سلط مرصد الأزهر لمكافحة التطرف الضوء على جهود المرأة العربية في مكافحة التطرف، حيث أختار المرصد في تقريره ثلاث نماذج نسائية ذات تأثير على رأسهم الدكتورة عبلة الكحلاوى، الداعية التي رحلت عن عالمنا في شهر يناير الماضى، بالإضافة إلى "لطيفة بن زياتن"، وهي امرأة فرنسية من أصول مغربية تبلغ من العمر (61) عامًا، برزت في مكافحة التطرف ونشر التسامح من خلال إنشائها جمعية "عماد من أجل الشباب والسلام"، كذلك سلط التقرير الضوء على الدكتورة "فاطمة السالم"، الأستاذة بكلية الإعلام بجامعة الكويت.
المرصد أكد فى بداية تقريره، أن التطرف والإرهاب تنبذه جميع الأديان السماوية، فضلًا عن الإسلام الذي نهى عن التطرف والغلو في غير نص قرآني أو نبوي، ومنها قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: 77]، وقرَّر الإسلام أن التطرف فى الدين به مشقة تتعارض مع تعاليم الإسلام الذى يدعو إلى اليُسر ورفع الحرج، قال تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ} [الحج: 78].
وتعتبر المرأة من العناصر الأكثر تأثيرًا فى المجتمع؛ نظرًا لما تملكه من دور اجتماعيّ مميز، وما تتمتع به من صفاتٍ لا توجد في شقيقها (الرجل)؛ وقد كان لها دور فعَّال في المجال العلمي، والسياسي، والاقتصاد منذ الرعيل الأول، فالمرأة شريك أصيل في مواجهة كل السلوكيات التي لا تنتمي إلى الإسلام ، وتتنافى مع الفطرة، وتتعارض مع روح التسامح؛ لا سيما مع ما أصاب المجتمعات من داء التطرف والإرهاب في العصر الحالي.
الدكتورة "فاطمة السالم" نموذجاً
وقال المرصد : لو سلَّطنا الضوء لإبراز دور المرأة العربية في مواجهة التطرف والإرهاب، فإننا سنجد نماذج مشرفة لنساءٍ فضليات تصدين للإرهاب والتطرف، سواء من الناحية الفكرية أو الميدانية؛ فمن الناحية الفكرية برزت الدكتورة "فاطمة السالم"، الأستاذة بكلية الإعلام بجامعة الكويت، في مكافحة التطرف من خلال تقديمها الكثير من الدراسات التي تركز على مواجهة التطرف، ومشاركتها المثمرة في محاضرات دولية، سلَّطت الضوء من خلالها على دور الإعلام الإلكتروني في محاربة الإرهاب، حتى تبوأت مقعدًا ضمن المراتب الثلاثة الأول في مبادرة تحدي الإرهاب والتطرف العنيف عام 2016، والتي تُقام برعاية إدارة التعليم والعلاقات الثقافية في الخارجية الأمريكية.
لطيفة بن زياتن
ومن الناحية الميدانية فقد نشطت السيدة "لطيفة بن زياتن"، وهي امرأة فرنسية من أصول مغربية تبلغ من العمر (61) عامًا، برزت في مكافحة التطرف ونشر التسامح من خلال إنشائها جمعية "عماد من أجل الشباب والسلام"، والتي تقوم هي والمتطوعون من خلالها بزيارة المدارس، والسجون، والأحياء المهمشة، والجمعيات، لتوعية الشباب ومنع تطرفهم، منذ اغتيال ابنها "عماد" في مدينة تولوز جنوب فرنسا، على يد المتطرف محمد مراح في 11 مارس 2012.
وتقديرًا لمجهوداتها ونشاطها، تسلمت السيدة لطيفة، في الرابع من فبراير المنصرم، جائزة الشيخ زايد للأخوة الإنسانية، في (أبو ظبي) بدولة الإمارات الشقيقة، خلال حفل افتراضي مع الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش".
وقالت خلال الحفل: "أنا سعيدة وأفتخر جدًا بحصولي على جائزة زايد للأخوة الإنسانية، وأعتبر أنّ العالم في حاجة ماسة ليتمعن في المعاني والرسائل التي تبعثها هذه الجائزة من دعوة إلى السلام والتسامح والحب التعايش والأخوة، وأدعو من خلالها كلَّ شخص لبذل ولو خمسة بالمئة من طاقته، لتكريس هذه القيم والمبادئ في المجتمع، وأنا من جانبي تحفزني هذه الجائزة على الاستمرار في عملي وفتح أبواب الأمل في وجه الشباب الذي هو في حاجة للمساعدة".
الدكتورة عبلة الكحلاوى
وقال المرصد : في ضوء حديثنا عن دور المرأة في مكافحة التطرف كان لزامًا علينا أن نذكر من جاهدت بالكلمة والقلم، ونشرت التسامح والتعايش وصحيح الدين، الأزهرية المخلصة، الراحلة صاحبة الوجه الصافي والقلب الطيب الفقيهة الأستاذة الدكتورة الأزهرية عبلة الكحلاوي، وذلك من خلال مؤلفاتها وبرامجها والتي منها: "في حب المصطفى" و"مودة ورحمة"، و"فقه المغتربين".
ومن هنا يرى المرصد أنّ مما يجب الاهتمام به زيادة مشاركة المرأة في وضع وتنفيذ ومراقبة وتقييم الاستراتيجيات التي تقوم على تفتيت الفكر المتطرف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة