- راتبي في الاتحاد كان 4 جنيهات.. وأبويا باع فدان أرض عشان يشتريلي عربية
- نظام الاحتراف أفسد الكرة المصرية..
- الأهلي والزمالك متهمان بتفريغ الأندية من النجوم.. وبيراميدز "عمره قصير"
- المعلقون الرياضيون سبب التعصب الجماهيري.. والسوشيال ميديا "إرهاب"
- الإعارات نظام فاشل لأن "الشاطر ميربيش لغيره".. وحزين على الإسماعيلي
- الاتحاد السكندري يفتقد مقومات البطولة.. والـ"var" في مصر "ع الكيف"
قبل سنوات قال المؤرخ هنرى كسنجر إن التاريخ هو ذاكرة الأمم، ومعمل لتجارب البشرية يحفل بمعادلات النجاح لمن يحسن صياغتها، وأسطورة الاتحاد السكندري عبد الفتاح الجارم ممن أحسن صياغة التاريخ، فعاش طويلا في ذاكرة الكرة المصرية، ومازال حيا تستدعيه الأذهان كلما رحلنا في أعماق الماضي، ذاك الشاب اليافع الذي دخل كل بيت، في عصر لم يكن فيه إنترنت ووسائل تواصل، وصارت موهبته زاد كل لسان، الزملكاوية أحبوا حسن شحاتة والجارم، والأهلاوية عشقوا الخطيب والجارم، لكن شعب الإسكندرية تلك البقعة الساحرة في شمال مصر، لم يفسحوا في قلوبهم مكان لشخص آخر، غير الجارم، وفي رحلتي داخل أعماقه، أزهرت العديد من الذكريات.
استدعيت الهتاف الشهير لجماهير الاتحاد السكندري تجاه نجمها الأول والأشهر عبر التاريخ عبد الفتاح الجارم "يلا يا جارم صحي النوم، حط الكورة جوه الجون"، وأنا أحضر لهذا الحوار، لكنى توقعت أن يراوغني الجارم بإجاباته كما كان يراوغ منافسيه بالكرة، فالحوارات مع الأذكياء دائما مرهقة لأمثالنا.
حاولت أتحسس مدخلا للجارم قبل محاورته، هل أبدأ بذكريات الماضي الذي كان أحد نجومه؟!، أم أبدأ بأحوال الكرة المصرية وهو أحد المهمومين بها؟!، لكني وجدته شخصا تنساب معه القصص، ويفتح قلبه دون تردد ولا حسابات، لا يخشى إلا ضميره، ولا يراقب سوى أمانة الكلمة التي يلفظ بها.
الجارم نجم الاتحاد السكندرى السابق
- سألته عن بداياته فقال:
** كنت لاعبا في فريق المندرة حتى سن 15 سنة، وقتها كان هناك كشاف لاعبين في الاتحاد السكندري أسمه "عم ورداني" اكتشف موهبتي ورشحني للاتحاد، وهناك بدأت مسيرتي، كنت ألعب في فريق 16 سنة و18 سنة في نفس اليوم، وكنت أتغذى على سندوتش يصرفه لنا النادي، وكوب لبن، بين المباراتين، وكنت أسجل 50 هدفا في الموسم على الأقل.
- كنت تتقاضى راتبا كبيرا إذن؟
** انتقلت للاتحاد دون مقابل، وكان راتبي الشهري في سيد البلد 4 جنيهات، لن تصدقني إذا قلت لك إن مكافأة الفوز في المباراة تعادل ثلاثة أضعاف راتبي وقتها، كان زملائي في الأهلي في نفس الوقت يتقاضون 30 جنيها شهريا.
الجارم نجم الاتحاد السكندرى السابق
- وهل لم تنشغل بهذا الفارق الكبير في الرواتب؟
** نحن جيل تربى على القناعة، لم تشغلنا الأموال مطلقا، كنا نلعب الكرة لنسعد بها الجماهير فقط، الكورة كانت للجماهير في جيلنا، الآن الكرة تحولت لاستثمار، والاستثمار أفقد الكرة هدفها ومتعتها وهويتها.
- ومن المسئول عن هذا التحول فى رأيك؟
** الجوهري لأنه دون قصد قرر تطبيق نظام الاحتراف، هو حاول أن يطبق نظام متبع في أوروبا والدول المتقدمة، لكن شتان الفارق بينا وبينهم، ما ينجح هناك ليس بالضرورة أن ينجح هنا,
- هل لذلك علاقة أسعار اللاعبين؟
** بالطبع
- ما تعليقك عليها ؟
** الأسعار في مصر مبالغ فيها جدا، لا يمكن أن يكون هناك لاعبون بهذا المستوى المتدني وأسعارهم تتجاوز الثلاثين مليون جنيه، كيف ولماذا؟ وماذا قدموا لأنديتهم بهذه المبالغ.. هناك خلل غير معروف.
