراء السودانى، إلى أنه يوجد ملفات عديدة تحتاج إلى التفاهم بشأنها بشكل أكثر دقة للوصول فيها لرؤية مشتركة، والتى يأتى فى مقدمتها ملف سد النهضة الذى يشكل تحديا لمصر والسودان، مؤكداً فى هذا الصدد على وجود توافق تام وانسجام بين الجانبين فى هذه المسألة، لاسيما ما يتعلق بالآلية الرباعية للوساطة.
وجدد الدكتور عبدالله حمدوك، سعادته البالغة بهذه الزيارة التى استهلت بلقاء مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، قائلاً: "تحدثنا مع الرئيس السيسى بشفافية ووضوح ولمسنا منه دعم مصر الكامل قيادةً وشعبا لقضايا السودان".
وأضاف أن السودان بدأ فى برنامج طموح للإصلاحات الاقتصادية، تم من خلاله معالجة ملف الدعم، واتخاذ قرارات كان آخرها توحيد سعر لصرف، مشيراً إلى أن مصر مرت بهذه الإصلاحات الصعبة، وأنه لا مفر من اتخاذ مثل هذه القرارات، مٌعربا عن تطلعه لمزيد من التعاون والدعم المصرى فى هذا الشأن.
كما أعرب عن شكره لكل صور الدعم التى تم توجيهها من الجانب المصرى، خلال الفترة الماضية، سواء دعم جهود مواجهة جائحة "كورونا"، وكذا ما قدمته مصر من مساعدات عندما تعرض السودان لموجة من الفيضانات والسيول، فضلا عن دور مصر فى علاج مصابى الثورة، وكذا دور القاهرة الفاعل فى أحد أهم الملفات بالنسبة للسودان، وهو توقيع "اتفاق جوبا للسلام" فى أكتوبر الماضى، بحضور الدكتور مصطفى مدبولى، واصفا الاتفاق بالحدث الكبير والمهم للغاية فى تاريخ السودان، والذى أسس لقيام الحكومة السودانية الحالية لتمثل كل أطياف الشعب السودانى .
وأضاف حمدوك: نحن شرعنا فى وضع أولويات هذه المرحلة والتى بناء عليها سترتكز المناقشات المقررة بين الوزراء من البلدين للوصول إلى ما يمكن تنفيذه من مشروعات فى المجالات المختلفة، مختتما حديثه بتقديم الشكر الجزيل للرئيس عبدالفتاح السيسى، والدكتور مصطفى مدبولى على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة