على طريقة فيلم The Queen's Gambit، وبطلته أنيا تايلور جوي الحاصلة على جائزة جولدن جلوب، والذى يدور حول احتراف طفلة للعبة الشطرنج في سن التاسعة حتى أصبحت أشهر لاعبى اللعبة الفردية حول العالم، تبرز في الواقع تجربة شبيهة بعض الشىء، وبطلها طفل يدعى "سيراس بيابيت"، الذى ربما لا يكون اسمه مشهورًا على قدر كافٍ، لكن يمكن توصيفه بأنه مستقبل لعبة الشطرنج فى العالم، رغم أن عمره لا يتجاوز 13 عاما.
ويبدأ "سيراس" يومه بالتجول حول منزله صباحا، ثم الاعتكاف حول رقعة الشطرنج، يدرس كل الحركات الممكنة، ويجرب الحركات الافتتاحية، بهدف واحد "كيف يربك حسابات الخصم؟"، والطفل ذو الشعر القصير يرى فى نفسه لاعبا ماهرا، ويريد بكل وضوح أن يصبح "بطلا"، بل أستاذا كبيرا فى لعبة الذكاء التى تجذب الكثير من المحبين حول العالم.
سيراس بيابيت
ويسمح لـ37 لاعبا فقط أن يطلقوا على أنفسهم لقب "الأستاذ الكبير" فى الشطرنج، فى مقدمتهم النرويجى ماجنوس كارلسن، صاحب الـ30 عاما، بطل العالم وربما أفضل لاعب فى التاريخ، وذلك وفقًا لما نقلته "العين الإماراتية"، عن "دير شبيجل" الألمانية.
ويريد "سيراس" أن ينضم إلى نادى العمالقة، لكنه يبدو أن الحظ ظلمه كثيرًا، فلولا جائحة فيروس كورونا وتوقف المنافسات، لكان بإمكان الطفل العبقرى جمع نفس عدد نقاط ELO التى جمعها بطل العالم "كارلسن" فى نفس عمره، ونقاط ELO هى مقياس مستوى مهارة لاعبى الشطرنج، وتحسب من عدد مرات الفوز فى منافسات اللعبة.
ووفق "دير شبيجل"، يعتقد مجتمع الشطرنج الألمانى أن سيراس "طفل معجزة"، ويعلق عليه آمالًا كبيرة فى تحقيق إنجازات غير مسبوقة، والطفل سيراس من أصول هندية، لكنه يتحدث الألمانية بطلاقة، خاصة أنه جاء رفقة أسرته إلى ألمانيا منذ 4 أعوام، حيث شغل الأب منصبا رفيعا فى شركة كمبيوتر فى ضواحى هانوفر.
سيراس بيابيت يجلس أمام رقعة الشطرنج
وتقول "سيمثا" والدة الطفل، إن "العائلة فكرت كثيرا فى العودة إلى الهند، لكنها قررت فى النهاية البقاء هنا لأن الفرص المتاحة لسيراس كلاعب شطرنج أفضل فى ألمانيا"، وكانت مباراة قوية، خاضها سيراس، فى أكتوبر 2019، بمثابة أمرًا حاسمًا لقرار العائلة من أجل البقاء فى ألمانيا، حيث واجه سيراس، البالغ من العمر 11 عاما - آنذاك - البطل الألمانى الكبير دينيس أبيل، البالغ من العمر 31 عاما، فى الجولة الرابعة من بطولة المنطقة، فى مواجهة استمرت ما يقرب من 5 ساعات.
ويتذكر أبيل هذه المباراة، قائلا: "لعب سيراس بسرعة غير معتادة وحركات متسقة، ولاحظ أصغر الأخطاء والتفاصيل"، وتابع: "استخدمت حيلا كثيرة لهزيمته وهو يصغرنى بـ20 عاما.. لكن بالتأكيد لن أكون قادرا على تكرار ذلك اليوم".
ونتيجة لأداء سيراس الكبير، تواصل "أبيل" معه بعد المباراة وعلم أنه لا يملك مدربا، لذلك قرر أن يكون مدربه منذ هذا الحين، فيما بدأت رحلة سيراس، فى عيد ميلاده الخامس، عندما وجدت الأم لعبة ذات وجهين، وجه للشطرنج، والآخر للعبة الداما، فقررت شراءها لابنها.
وفى أول 3 شهور، كانت الأم هى مدربة سيراس، فى لعبة الشطرنج، علمته فكرتها وكيفية التحرك، ثم بدأ الطفل العزف المنفرد على رقعة الشطرنج، وشارك "سيراس" فى بطولة تحت 9 سنوات، وهو فى الـ5 والنصف من عمره، وكان يتدرب بشكل مفرط بمفرده.
وبعد 7 سنوات ونصف من هذه الواقعة، يجلس سيراس، اليوم، أمام مدربه فى مكالمات فيديو أكثر من مرة أسبوعيًا، وأحيانا لا يستخدم رقعة شطرنج فهو يحفظها عن ظهر قلب ويقيم الحركات والمواقف المحتملة فى "ذهنه".
ويتدرب سيراس فى الوقت الحالي، 40 ساعة فى الأسبوع، ويكون أحيانا جالسا وأحيانا واقفا، فيما يطوى أصابعه بشكل غريب على رقعة الشطرنج أو يدفع رأسه إلى مواجهة شاشة الحاسب اللوحى لدراسة التحركات المحتملة.
وكان "سيراس" يعانى من حركة زائدة فى طفولته، لكن الشطرنج جعله أقل نشاطا بدنيا، وعندما ينغمس فى اللعب ينسى أى شيء آخر، كما لا يبدو أن "سيراس" أنانيا، فهو ذكى وودود دائما، ويهوى قراءة القصص المصورة والروايات، وقبل كورونا، تمكن المراهق من قراءة كل الكتب الإنجليزية فى مكتبة مجاورة للبيت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة