كانت السنة الثامنة من الهجرة سنة مميزة وقع فيها الكثير من الحوادث المهمة أبرزها فتح مكة، فما الذى يقوله التراث الإسلامى فى حوادث هذه السنة؟
يقول كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير تحت عنوان "الحوادث المشهورة فى سنة ثمان والوفيات":
كان فى جمادى منها وقعة مؤتة، وفى رمضان غزوة فتح مكة، وبعدها فى شوال غزوة هوازن بحنين، وبعده كان حصار الطائف.
ثم كانت عمرة الجعرانة فى ذى القعدة، ثم عاد إلى المدينة فى بقية السنة.
قال الواقدى: رجع رسول الله ﷺ إلى المدينة لليالى بقين من ذى الحجة فى سفرته هذه.
قال الواقدى: وفى هذه السنة بعث رسول الله ﷺ عمرو بن العاص إلى جيفر، وعمرو ابن الجلندى من الأزد، وأخذت الجزية من مجوس بلدهما ومن حولها من الأعراب.
وكانت فيها وفاة من ذكرنا من الشهداء فى هذه الوقائع، وقد قدمنا هدم خالد بن الوليد البيت الذى كانت العزى تعبد فيه بنخلة بين مكة والطائف، وذلك لخمس بقين من رمضان منها.
قال الواقدى: وفيها كان هدم سواع الذى كانت تعبده هذيل برهاط، هدمه عمرو بن العاص رضى الله عنه، ولم يجد فى خزانته شيئا.
وفيها هدم مناة بالمشلل، وكانت الأنصار أوسها وخزرجها يعظمونه، هدمه سعد بن زيد الأشهلى رضى الله عنه.
وقد ذكرنا من هذا فصلا مفيدا مبسوطا فى تفسير سورة النجم عند قوله تعالى: { أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى}.
قلت: وقد ذكر البخارى بعد فتح مكة قصة تخريب خثعم البيت الذى كانت تعبده، ويسمونه الكعبة اليمانية مضاهية للكعبة التى بمكة، ويسمون التى بمكة الكعبة الشامية، ولتلك - الكعبة اليمانية -.
فقال البخارى: ثنا يوسف بن موسى، ثنا أبو أسامة، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن قيس، عن جرير قال: قال لى رسول الله ﷺ: «ألا تريحنى من ذى الخلصة؟».
فقلت: بلى. فانطلقت فى خمسين ومائة فارس من أحمس، وكانوا أصحاب خيل، وكنت لا أثبت على الخيل، فذكرت ذلك للنبى ﷺ فضرب يده فى صدرى حتى رأيت أثر يده فى صدري، وقال: «اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا».
قال: فما وقعت عن فرس بعد.
قال: وكان ذو الخلصة بيتا باليمن لخثعم وبجيلة، فيه نصب تعبد يقال له: الكعبة اليمانية.
قال: فأتاها فحرقها فى النار وكسرها.
قال: فلما قدم جرير اليمن، كان بها رجل يستقسم بالأزلام، فقيل له: إن رسول رسول الله ﷺ ها هنا، فإن قدر عليك ضرب عنقك.
قال: فبينما هو يضرب بها، إذ وقف عليه جرير فقال: لتكسرنها وتشهد أن لا إله إلا الله، أو لأضربن عنقك؟ فكسرها وشهد.
ثم بعث جرير رجلا من أحمس يكنى أرطأة إلى النبى ﷺ يبشره بذلك.
قال: فلما أتى رسول الله ﷺ قال: يا رسول الله والذى بعثك بالحق ما جئت حتى تركتها كأنها جمل أجرب.
قال: فبارك رسول الله ﷺ على خيل أحمس ورجالها خمس مرات.
ورواه مسلم من طرق متعددة، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن قيس بن أبى حازم، عن جرير بن عبد الله البجلى بنحوه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة