دائما ما تكون حوادث القطارات مؤلمة، وشديدة الوقع على المواطنين، خاصة مع وقوع ضحايا من الوفيات والمصابين، ومن أهم أولويات التعامل مع الكوارث، هو عمليات الإنقاذ بسرعة ونقل المصابين إلى المستشفيات، وتسهيل تقديم الخدمة الطبية من خلال طواقم طبية محترفة، وبعد ذلك التحقيق الموسع للتوصل إلى أسباب الحادث، فتصادم قطارى سوهاج، يعيد للأذهان ذكريات أليمة لحوادث قطارات شهدتها مصر على مدار عقود، خاصة أن عدد الشهداء والجرحى كبير، 32 شهيدا، وأكثر من 110 مصابين، وهو عدد قابل للزيادة.
ومع فداحة الخسائر فى الأرواح، تبدو الحاجة إلى التعامل بسرعة، من مختلف الجهات، وبالفعل تعاملت الدولة بسرعة مع حادث ضخم، ومنذ اللحظة الأولى، كلف الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الوزراء، ومعه وزراء التعليم العالى، والصحة والسكان، والتنمية المحلية، والنقل، والتضامن الاجتماعى، بالتوجه إلى مكان الحادث والإشراف على عمليات الإنقاذ والعلاج، وأرسلت وزارة الصحة مددا من الأطباء والمختصين للمعاونة فى علاج المصابين، ويفترض أن يتخذ كل وزير قرارا فى تخصصه، لتعويض أسر الشهداء والجرحى.
وفيما يتعلق بالتحقيق فى الحادث، قرر الرئيس تشكيل لجنة من: «هيئة الرقابة الإدارية، والهيئة الهندسية، والكلية الفنية العسكرية، وكلية الهندسة» للتحقيق، وكشف كل الملابسات الخاصة بالواقعة، والوقوف على الأسباب والمسؤوليات، وشدد الرئيس على أهمية «أن ينال الجزاء الرادع كل من تسبب فى هذا الحادث الأليم بإهمال أو بفساد أو بسواه، دون استثناء ولا تلكؤ ولا مماطلة»، وهو تصريح مهم، يضع الأمور فى نصابها، ومع توجه النائب العام بنفسه إلى مكان الحادث، وبيان النيابة للجهات المختلفة بعدم إصدار أى بيانات قبل إعلان نتائج التحقيقات، ينتظر المواطنون أن يتم تحديد الفاعل الأصلى للحادث، والفاعل هنا ليس فقط المهمل الصغير، ولكن أى مهمل فى منظومة الإدارة أدى بفساده أو إهماله لهذا الحادث.
الحادث ضخم وأليم، والتعامل معه من الرئيس والحكومة على مستوى الكارثة، ويتوقع أن تعلن اللجنة الفنية والنيابة العامة الأسباب، وتحدد المتسببين ليتم حسابهم بشكل رادع، مع ضرورة التزام المسؤولين بعدم مغادرة المكان من دون تحقيق الأمان للضحايا وذويهم، والتأكد من تلقى كل مصاب لحقه فى العلاج، وكل أسرة شهيد لتعويض لائق يتناسب مع حجم الخسارة المادية والمعنوية والإنسانية.
لقد كانت حوادث القطارات دائمان مؤلمة، والأكثر من آلامها هو شيوع الاتهامات، أو تقديم كبش فداء، لكن هذه المرة، نحن أمام تحرك قوى وجاد من الدولة، والرئيس، مع رغبة فى التوصل إلى أسباب الحادث بشكل حاسم، خاصة أنه يأتى فى وقت لم تتوقف عمليات التحديث والتطوير لوسائل الأمان سواء فيما يتعلق بالإشارات وأدوات التحكم، وغالبا ما تقع الأخطاء من نقاط ضعيفة أو إهمال، لكن هذا لا يحدث من دون وجود إهمال فى الإدارة، وهو ما ينتظر أن تتوصل إليه وتعلنه اللجان الفنية والنيابة العامة.
نحن أمام كارثة، استدعت تحرك الدولة لمواجهة تداعياتها وبحث أسبابها، والتخفيف عن أهل الشهداء، وعلاج الجرحى، وحساب المتسببين.