"دبلوماسية الهوية".. كيف نجحت الجامعة العربية في استقطاب القوى الدولية من رحم الأزمات؟.. الصين وأوروبا تسعيان لدعم نفوذهما عبر الكيان المشترك من خلال "كورونا".. وروسيا تراه "بوابة" الاحتفاظ بالنفوذ في المنطقة

الخميس، 25 مارس 2021 12:00 م
"دبلوماسية الهوية".. كيف نجحت الجامعة العربية في استقطاب القوى الدولية من رحم الأزمات؟.. الصين وأوروبا تسعيان لدعم نفوذهما عبر الكيان المشترك من خلال "كورونا".. وروسيا تراه "بوابة" الاحتفاظ بالنفوذ في المنطقة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حالة من التنافس الدولى، خلقتها العديد من المستجدات العالمية، في السنوات الأخيرة، في ظل إرهاصات تنم عن ميلاد نظام جديد، يفرض قواعده على المجتمع العالمى، مما ساهم بصورة كبيرة في حالة من الاستقطاب، بين القوى المتنافسة، لفرض نفوذها في العديد من المناطق حول العالم، عبر التقارب مع القوى الإقليمية البارزة، وهو ما يبدو في التنافس الكبير بين الولايات المتحدة، وروسيا على النفوذ في أوروبا الغربية، وكذلك المساعى الأمريكية للهيمنة على آسيا على حساب الصين، ناهيك عن المنافسة الكبيرة على منطقة الشرق الأوسط، باعتبارها أكثر المناطق التهابا، والتي تعد السيطرة عليها بمثابة "كلمة السر" للصعود إلى عرش النظام الدولى، في المستقبل القريب.

ولعل الحديث عن الشرق الأوسط، ينبغي أن يتناول مسارين متوازيين، أولهما القوى الإقليمية، والتي تسعى لفرض نفوذها في ظل منافسة شرسة بين الهوية العربية، وغيرها من الدول الأخرى، والتي سعت إلى تقديم نفسها كـ"أداة" للولايات المتحدة، وحلفائها من دول المعسكر الغربى، لتحقيق رؤيتهم، عبر تنفيذ ما يسمى بـ"الشرق الأوسط الجديد"، وهى الخطة القائمة على تقسيم المنطقة إلى دويلات، تساهم في تفكيك القيادة العربية لها، لصالح القوى غير العربية، من جانب، بينما يبقى المسار الأخر متجسدا في الكيان العربى المشترك، وهو جامعة الدول العربية، باعتباره الآلية التي يمكن من خلالها الاحتفاظ بالهوية وحمايتها في مواجهة "طوفان" شرس من المؤامرات من شأنه تقويض الهوية، والعمل على استبدالها بروابط أخرى، على غرار الدين، بهدف الاندماج مع الدول العربية ثم الاستيلاء على زمام القيادة الإقليمية منها.

وهنا تولدت حالة من الاستقطاب بين القوى الدولية، في التعامل مع المنطقة، ففي الوقت الذى اتجهت فيه واشنطن نحو التقارب مع الدول بصورة فردية، عبر استخدام لغة المصالح المشتركة، بعيدا عن المصلحة الكلية، مما يساهم في إحداث قدرا من الانقسام، يصب في صالح الحلفاء الإقليميين الجدد، نجد أن قوى أخرى، على غرار الصين وروسيا سارت على المسارين معا، عبر التقارب مع الدول بصورة فردية، بينما لم تهمل علاقتها مع الكيان المشترك، والذى يتجسد في جامعة الدول العربية، باعتبارها المدخل الذى يمكن من خلاله الحصول على ثقة القوى الرئيسية في المنطقة.

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط

من جانبه يقول الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن المنافسة بين القوى الكبرى ستكون من أهم سمات العلاقات الدولية في المرحلة المُقبلة إن لم تكن أهمها، حيث لن تكون منطقة أو إقليمٌ بمنأى عن هذه المنافسة الشرسة، وستحتاج القوى المتوسطة والصغرى إلى استراتيجيات مختلفة ومبتكرة للتعامل مع واقع عالمي يختلف كثيراً عما عهدناه خلال السنوات الثلاثين الماضية.