الجارم نجم الاتحاد السكندرى السابق
- لكن هناك لاعبين قيمتهم أعلى، مثل حسين الشحات ورمضان صبحي مثلا؟
** مفيش لاعب في مصر حاليا يستحق 5 ملايين جنيه، أنا لو كنت رئيس نادٍ لا أشتري رمضان صبحي أو حسين الشحات بأكثر من خمسة ملايين جنيه على أقصى تقدير.
- هل الأهلى كان محقا حينما رفض ابتزاز رمضان صبحي؟
**يؤسفنى أن أنتقد رمضان صبحي وهو زوج أبنة صديقى المقرب إكرامي، لكنها غلطة العمر لرمضان، عاجلا أم أجلا سيندم عليها، الأهلي لا يُباع بمال الدنيا، والأندية الجماهيرية ستبقى مهما دار الزمن.
- بيراميدز دفع له لبناء فريق قوي؟!!
** بيراميدز مشروع رياضي عمره قصير، إذا كان مبدأ الحياة البقاء للأقوى، ففى الكرة البقاء للأندية الجماهيرية العريقة، وماذا يفعل رمضان إذا قرر رئيس النادي في الصباح، تصفية المشروع وتسريح اللاعبين!.
- لكن بيراميدز فعل مع الأهلي والزمالك ما فعلاه فى الماضي مع الأندية الأخرى؟
** لو تقصد تفريغ الأندية من اللاعبين! .. أنا أتفق معك، الأهلي والزمالك متهمان بإغراء نجوم الأندية الأخرى، هذا سبب اختفاء أندية عريقة مثل الأولمبي والمنصورة وسبب رئيسي أيضا فيما يمر به الإسماعيلي من كبوة.
- هل ترى علاقة بين ذلك وما يمر به الإسماعيلي الآن؟
** هو باهر المحمدي هيعرف بلعب كورة تاني بعد ما اتلعب في دماغه!!، الإسماعيلي أكثر الأندية التي تضررت من سياسة القطبين بإغراءات النجوم للرحيل، حتى لو الصفقة فشلت، تحدث شرخا فى علاقة اللاعب بالجماهير.
- عن أى شرخ تتحدث تحديدا؟
** في الماضي كانت العلاقات بين اللاعب تتوتر وسرعان ما تعود لطبيعتها، لكن الآن السوشيال ميديا تؤثر على اللاعبين، نجد حملات ممنهجة ضد لاعب أو مدرب أو حتى رئيس نادي، أتعجب من ترك الناس تشتم وتهين بحجة حرية الرأي، لابد أن تتدخل الدولة وتوقف هذا الهزل والتهريج.
- هل السوشيال هى المتهم الوحيد؟
** بصراحة وأتمنى ألا يثير ذلك غضبهم، أعتقد أن أول المتورطين فى ذلك الآن هم المعلقون الرياضيون، المعلق وظيفته التعليق على الحدث لا تحليله، ليست منصة رأى مستباحة لرأيك وانتمائك، غياب المهنية جعلت بعض المعلقين ينفخون في النار من دون أن يشعروا بجريمتهم، يجب أن يتعلم الجيل الحالي من أباطرة التعليق حتى يتقنوا مهنتهم، ويؤدوا أمانتهم، ويتركوا بصمة تعيش مع الجماهير.
- بالعودة للاتحاد السكندري.. كيف ضحى البابلي من أجلك؟
** مش بقولك كان بينا حب، وكان الواحد ممكن يُفضل مصلحة زميله على نفسه، البابلي ده كان أكبر مني بثلاث سنوات، وكان يلعب بكلتا قدميه مع الاتحاد والمنتخب، وأنا كنت أعسر القدم ولما أتيحت لي فرصة الانضمام للمنتخب كان العائق أمامي أن الجناح الأيسر هو البابلي، لكنه اقترح على المدرب ان يغير مركزه ليلعب في الجناح الأيمن، ويترك لي مركزه لأنه يناسبني بشكل أكبر.
- ومن هو اللاعب الأمهر في جيلك؟
محمود الخطيب دون منافس.
- ومن الحارس الذي استفز الجارم؟
** إكرامي كان صديقي المقرب، لكن في مباريات الأهلي والاتحاد كان بيطلعلي لسانه ويستفزني، بس بعد الماتش خلاص نرجع أصحاب وحبايب، وثابت البطل أيضا كان يستفزني، في مباراة بيننا لم لم يشكل الاتحاد أي خطورة على الأهلي ولم نهدد مرماهم بنصف فرصة حتى جاء إلى ثابت البطل وقالي "إيه يا جروم أنا بردت، قولتله هجيلك بواحدة دلوقتي بس انت تسد"، وبالفعل انفردت به وراوغته وتحصلت منه على ضربة جزاء.
- بماذا فكرت حينما فزت بالكأس أخر مرة فى تاريخ الاتحاد على حساب الأهلي؟
** فعلا في منتصف السبعينات حرمتهم من الكأس، وحصلت على مكافأة مائة جنيه، كان مبلغا وقتها، وسجلت فيهم هدف الفوز وهى واحدة من أفضل مبارياتي.
- من كان اللاعب الذى تخشى تدخلاته من لاعبي الأهلي؟
** حسام البدري كان "غشيم" فعلا.
- وهل تعتقد بوجود اللاعب المؤذي؟
لا يمكنني القول بذلك، هناك لاعبون مندفعون فى تدخلاتهم، لكن نية الإيذاء من عدمها يعلمها الله.
- بعد الاعتزال.. لماذا لم تصنع أسطورتك في التدريب كما كنت لاعبا؟
** أنا أعشق الناشئ، أحب بناء أجيال وتستهويني المواهب الصغيرة للعمل عليها وتنشئتها بشكل مميز، تقدر من خلال العمل معاهم تخدم بلدك بأجيال تاريخية.
الجارم نجم الاتحاد السكندرى السابق
- هل تهدف لذلك مع الاتحاد الآن وأنت مدرب للبراعم؟
** عندي أكثر من 150 موهبة فى البراعم بعد أقل من 15 سنة هتشوفهم قوام المنتخبات الوطنية، الاتحاد فريق كبير يعشقه كل الإسكندرانية، في اختبارات الناشئين الأخيرة تقدم لنا 17 ألفا و200 موهبة، تخيل هذا الرقم وأنت تعرف قيمة الاتحاد لدى جماهيره.
- وهل تتلقى الدعم لتنمية هذه المواهب؟
**محمد مصيلحي يقدم دعما كبيرا، خاصة بعدما تولى ملف الناشئين الكابتن إمام محمدين، لكني أطالبه بالمزيد لأن لدينا مواهب تستحق.
- هل يعني ذلك أن الاتحاد سيأتي يوم ولا يجلب صفقات من الخارج؟
** بالتأكيد، نحتاج بعض الوقت لتكوين هذه المواهب بشكل سليم، أنا صعبان عليا الاتحاد يدفع 3 ملايين جنيه لرزاق سيسيه في الموسم وهو إعارة، واصلا الإعارات نظام فاشل والشاطر "اللي ميربيش لغيره".
- ولماذا غاب الاتحاد عن منصات التتويج منذ 46 عاما؟
** ابحث عن الطموح!، جاءت إدارات كثيرة كان همها وشغلها الشاغل البقاء في الدوري، والاتحاد لن يحصل على الدوري في هذا الوقت، لأنه لا يملك مقومات التتويج بالبطولة، إذا كنت تستهدف البطولات يجب أن يكون لديك 18 لاعبا على الأقل في نفس المستوى.
- وكيف ترى التحكيم زمان ودلوقتي؟
** زمان كان التحكيم نزيه وشريف، دلوقتي التحكيم سيئ جدا، الحكم اللي ملعبش كورة مينفعش يبقى حكم، والمهنة دي مش بتيجي بالواسطة ولا المذاكرة لازم الحكم يكون لاعب كورة عشان ياخد قرارات مدروسة.
- حتى مع تقنية الفار ما زلت ساخطا عليها؟
** الفار في مصر بقى "ع الكيف"، وفيه قرارات الواحد بيقعد يضرب كف على كف ويحس أنها الكاميرا الخفية.
- وما السبيل لإصلاح الكرة المصرية؟
الإصلاح يبدأ من ضبط عملية الانتقالات أولا ثم تطوير باقي المنظومة.
- ماذا تقصد بضبط الانتقالات؟
** أقترح مثلا أن يكون لكل نادٍ عدد 5 صفقات في الموسم لحماية الناشئين من الضياع، كما أقترح الغاء فترة الانتقالات الشتوية، مينفعش لاعب يلعب فى موسم واحد 18 ماتش للاتحاد ويروح يلعب الـ18 ماتش الآخرين للأهلي مثلا!
- في النهاية.. ماذا ترك الجارم وراءه؟
** تاريخ راض كل الرضا عنه، وعلاقات طيبة مع الجميع، وسيرة طيبة على ألسنة الناس، أنا الأن جد وأستمتع بوقتي مع أحفادي، ومتعتي هي تطوير البراعم التي أشرف عليها في الاتحاد السكندري.