خلال اليومين الماضيين، جرت الكثير من التحركات على مستويات مختلفة من الدولة تجاه ما جرى من حوادث، أهمها الدفع نحو عدم تكرار هذه الحوادث مستقبلا، خاصة فيما يتعلق بحوادث القطارات، ومنذ اللحظة الأولى، قرر الرئيس تشكيل لجنة خبراء تبحث أسباب الحادث بشكل علمى، فضلا عن دراسة التقارير، التى سبق إصدارها بهذا الشأن، بجانب تحقيقات النيابة العامة.
وقد استمع الرئيس السيسى للنتائج، التى تم التوصل إليها وما يتعلق بالملابسات الأولية، وعلى الشق التقنى لحادث قطارى سوهاج، حسب ما أعلنه المتحدث باسم الرئاسة، وهو عدم تكرار تلك الحوادث مستقبلا، فى ظل ما يتم إنفاقه من مئات المليارات، لتطوير مرفق السكة الحديد.
وأشار إلى وجود عدة سيناريوهات عقب الحادث، أحدها إيقاف الحركة حتى يتم الانتهاء من منظومة التشغيل والأمان بالكامل ثم إعادة تشغيلها مرة أخرى، ولكن هذا السيناريو يصطدم بمئات الآلاف من المسافرين يوميا، تخدمهم خطوط السكة الحديد شمالا وجنوبا، وبالتالى فإن إيقاف الحركة يعطل هؤلاء الذين يعتبرون القطارات هى الأرخص والأكثر أمانا، مما يترتب عليه ضغط على باقى وسائل النقل والطرق، مما يمثل أعباء فى اتجاهات متعددة، وبالتالى ليس هناك مفر من العمل فى تركيب نظم الأمان الذكية، مع تحمل بعض المخاطر، والتعطيل المرتبط ببطء التشغيل حرصا على الأمان.
هناك أمل فى أنه بعد تركيب منظومة حديثة من جرارات وعربات القطارات يهدف إلى التحكم الآلى فى سرعة القطارات وأيضا نظام الإشارات، لكن الأمر بالفعل يحتاج أيضا إلى تطوير العنصر البشرى وتدريبه على التعامل مع المنظومة الجديدة، مثلما هو حادث فى مترو الأنفاق، حيث يتراجع العنصر البشرى لصالح العمل الأتوماتيكى والإلكترونى ضمن منظومة مترابطة ودقيقة.
وبالفعل، فقد أشار المهندس كامل الوزير، وزير النقل، إلى أن هناك مشكلة فى العنصر البشرى، حيث يجب الاعتماد على عنصر يستطيع التعامل مع الأدوات التكنولوجية الحديثة، وأنه جارى إعداد مجموعة من السائقين الحاصلين على دبلومات فنية.
لا يمكن تجاهل وجود ثغرات فى العنصر البشرى، وهو ما أشار إليه الرئيس فى كلمته، عقب الحادث «الإهمال والفساد»، وهى تتعلق بالعنصر البشرى، خاصة أن الدولة رصدت 225 مليار جنيه للقطارات، ومنها إنشاء شبكات حديثة.
ولا شك أن ضمان الإنفاق الجيد لهذه المليارات يستلزم وجود نظام تشعيل حديث ودقيق، وعنصر بشرى على مستوى عال من الكفاءة والاتقان، صحيح أن نظام التطوير يتضمن تركيب وتحديث الإشارات بشكل يقلل دور العنصر البشرى، لكن يظل استيعاب هذه التقنيات عاملا مهما فى التشغيل.
لقد طرح بعض الخبراء الاعتماد على خبرات أجنبية فى الإدارة، أو على الأقل فى التدريب، وكان الرد دائما هو أننا لدينا كفاءات فى هيئة السكة الحديد، ومعهد للتدريب يمكن أن يلعب دورا فى هذا النظام، ومعروف أن دول أوروبا تتبادل مثلا الخبرات، حيث يتفوق البريطانيون فى تشغيل القطارات، بينما يتفوق الألمان فى خبرات الضبط الذكى والتوقيت والطوارئ.
هناك إرادة فى ضبط السكة الحديد، والأهم، حسبما وجه الرئيس، هو ضمان أمان الركاب، وعدم تكرار مثل هذه الحوادث المؤلمة.