وأضاف، في كلمة ألقاها عبر تقنية "الفيديو كونفرنس" لمنتسبى كلية الدفاع الوطني بسلطنة عمان تحت عنوان "نظرة على المستقبل العالمي والعربي" الثلاثاء، أن بناء القوة الذاتية العربية، وتعزيزها بالتحالفات وعلاقات الصداقة تظل السبيل الأكثر نجاعةً لتعزيز الأمن القومي العربي في زمن يتسم بالسيولة الشديدة على الساحة الدولية.

ويعد التقارب الذى آثرته كلا من الصين وروسيا مع جامعة الدول العربية متوائما إلى حد كبير مع طبيعة المرحلة الراهنة، التي يشهدها النظام الدولى، والتي تتجلى في صورة الأزمات المستحدثة التي يشهدها العالم، وفى القلب منه منطقة الشرق الأوسط، بعيدا عن الصورة النمطية، والتي اتسمت بطبيعتها الصراعية التقليدية، سواء أهلية (بين الفرق المتحاربة داخل كل دولة)، أو بينية (نتيجة خلافات بين الدول)، حيث تجاوزت الأزمات الجديدة الحدود الجغرافية والزمنية المعتادة، على غرار أزمة تفشى فيروس كورونا، والتى لم تنجح إمكانات دول العالم المتقدم، سواء المادية أو العلمية في تجاوزها، بينما مازال من الصعب التنبؤ بزمن محدد يمكن ان تنتهى خلاله.

اتفاقات بين الجامعة العربية والصين من رحم كورونا
اتفاقات بين الجامعة العربية والصين من رحم كورونا

الصورة الجديدة للأزمات التي يشهدها النظام الدولى، ربما دفعت بقوة نحو التقارب مع الكيانات الجمعية، عبر دعمها، لتكون الوسيلة التي يمكن من خلالها اختراق الأزمات داخل الدول الأعضاء فيها، ومعالجتها، وهو ما يبدو، على سبيل المثال في التعاون الكبير بين الصين وجامعة الدول العربية، وهو ما بدا في قيام بكين بتقديم شحنة من المستلزمات الطبية، وتحتوى على كميات من لقاح "سينوفارم" الصينى، كمنحة تعكس قوة العلاقات، والرغبة في تطويرها في المستقبل.

الأمر نفسه ينطبق مع كيانات أخرى، كالاتحاد الأوروبى، والذى حرص على تقديم خبراته للجامعة العربية، في صورة اجتماعات وورش عمل، من شأنها مساعدة الدول العربية على تجاوز الأزمة، ولكن من خلال الكيان الجامع باعتباره "بيت الأمة"، وكذلك اليابان التي حرصت على التعاون مع المنظمة الإقليمية، فيما يتعلق بمسألة التحول الرقمى، في ظل الحاجة الملحة لتحقيق طفرة تكنولوجية يمكنها المساهمة في تجاوز التحديات التي باتت تخلقها الأزمات الجديدة، والتي تحمل أبعادا غير محدودة، وبالتالي يتطلب علاجها وتجاوزها المزيد من الوقت.

تعاون عربى يابانى فى مجال التحول الرقمى
تعاون عربى يابانى فى مجال التحول الرقمى

ولم تتوقف مساعى القوى الدولية الكبرى نحو التقارب مع الجامعة العربية، في إطار حالة المنافسة الدولية الراهنة، على الصين واليابان، والاتحاد الأوروبى، وإنما تتواجد أيضا روسيا بقوة، على خط العلاقة مع المنظمة الإقليمية، في ظل العديد من المعطيات، والتي لا تقتصر في نطاقها على الأزمات المستجدة، على غرار كورونا، وإنما أيضا من خلال مواقفها المسبقة تجاه العديد من قضايا منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها الصراع العربى الإسرائيلي، والأزمة السورية، بالإضافة إلى الحرب على الإرهاب، فى إطار الدور الذى لعبته موسكو في الحرب على التنظيمات الإرهابية في سوريا.

روسيا تبقى أحد الدول التي تسعى لتحقيق توافق مع العرب، عبر الكيان الجامع، للاحتفاظ بدورها في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يبدو على سبيل المثال في الدعم الذى تقدمه موسكو للمواقف التي تتبناها الجامعة العربية، تجاه العديد من القضايا، وهو ما يمثل اعترافا ضمنيا بأهمية الدور الذى تلعبه والمكانة التي تحظى بها، حيث يبقى القيام بدور مؤثر في الشرق الأوسط، وفى القلب منها المنطقة العربية، مرهونا في جزء كبير منه بمباركة المنظمة الإقليمية

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة