أحمد إبراهيم الشريف

الفن والعنف فى مسرحية أفراح القبة

الأربعاء، 17 مارس 2021 11:14 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للمغامرة أشكال مختلفة ومتنوعة، أصعبها من وجهة نظرى، عندما تقرر أن تقدم عملًا فنيًّا سبق تقديمه ونجح، حينها ستصبح فى مقارنة أردت هذا أم لم ترد، ولكن إن استطعت أن تنجح فإن ذلك سيكون شهادة كبرى وتفوقا مضاعفا، فكرت فى ذلك عندما قررت أن أذهب لمشاهدة مسرحية "أفراح القبة"، التى تقدمها فرقة مسرح الشباب على المسرح العائم بالمنيل.
 
فى طريقى للعرض كنت أفكر، ما الذى يدفع فرقة مسرحية لتقديم معالجة لنص حقق نجاحا كبيرا فى الدراما؟ فالعمل تم تقديمه فى عمل تليفزيونى 2016، عن رواية الكاتب الكبير نجيب محفوظ، لكن ما سمعته عن العرض كان مشجعًا، وعلى الرغم من أننى لم أكن أتوقع الكثير، لكننى اندهشت فعلا.
 
كان العمل جادا، بمعنى أن كل المشتركين فيه لم يأتوا ليقدموا وجبة خفيفة أو عرضا والسلام، لقد كان كل شىء فى سياقه، الجميع يحترم الخشبة التى يقف عليها، ويحترم الجمهور الذى يجلس أمامه، ويحترم نفسه كممثل، وقبل الممثل كان كاتب المعالجة والمخرج والفنيون، على قدر المسئولية، فالجميع سعى لتقديم أفضل ما لديهم، كان هذا هو الانطباع الأول الذى صاحبنى طوال مشاهدتى العمل الفنى.
أما الانطباع الثانى فكان متعلقا بالمعالجة نفسها، بالقدرة على تقديم عمل درامى صعب بيسر فنى، فالشخصيات جميعها مركبة، لا توجد شخصية سهلة، فالظاهر يختلف عن الباطن، والزمن له دوره المهم والفاعل فى الأحداث، ومع ذلك استطاعت المعالجة فى نحو ساعتين عرض أن تحيط بكل هذه العوالم، وأن تأخذنا من كواليس المسرح إلى كواليس الحياة نفسها.
 
انتبهت جيدا لإيقاع العمل المسرحى، كان سريعا بما يتناسب مع المسرح الحديث، ويدل على أن هناك ما يقال بالحركة، فحركة الممثلين كانت منتظمة، وملامحهم دالة، وكلماتهم مؤثرة بما يليق بحوار نص مسرحى، تفكر فى معناه وتتأثر به وتظل تفكر فيه، كل ذلك منح الممثلين فرصة ليثبتوا أنهم مبدعون فعلا، وأن المسرح المصرى لا تنفد مواهبه.
 
"الحياة مسرح كبير، ولكننى لست ممثلا تلك هى المعضلة" هذه الجملة التى تكررت على لسان شخصية "طارق رمضان" هى الكلمة الأساسية التى تعلق فى أذهاننا، بعد نهاية العمل، فالجميع سواء شخصيات فى المسرحية أو حتى الجمهور، لم يختاروا دورهم فى الحياة، لقد فرضت عليهم، فرضتها الظروف الحياتية، لا أحد فى مكانه، ولا شخص اختار نهايته، نعم قد نختار البداية، ولكن الأمور ستعصف بنا، ستأخذنا فى طريق بعيد فنسقط فى العنف ومزيد من العنف مع الذات ومع الآخر.
 
لقد استطاع العرض المسرحى أن يحكى لنا عن العنف ولكن الممثلين لم يقفوا ليصرخوا فى وجوهنا ويحذرونا بالتلويح بقبضاتهم، بل كان الفن غالبا على كل شىء حتى النهاية.
 
وإن كان لابد من قول ملحوظة على العرض فإن بعض الممثلين الكبار فى أدائهم فعلا كانوا متأثرين بأداء الممثلين الذين أدوا الشخصيات نفسها فى المسلسل الدرامى، وأريد أن أقول لهم إنهم لا يحتاجون ذلك، إنهم فنانون كبار بالفعل.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة