تمر اليوم الذكرى الـ53 على إصدار الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ما يعرف ببيان 30 مارس عام 1968، والذى صدر كوثيقة دستورية ترسم معالم المرحلة بعد هزيمة يونيو عام 1967، والذى كفل توفر الضمانات التى تكفل حرية التعبير والنشر والبحث العلمى والصحافة.
والبيان المعروف تاريخيا باسم "بيان 30 مارس"، بحسب الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى برنامجه "تجربة حياة": "كان تصورا لمستقبل يجىء وليس فيه عبد الناصر، وأنا سمعت منه كثيرا أن ميدان القتال سيعلم جيلا جديدا، وإضافة إلى تمرده سيعلمه أشياء كثيرة جدا أهم ألف مرة من كل اللى بتدرسوه فى الكتب والمحاضرات والمناظرات والندوات، وهذا الجيل حيرجع واكتسب قدرة تجعله يطالب بحق هو له".
ووفق مقال سابق للدكتور مصطفى الفقى، فإن بيان 30 مارس كان محاولة جادة للمراجعة الأمينة والتوصيف الدقيق للماضى والحاضر تمهيدًا للمستقبل حاول به عبد الناصر الإلحاح على تصحيح المسار والتأكيد على وجود أخطاء لا بد من علاجها وأوضاع أخرى يتعين إصلاحها، وقد تحول مجلس الوزراء فى تلك السنوات الصعبة إلى مركز لصنع القرار الرشيد فى ظل الظروف الكئيبة للنكسة والإحساس العام بالهوان حتى ثأر الجيش المصرى لشعبه وحقق نصرًا مجيدًا فى حرب ظافرة، وأنا شخصيًا ممن يتحمسون للإجراءات الإصلاحية المحسوبة بديلًا للخطوات الثورية غير المدروسة كما حدث فى تاريخنا وتاريخ غيرنا عبر السنين.
ويذكر كتاب "العصا والمطرقة.. صراع السلطة والقضاء" للدكتور ياس ثابت، أن البيان صدر فى لحظة حرجة بعد إصدار القضاء بيان فى 28 مارس عام 1968، يطلبون فيه بوجوب وضع قانون يأمن لجميع المواطنينن حرياتهم، ووجوب استقلال السلطة القضائية، والبعد بالقضاة عن كافة التنظيمات السياسية.
وبحسب المؤلف فإن القضاة كانوا يعلمون بأن الرئيس عبد الناصر على وشك إصدار قرار يتناول فيه أسباب هزيمة 1967، ويعرض فيه مجموعة من الإصلاحات الضروية لتخطيها، ومن ضمنها الالتزام بسيادة القانون فى الحكم، ويرى الكاتب أنه يبدو أن عبد الناصر رضخ فى إصدار هذا البيان لضغوط داخلية دفعته لتبنى نهج الإصلاح، على غير إرادة منه.
ويوضح المؤلف أن ما زاد الطين بلة هو أن القضاء خلال هذه المرحلة أخذ يصدر أحكاما غير مستقيمة مع هوى النظام، مثل براءة أسرة الفقى فى الجناية المعروفة بقضية "كمشيس"، وهنا وصلت الأمور إلى حافة الأزمة، فأطاح عبد الناصر العناصر الموجودة فى القضاء المناوئة له والرافضة لسياسته أو الراغبة فى فرض سياستها عليه، فكان قرار الذى صدر فى عام 1969، بتشكيل هيئة قضائية جديدة تعرف باسم المحكمة العليا، وكان الغرض منها قصر سلطة الرقابة على دستورية القوانين فى يد مجموعة من القضاة.
وبعدها أصدر قرار بإعادة تشكيل الهيئات القضائية والذى عزل بسبببه 187 عضوا من الهيئات القضائية من مناصبهم بالإحالة على المعاش أو النقل إلى وظائف أخرى بعيدا عن منصة القضاء، وقد هذا القرار تحديدا بمذبحة القضاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة