عندما تحدث الفيلسوف اليونانى القديم "أرسطو" عن الدراما فى كتابه "فن الشعر" عرفها بأنها "محاكاة فعل جليل، كامل، له عظم ما، فى كلام ممتع"، هكذا تحدث تلميذ "أفلاطون" وملهم "الإسكندر الأكبر" منذ أكثر من ألفى عام، عن "الدراما" باعتبارها "محاكاة لفعل عظيم"، والآن ونحن نطرق أبواب عصر من عصور النهضة المصرية، وفى ظل تربص أيادى الإرهاب الخبيث بالوطن، أصبحت الدراما واجبا وفعلا وطنيا عظيما.
والدراما بوصفها عملا فنيا، لها العديد من الأدوار من بينها وعلى رأسها "الترفيه"، لكنها أيضا وعلى مدار تاريخها كانت لها أدوارها الوطنية فى الحفاظ على الهوية القومية، وتحفيز الروح الوطنية، والفن المصرى بمختلف أنواعه واتجاهاته له الكثير من المواقف التى تثبت ذلك، فمن ينسى دور الفنانين بعد هزيمة يونيو 1967، وكيف وقفت السيدة أم كلثوم على أكبر مسارح أوروبا، فى حفل ضخم، تتبرع بدخله للمجهود الحربي.
الفن موقف، والمواقف لا تترجم إلا بالأفعال، وما تقوم بها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، موقف "جليل وعظيم" بحسب وصف "أرسطو"، وفعلا وطنيا كبيرا تترجمه يوما بعد يوم بأعمال درامية وتليفزيونية تؤسس لجيل جديد من الأعمال تعمل على توثيق دور البطولات المصرية فى الجيش المصرى، والأدوار العظيمة التى قدمها "أبطال الظل" فى جهازى المخابرات العامة والحربية، وترسم صورة لمصر الجديدة من واقع وروح مصر التى كانت ولا زالت كبيرة بين أقرانها، وتجسد دورا جديد للقوى الناعمة المصرية فى مواجهة التطرف والإرهاب وبث الروح الوطنية فى النفوس.
لكن يبدو أن توجه "المتحدة للخدمات الإعلامية" فى الدراما الآن بجانب "الترفيه والامتاع" يلعب أيضا على التأريخ والتوثيق، وتعريف الشباب والأطفال بتاريخ بلادهم المجيد، واتجهت إلى حقب زمنية قلما اتجهت إليها الدراما من قبل، اللهم إلا من خلال بعض الإشارات البسيطة، فتقديم سيرة واحد من أعظم ملوك مصر على مر تاريخها، الملك أحمس، قاهر الهكسوس، بتقديم مسلسل تليفزيونى "الملك" من بطولة النجم عمرو يوسف، عن تاريخ مصر القديمة، وتفوق جيشها العظيم، أولى الجيوش النظامية فى التاريخ على الهكسوس، أمر مهم جدا.
ولأن مصر صاحبة تاريخ مجيد، قديم وحديث، فالمؤامرات حيكت حولها على مدار تاريخها، لكنها استطاعت بفضل أبنائها أن تحافظ على وحدتها، وهنا تتقاطع نوعية الدراما التليفزيونية التى تقدمها المجموعة المتحدة، فليس التاريخ القديم فقط فحسب هو ما تقدمه، بل تقدم مجموعة أخرى تجسد تأريخ المعاصر والراهن منها مسلسل "هجمة مرتدة" والذى يعيد الضوء إلى أعمال درامية افتقدناها كثيرا منذ رحيل الأديب الكبير صالح مرسى، والتى تناقش قصصا من ملفات "المخابرات المصرية" على غرار "رأفت الهجان" و"دموع فى عيون وقحة"، حيث تقدم "هجمة مرتدة" عن قصة من االقصص المخابراتية المصرية ونجاحها فى مواجهة الأخطار التى تحيك بالوطن، من بطولة النجم أحمد عز وهو يقدم شخصية "سيف العربى" أحد رجال المخابرات المصرية، وهو يحاول استعادة مكانته للعمل من جديد.
والمجموعة المتحدة نجحت فى إعادة الاهتمام بالدراما الرمضانية، فمواقع التواصل الاجتماعى أصبح لا حديث يعلو على صوت "مسلسلات المجموعة المتحدة"، حيث انهالت الإشادات من رواد مواقع التواصل بالعمل الدرامى الجديد، وأشاد الكثيرون بتقديم أعمال درامية هادفة تلقى الضوء على قصص حقيقية وتحكى بطولات المصريين على اختلاف العصور، فمن "الملك" إلى "الاختيار 2" لـ "هجمة مرتدة" تقدم "المتحدة" وجبة درامية وطنية دسمة.
المتحدة أيضا لم تنسى الدراما الاجتماعية، ودورها الهام فى بناء المجتمعات الحديثة، فتقدم عددا من الأعمال الاجتماعية، فتعيد النجم يحيى الفخرانى إلى سباق مسلسلات رمضان من خلال مسلسله الجديد "نجيب زاهى زركش" تتناول علاقة الأب بأبنائه وعلاقة الأبناء بالآباء، كذلك تعيد الضوء إلى رائعة الأديب العالمى نجيب محفوظ "بين السماء والأرض" ولكن بروح عصرية ونكهة جديدة تعيد الروح لأعمال أديب نوبل الخالد.
وفى النهاية فإن الدراما التى تقدمها "المتحدة" تبرز أهدافا سامية ونبيلة تجعل مشاعر المشاهدين تمتزج بالفرح والحزن وترسم على وجوههم الفخر، وتجعلنا جميعا نعتز ونفخر بأبطال لم يتوانوا فى تقديم الغالى والنفيس من أجل مصر، وتثبت يوما بعد يوم أن الدراما مرآة الشعوب، والمؤرخ المنصف، والموثق العادل، القادر على حفر الروح القومية إعادة هويتنا الوطنية فى مخيلتنا الجماعية وذاكرة الفنية العظيمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة