حتى فى اختيار شكل وزمان الحرب مع روسيا، يبدو الرئيس الأمريكى جو بايدن بعيدا عن أى توقعات أو رهانات سابقة، خاصة من هؤلاء الذين اعتادوا أن يرهنوا تحولات العالم بإرادة القوى الكبرى، الحرب بين الولايات المتحدة لا ترقى لمستوى حرب باردة، ولا حتى حرب، بل هى مجرد حرب كلامية للاستهلاك الإعلامى، أكثر منها رغبة فى إحداث تغيير، فما زال الرئيس وإدارته يعتمدان على تسريب تقارير للاستخبارات الأمريكية، وآخرها تقرير عن تدخلات روسيا وإيران فى الانتخابات الرئاسية 2020، حيث نشر مكتب مدير الاستخبارات الوطنية يقول: «إن قوى خارجية، من ضمنها روسيا، حاولت التأثير على سير الانتخابات، وكانت هدفها تشويه سمعة حملة الرئيس جو بايدن والحزب الديمقراطى، ودعم الرئيس السابق دونالد ترامب، وأن إيران والصين بذلتا جهودا للتدخل بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، وأن طهران حاولت تشويه حملة ترامب الانتخابية دون دعم منافسه جو بايدن»، لكنه أكد أن بكين لم تبذل جهودا مباشرة لتغيير نتائج الانتخابات.
واستمرارا للملاسنات، دعا الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، نظيره الأمريكى بايدن لحوار عبر الإنترنت على أن يكون مباشرا، وبدون أى شىء مسجل مسبقا، فى نقاش مفتوح ومباشر، وقال بوتين: «يبدو لى أن ذلك سيكون مثيرا للاهتمام لكل من الشعب الروسى والأمريكى، فضلا عن العديد من البلدان الأخرى»، لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكى، قالت فى مؤتمر صحفى، إنها غير متأكدة مما إذا كانت المكالمة ستكون شيئا ستستقبله الإدارة الأمريكية بترحاب، بايدن أصر على وصف بوتين بالقاتل، لكن الرئيس الروسى، يفضل التعامل بسخرية وإشارة إلى صحة بايدن وقدرته على الدخول فى مناظرة يشرح فيها وجهة نظره.
الظاهر أن الرئيس بايدن لم يطرح حتى الآن أى خطوة عملية لتنفيذ برامجه ووعوده، والتى تم نشرها على نطاق واسع أثناء حملته الانتخابية، فلم يتخذ أى خطوات تجاه «احتواء الصين»، بل إن وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، قال إن الصين تلجأ إلى «الترهيب والعدوان» فى تعاملها مع عدد من القضايا، وقال عن الصين، إنها استغلت انشغال أمريكا بالشرق الأوسط لتضاعف من قوتها العسكرية.
وحتى فيما يتعلق بكوريا الشمالية، قال البيت الأبيض إن إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن تواصلت مع كوريا الشمالية، لكنها لم تتلق أى رد منها حتى الآن، لكن كوريا الشمالية قالت إنها لم تسمع من النظام الجديد فى الولايات المتحدة سوى «النظريات المجنونة»، كاشفة أن الولايات المتحدة حاولت التواصل معها عبر «البريد الإلكترونى والاتصالات»، وأكدت بيونج يانج، حسب وكالة الأنباء المركزية الرسمية: «سنتجاهل محاولات الاتصال هذه حتى تسقط السياسات العدائية»، واصفة هذه الجهود بأنها «حيلة رخيصة» لإضاعة الوقت، ولا داعى للتجاوب مع هذه المحاولات.
وحتى فيما يتعلق بالشرق الأوسط، لم تقدم إدارة بايدن جديدا، و عرضت «CNN» تقريرا عن علاقات لدول الخليج مع روسيا والصين، فيما يتعلق بخطط البناء والتنمية ورؤية 2030، ونقلت عن محلل أمريكى قوله، إن على الولايات المتحدة أن تعى مصالحها مع دول الخليج، خاصة فيما يتعلق بالمنافسة فى نطاق الشركات الكبرى، التى تتنافس عالميا للحصول على فرص الاستثمار.
وحتى فيما يتعلق بالتدخل لتخفيف التوترات والنزاعات، لا يبدو أن لدى واشنطن استعدادا لدعم الحل السياسى فى سوريا وليبيا، وهى ملفات ابتعدت عنها اختيارا، وهو ما يجعل سقف الرهانات على دور أمريكى منخفضا.