أيادٍ ناعمة تحمل المطرقة والأخشاب لتشكل خلال دقائق أدوات خشبية تستخدمها النساء فى أعمال تجهيز الخبز فى الأفران البلدى وكذلك تمثل تلك الأدوات جزءا من المطبخ الصعيدى الذى تعتمد عليها الناس فى أعمالها المنزلية، ليضربن المثل أن حرفة النجارة وأعمالها ليست للرجال فقط، فرغم تقدم العمر فإن سيدات بقرية حجازة جنوب قنا ما زالت تعمل فى الحرفة داخل منازلهن الصغيرة ليساعدهن مكسبها على العيش وإشغال وقت فراغهن.
سميرة-سعيد-وماري-حليم
وتجلس السيدة منهن حاملة معها البساطة والرضا بما قسمه الله لها، أمامها قطعة خشبية تسمى "القرمة" لتستقبل دقات المطرقة أو الشاكوش وتساعدها أخرى فى قص الأخشاب وتسويتها عن طريق "الفأرة" لتكتمل لوحة تعاونية فيما بينهم وينجزن الأعمال المطلوبة منهن فى الأوقات المحددة، ومن ثم بيعها إلى أحد التجار الذى يتردد عليهم من المدينة من وقت لآخر لشراء القطع الخشبية التى تصنعها تلك السيدات.
يتسامر السيدات ومعهن أبنائهن اللواتى تعلمن الحرفة من خلال المشاهدة ويتذكرن سنوات من العمل فى النجارة وكيف تعاقبت تلك السنوات وظلت الحرفة تواجه مصاعبها وتغيراتها فى ظل التطور وتمسكهن بالحفاظ على الأعمال التى يقمن بها، وكيف حولت الحرفة أوقات الفراغ إلى أعمال تساعدهن على الكسب والعيش وتحسن من دخلهن اليومى لتربية الأبناء والإنفاق عليهم.
تقطيع-الخشب
قالت مارى حليم، 65 عاما، إنها تعمل فى حرفة النجارة منذ ما يزيد على 10 سنوات وتشكل أدوات تستخدم فى صناعة الخبز البلدى مثل "الجرار، المطرحة، المفراك"، وهى أدوات تستخدم لرص الخبز داخل الفرن البلدى وكذلك فى عمل الأكلات، لافتًا إلى أنها تبدأ فى الصباح عن طريق تجهيز الأخشاب ونشرها فى الورشة وتساعدها إحدى السيدات فى مسح الأخشاب وتجهيزها عن طريق آلة كهربائية، ومن ثم تبدأ فى تثبيت الألواح الخشبية بالمسامير لتخرج العمل المطلوب فى النهاية.
ماري-حليم-سيدة-تعمل-بالنجارة
وأوضحت مارى حليم، أن عددًا من الجيران والعائلة يعملون داخل المنازل فى حرفة النجارة وكذلك الأبناء الذين ورثوا الحرفة عن الآباء للمساعدة فى الدخل، كما أن الإقبال على تلك الأدوات بدأ يتراجع مع ارتفاع أسعار الخشب ولكن ما زال يقبل المواطنون على شرائها لاعتمادهم على تلك الأدوات فى صناعة الخبز عن طريق الأفران البلدية.
ولفتت السيدة الستينية، إلى أن طريقة البيع تتم بواسطة التعاون مع أحد التجار الذى يتردد على العاملين فى الحرفة من وقت لآخر لطلب كميات من الأدوات وبيعها فى سوق المدينة بمعرفته، مضيفة أنها تعمل على التوازن ما بين الأعمال المنزلية والعمل فى النجارة، حيث تقوم بإنجاز الأعمال اليومية المنزلية قبل البدء فى العمل بالنجارة.
العمل-بالمنزل
"أسعار الخشب بتأثر على الشغل"، بهذه الكلمات بينت مارى حليم، أن أسعار الخشب تؤثر على أعمال النجارة ولاسيما صغار النجارين الذى يعملون فى المنازل من أجل الكسب اليومى، كما أنها تقوم بعمل أنواع أخرى مثل حصالة الأطفال وأدوات الطبخ الخشبية.
وقالت سميرة سعيد، إحدى السيدات التى تعمل بالنجارة، إنها تقوم بشراء الخشب من التجار ويتم تقطيعه بالورشة ثم تجهيزه فى المنزل لعمل الأدوات التى تستخدم فى الخبر وذلك منذ سنوات.
العمل-داخل-المنزل-بحجازة
وأكدت سميرة سعيد، أنها تعلمت حرفة النجارة من تلقاء نفسها أثناء مشاهدة الآخرين فى العمل بها وقامت بتعليم أبنائها الحرفة الذين يساعدوها فى العمل ويتم ترويج الأعمال من خلال التجار الذين يتعاقدون معها على كميات من الأدوات التى تصنعها وتعيش من مكسبها.
العمل-داخل-المنزل
وتمنت سميرة سعيد، أن تمتلك ورشة برفقة عدد من السيدات بدلًا من العمل المنزلى وذلك لضيق المساحات وقلة الأدوات التى تستخدم، لافتًا إلى أن وجود ورشة سيساعد فى زيادة الإنتاج وكذلك زيادة عدد العاملات فى حرفة النجارة بالقرية وداخل الأسر التى تعمل فى النجارة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة