منذ الإعلان عن إطلاق اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، هناك سباق لا يخلو من منافسة سياسية وتجارية، أكثر منها طبية حول مدى كفاءة لقاح عن آخر، وتعرض كل لقاح من اللقاحات لدعايات مضادة.
الصين أول الدول التى طرحت لقاحها، فى ديسمبر الماضى، ثم ظهر اللقاح الروسى «سبوتنيك V»، وكلا اللقاحين واجه تجاهلا وتشكيكا أوروبيا وأمريكيا، ومع ظهور لقاحات: «فايزر، وأسترازينكا وجونسون أند جونسون»، اعترفت جهات طبية أوروبية باللقاح الروسى وكفاءته، وأعلنت مجلة «لا نسيت» الطبية البريطانية، بناء على خبراء مستقلين، أن لقاح «سبوتنيك V» تتجاوز كفاءته 93%، ثم أصدرت جهات علمية وطبية مستقلة، تقارير أكدت أن اللقاحات كلها تخفف من الأعراض حتى لو لم تمنع العدوى، ومع اتساع عمليات التلقيح فى العالم، يتوقع فرض إجراءات تمنع السفر لمن لا يحملون شهادة تلقى اللقاحات.
آخر اللقاحات التى أثارت لغطا، هو «أكسفورد - أسترازينكا»، والذى أوقفته بعض الدول بعد ظهور أعراض جانبية لدى من تلقوه، لكن منظمة الصحة العالمية، أعلنت مراجعة التقارير المتعلقة بلقاح «أسترازينيكا»، وتصدر نتائجها قريبا.
وقال المتحدث باسم المنظمة، كريستيان ليندماير: «لا يوجد دليل على أن اللقاح تسبب فى مضاعفات، ومن المهم أن تستمر حملات التطعيم حتى نتمكن من إنقاذ الأرواح وإيقاف الفيروس»، فيما أشار الدكتور تيدروس أدهانوم جبريسيوس، مدير عام المنظمة، إلى أن العديد من البلدان أوقفت استخدام «أسترازينيكا» كإجراء احترازى، بعد تقارير عن حدوث جلطات لدى بعض من تلقوا اللقاح من دفعتين تم إنتاجهما فى أوروبا، وهذا لا يعنى بالضرورة أن هذه المضاعفات مرتبطة بالتطعيم.
هناك أزمة أخرى تتعلق بعدالة توزيع اللقاحات، حيث حجزت الدول الكبرى كميات من اللقاحات، بينما تأخرت دول فقيرة أو عالم ثالث فى حجز اللقاحات، وهو ما يثير قضية العدالة، وقال تيدروس أدهانوم: «أتلقى مكالمات من كبار القادة السياسيين حول العالم، يسألون عن موعد تلقى بلادهم لقاحاتهم من خلال مبادرة اتحاد اللقاحات، كوفاكس، ويرون أن أغنى دول العالم تشترى ما يكفى لتحصين سكانها، فى حين أن بلدانهم لا تملك شيئا»، وقال: «إن هناك مليار جرعة من اللقاح سيتم توزيعها من مبادرة كوفاكس».
الحديث عن نقص كميات اللقاحات المنتجة، أمر فى حد ذاته يثير التساؤلات، خاصة أن هناك أكثر من 5 لقاحات يتم إنتاجها عالميا بعد اجتيازها المرحلة الثالثة، هى «سينوفارم» الصينى، و«سبوتنيك V» الروسى، و«فايزر»، و«جونسون آند جونسون»، و«أسترازينكا»، الأمريكية، وأعلنت الصين عن لقاح جديد، وهناك عشرات اللقاحات المحلية فى دول مختلفة.
وقد أعلنت روسيا عن ضغوط أمريكية لحصار لقاح «سبوتنيك V»، وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميترى بيسكوف: «إننا نعارض بشدة الضغوط المماثلة، ونحن بشكل قاطع ضد منافسة اللقاحات، ونعتقد أنه من الضرورى توحيد جهودنا ليشمل التلقيح أكبر عدد ممكن من الناس، وهذا ما يهتم به العالم كله، والمحاولات الأنانية المماثلة لإجبار أى دول على التخلى عن استخدام أى لقاحات، لا آفاق لها، بل إنها ليست لصالح الناس، وهذا هو موقفنا المبدئي».
وتم تسجيل لقاح «سبوتنيك V» الروسى، فى أغسطس عام 2020. وتجرى الوكالة الأوروبية للأدوية التى تقوم بالمصادقة على استخدام اللقاحات فى الأراضى الأوروبية، بتجربة اللقاح الروسى هذا منذ 3 مارس الجارى.
وكانت كل من المجر وسلوفاكيا، قد صادقتا على استخدام «سبوتنيك V» الروسى، دون توقع المصادقة من جانب الوكالة الأوروبية للأدوية، وقد وقع الصندوق الروسى للاستثمارات اتفاقا لإنتاج 10 ملايين جرعة من اللقاح الروسى فى إيطاليا، ومن المتوقع أن تحصل السويد على «سبوتنيك V» فى يونيو المقبل، ونقلت وكالة «رويترز»، عن مصادر دبلوماسية ورسمية فى الاتحاد الأوروبى، أن التكتل يتجه إلى لقاح «سبوتنيك V».
ووسط موجة ثالثة قوية من العدوى، ما تزال التجارة والسياسة تلعب دورا فى التعامل مع اللقاحات.