لقى الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى ضربة سياسية ومعنوية قاسية من شأنها وضع حد لمستقبله السياسي. فى حال عدم استئنافه الحكم. وليس معروفا بعد ما إذا كان سيلجأ إلى محكمة الاستئناف فى محاولة لإلغاء حكم محكمة الجزاء.
الضربة التى تلقاها ساركوزى مزدوجة. معنويا أخذ عليه القضاة أنه حاول تسخير أحد القضاة. لخدمة مآربه الشخصية. وهو الذى أمنه الفرنسيون على السهر على دستورهم واستقلالية القضاء عندما انتخبوه رئيسا للجمهورية. وبالرغم من أن الحكم لم لا يمنع الرئيس الفرنسى الأسبق من الترشح للانتخابات الرئاسية أو النيابية، ولكن محاولة النيل من القضاء، عبر رشوة أحد أعضاء مؤسسة العدالة، لمنع عمل القضاة ستترك بصماتها على ساركوزى ومستقبله السياسي.
وإذا كانت المحكمة لم تمنع ساركوزى من الترشح إلا أنها منعت محاميه وصديقه تيرى هزتزغ من ممارسة مهنة المحاماة لمدة خمس سنوات وأصدرت ضده حكما بذات مدة السجن كما على ساركوزي.
والرئيس الفرنسى السابق ملاحق بعدد آخر من القضايا وكان دائما يؤكد على براءته، ويندد بمحاولة النيل منه عبر التشهير به واللجوء إلى القضاء. ولكن الوضع بات مختلفا، الآن، بعد صدور الحكم، إذ أصبح ساركوزى مداناً قضائيا.
وأصدر القضاء الفرنسى الإثنين حكمه فى قضية "التنصت" التى تورط فيها الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى ومحاميه تييرى هرتزوغ وقاضى التحقيق السابق جيلبير أزيبير. حيث أمر بسجن ساركوزى لمدة ثلاث سنوات بينهم سنة مع النفاذ بتهم الفساد واستغلال النفوذ.
أصبح نيكولا ساركوزى ثانى رئيس فرنسى سابق يحاكم فى عهد الجمهورية الخامسة بعد الرئيس الراحل جاك شيراك، فى إطار قضية تشهد منذ سنوات متابعة واسعة على الساحة السياسية الفرنسية، تعرف "بقضية التنصت".
وأصدرت المحكمة الإثنين حكمها الذى يتمثل فى إدانة الرئيس السابق فى جريمتى الفساد واستغلال النفوذ وقضت المحكمة بسجن الرئيس السابق ثلاث سنوات بينها اثنتان مع وقف التنفيذ. ولن يدخل ساركوزى السجن رغم هذا الحكم لأن هذه العقوبة تطبق عادة فى فرنسا للأحكام التى تزيد عن سنتين.
فى 8 ديسمبر الماضى طالب مكتب المدعى العام بسجن نيكولا ساركوزى البالغ من العمر 66 عامًا لمدة أربع سنوات، اثنتان منهم نافذتان معتبرا أن صورة الرئاسة قد "تضررت" بسبب تأثيرات هذه القضية. كما طالب أيضا بحبس المتهمين الآخرين فى القضية. وهما القاضى السابق جيلبير أزيبير ومحامى ساركوزى تييرى هرتزوغ، طالبا إرفاق العقوبة بمنعه من ممارسة المهنة على مدى خمس سنوات.
وفضلا عن هذه المحاكمة يواجه نيكولا ساركوزى محاكمة ثانية فى 17 مارس القادم، فى قضية "بيغماليون"، والمتعلقة بشبهات حول تكاليف تمويل حملته الرئاسية لعام 2012.
وتأتى محاكمة ساركوزى بعد تسع سنوات على إدانة جاك شيراك بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ فى قضية وظائف وهمية فى بلدية باريس التى كان يرأسها.
وتعود أطوار قضية "التنصت" إلى عام 2014 فى إطار التحقيق حول تمويل ليبى محتمل لحملة ساركوزى الرئاسية عام 2007. فاكتشف خلال التحقيق أن ساركوزى يستخدم خطا هاتفيا سريا للتواصل مع محاميه تييرى هيرتزوغ مستخدما اشتراكا هاتفيا باسم "بول بيسموث"، وهو اسم زميل سابق لنيكولا ساركوزى أيام الدراسة.
خلال التحقيق تم التسجيل كتابيا لحوالى 10 من محادثات ساركوزى ومحاميه الذى يعتبر أيضا صديقا شخصيا للرئيس الفرنسى السابق. يقول الادعاء أن التحقيقات أثبتت إبرام "اتفاقيات فساد" بين الأطراف الثلاثة: نيكولا ساركوزى ومحاميه وقاضى التحقيق السابق جيلبير أزيبير.
حسب الادعاء، نقل قاضى التحقيق السابق أزيبير عبر المحامى هيرتزوغ معلومات سرية وحاول التأثير على استئناف قضائى قدمه نيكولا ساركوزى، على هامش قضية الثرية ليليان بيتانكور. وفى المقابل، وافق ساركوزى على دعم ترشيح أزيبير، الذى كان حينذاك مدعيا عاما، للحصول على منصب مرموق فى إمارة موناكو.
وتضمنت إحدى الرسائل التى تمت قراءتها فى جلسة الاستماع السابقة جملة قالها هيرتزوغ بشأن القاضى أزيبير "لقد قام بعمل جيد". فى حين قال نيكولا ساركوزى فى مناسبة أخرى: "سأساهم فى ترقيته".
محامو الدفاع اعتبروا هذه المحادثات مجرد "دردشة بين أصدقاء"، وسخروا من "الأوهام" و"الافتراضات" التى قدمها الادعاء العام فى هذه القضية. واستنادا إلى فريق الدفاع فإن هناك غيابا واضحا للأدلة ولذلك طالبوا بإخلاء سبيل المتهمين الذين كانوا يواجهون فى حال إدانتهم عقوبة أقصاها عشر سنوات من السجن وغرامة قدرها مليون يورو.
كما أصدر القضاة نفس العقوبة على قاضى التحقيق السابق جيلبير أزيبير والمحامى التاريخى للرئيس السابق تييرى هيرتزوغ الذى نال حكما بالمنع من مزاولة عمله كمحام لمدة خمس سنوات. كما أدينوا بخرق أسرار المهنة.
وكان فريق الدفاع قد وصف تهم الادعاء بالـ"قمامة" وطالب بإلغاء إجراءات التتبع على أساس أن التنصت على المكالمات الهاتفية "غير قانوني" لأنه ينتهك سرية المبادلات بين المحامى وموكله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة