أجرى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، حوارا مجتمعيا بشأن تطوير القاهرة التاريخية مع أهالى وسكان عدد من مناطق القاهرة التاريخية، حول المشروعات التى تعتزم الدولة القيام بتنفيذها خلال هذه المرحلة، لاستعادة رونقها الحضاري.
واستهل الدكتور مصطفى مدبولى الحوار المجتمعى مع الأهالى والسكان باستعراض تجربته الشخصية مع هذه المنطقة، التى كانت مجال دراسته العلمية، الأمر الذى أكسبه خبرات ومعرفة متعمقة بالمنطقة وشوارعها وكل أثر قائم بها، مؤكدا أنه من الصعب عليه أن يعاصر تدهور المنطقة وفقدانها لقيمتها التراثية وتاريخها، دون التدخل لإنقاذها، لافتا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى ينتمى إلى هذه المنطقة التاريخية العظيمة، حريص على سرعة تنفيذ مخططات التطوير الشاملة لها، كما أن الحكومة تولى اهتماما شديدا لتنفيذ ذلك بأقصى سرعة ممكنة، مؤكدًا أنه لن يوجد هناك مكان لا تمتد إليه يد التطوير.
وأوضح الدكتور مدبولى أن مشكلة المنطقة تكمن فى إهمالها لفترة طويلة من الزمن، الأمر الذى أسهم فى إقامة مبان عشوائية عديدة، فضلا عن هدم البيوت القديمة الرائعة، واستبدالها بأخرى، إلى جانب حدوث اندثار تدريجى للحرف اليدوية التى تتميز بها المنطقة واستبدالها بأنشطة أخرى لا تمت بصلة لطبيعة المنطقة، مما استوجب من الدولة التدخل بشكل عاجل.
كما أشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة عقدت العديد من الاجتماعات تحت قيادة الرئيس السيسى لبحث سبل تطوير المنطقة، مطالبًا الأهالى بنقل رسائل واضحة من الحكومة لكل سكان المنطقة والمناطق الأخرى، مفادها أن الدولة المصرية هدفها الأول هو التطوير من أجل الحفاظ على المنطقة، لاسيما من خلال ترميم الآثار، فضلًا عن ترميم المبانى القديمة، حتى وإن لم تكن أثرا لكونها تمثل طابع المنطقة وذلك بهدف الحفاظ عليها، إلى جانب تطوير الحرف القديمة التقليدية، كما نفى رئيس الوزراء الأخبار المغلوطة عن اعتزام الحكومة نقل الأنشطة الحرفية المميزة إلى أماكن أخرى.
وفى هذا السياق، تطرق رئيس الوزراء إلى ما يتم ترديده من تشكيك فى الجهود التى تقوم بها الدولة لتطوير المناطق التاريخية والتراثية، مؤكدًا أن الدولة ليس لها أى غرض من أعمال التطوير سوى الحفاظ على تاريخ مصر فى هذه المناطق، إلى جانب الاهتمام بقاطنيها، باعتبارهم جزءا من قيمتها، وذلك وفقا لتوجيهات الرئيس السيسى فى هذا الإطار، لافتًا إلى أن قيمة المنطقة مستمدة من الأهالى والحرف التراثية الموجودة بها، التى نسعى إلى تطويرها والنهوض بها بمختلف الطرق المتاحة، وليس العمل على إخراجهم منها، حيث أن هذه المناطق مرتبطة بالأنشطة والحرف التى تشتهر بها.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه من الطبيعى تداول شائعات حول أية مشروعات تطوير، لكنه أعرب عن أمله فى أن تكون رسائل الحكومة واضحة لأهالى المنطقة، بأن هذه الأعمال هى أعمال تطوير فقط، لافتا إلى أنه سيكون هناك تغطيات إعلامية اليوم هدفها توضيح الصورة الحقيقية وطمأنة أهالى المنطقة، وكرر التأكيد على أنه لن يتم إخراج أى شخص، حفاظًا على الروابط الأسرية والبيئية التى يعيشها أهالى المنطقة والتى تعد جزءًا من قيمة المكان، مؤكدا أن المسئولين سيتواجدون على الأرض، بشكل يومى، وأنه سيتواجد قدر الإمكان أيضًا للاستماع إلى كافة المشكلات للعمل على حلها.
وفى الوقت نفسه، لفت الدكتور مدبولى إلى أنه سيتم البدء فى تطوير عدد من الأماكن داخل القاهرة التاريخية، بما يراعى متطلبات سكان تلك المناطق، وخاصة أصحاب الأنشطة التجارية والحرفية، وضمان عدم التأثير على حياتهم اليومية، مؤكدًا أن ما سيتم من أعمال تطوير، سيكون المستفيد الأول منه هم قاطنو هذه المناطق، قائلا: ستكون الأولوية لقاطنى المنطقة فى الحصول على الوحدات التجارية التى نعتزم إنشاءها، وذلك فى إطار توسيع كافة الأنشطة التجارية والحرفية الخاصة بهم، معربًا عن أمله فى رؤية المزيد من التوسع والنهوض للصناعات والحرف التراثية الموجودة بالمناطق التاريخية، وتوارثها عبر الأجيال.
كما لفت الدكتور مصطفى مدبولى إلى أن هناك أشخاصا لا يعلمون الكثير عن آثار المنطقة، ومن ثم فهناك ضعف فى الإقبال على هذه الأماكن القيمة، لاسيما مع ضعف الحركة السياحية بشكل مؤقت بسبب أزمة جائحة كورونا.
وأشار رئيس الوزراء أيضًا إلى وجود بعض الأنشطة الدخيلة على المنطقة، التى تؤثر بصورة شديدة الضرر عليها، مؤكدًا على أهمية توفير بديل لهذه الأنشطة، بما يحافظ على سلامة المنطقة ورونقها، وأكد أن باقى الأنشطة والحرف الموجودة لن يتم المساس بها.
وفى ضوء ذلك، تناول رئيس الوزراء المقترح الخاص بالتطوير، الذى يتضمن العمل على تطوير مختلف الشوارع وتزويدها بأنظمة إنارة حديثة، وكذا ما يتعلق بمشروعات الصرف الصحى، ومعالجة المياه الجوفية، إلى جانب المحافظة على المبانى القائمة، والعمل على تعظيم الاستفادة من الأماكن المحيطة، وتطوير وإتاحة بعض الأنشطة والخدمات المرتبطة بالحركة السياحية، بما يسهم فى جذب المزيد من الزائرين لهذه المنطقة، وذلك سعيًا للعمل على إعادتها لسابق عهدها من مكونها الأساسى، حيث كانت تمثل واحدة من أهم الأماكن التى يتوجه إليها الزائرون سواء محليا أو عالميا.
وفى الوقت نفسه، أشار الدكتور مصطفى مدبولى إلى أنه من غير الممكن السماح ببناء أبنية من الطوب الأحمر فى هذه المنطقة والمساس بطرازها الأصلى بأبنية غير معهودة منذ نحو أربعين عامًا، مقترحًا فى هذا الشأن تطبيق آليه لإجراء تطوير مشتركة مع الملاك والأهالى للحفاظ على الطابع الأصلى دون المساس بالحقوق والملكيات الخاصة، مستشهدًا بأعمال التطوير التى تم إجراؤها فى تل العقارب التى يطلق عليها الآن "روضة السيدة" والتى روعى فيها مطالب الأهالى أثناء عملية التطوير، وتم إعادة الأسرة إليها بعد استكمال أعمال التطوير بشكل لائق، مشيرًا إلى أن ذلك هو ما سيتم تطبيقه.
وخلال حواره مع أهالى المنطقة، طالب رئيس الوزراء بأهمية تفهم ما سيتم تنفيذه من أعمال تطوير للمنطقة، والمساعدة فى تسريع وتيرة العمل، مشيرًا إلى أن تنفيذ أعمال أى مشروع تقاس بالأيام وليس بالأعوام، مجددا تأكيد العمل على إعادة هذه المنطقة كجوهرة من الجواهر المصرية، مطالبًا نقل هذه الرسائل إلى جميع قاطنى المنطقة، كما أعرب الدكتور مدبولى عن تطلعه إلى أن يتم تطوير المنطقة فى أقرب وقت ممكن لاستعادة جمالها وتراثها المتميز، وهو ما رحب به أهالى المنطقة.
بدورهم، أعرب الأهالى عن ترحيبهم الشديد بهذه الزيارة وبلقاء رئيس الوزراء والمسئولين المرافقين، مؤكدين أن هذه الزيارة أدخلت الطمأنينة إلى قلب أهالى المنطقة الذين قلقوا من تردد الشائعات حول إخراجهم من المنطقة، وهو ما انعكس سلبا على الحركة التجارية فى المنطقة بسبب حالة عدم اليقين التى عايشوها خلال الفترة الماضية، وعقب رئيس الوزراء على ذلك بأنه لن يكون هناك إخراج للأهالى من المنطقة، كما أكد أنه سيتم تعويض أصحاب المحلات التى تتواجد فى مبان آيلة للسقوط فى المنطقة، وأن أعمال التطوير ستشمل العمل على زيادة عدد المحلات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة