أحمد الطاهرى يكتب: الانتحار السياسى لوزير الدولة للإعلام.. لماذا أطالب بإقالته؟

الأربعاء، 31 مارس 2021 03:47 م
أحمد الطاهرى يكتب: الانتحار السياسى لوزير الدولة للإعلام.. لماذا أطالب بإقالته؟ أحمد الطاهرى رئيس تحرير مجلة روزاليوسف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد مطالبتى مساء الخميس الماضى بإقالة وزير الدولة للإعلام.. وكان إعلانى فى صيغة بيان تناقلته عدد من المواقع الإلكترونية.. وكان البيان موجها إلى السيد الدكتور مصطفى مدبولى متضمنا الأسانيد التى بنيت عليها هذه الوجهة من نظر أننا أمام نمط غير معهود على رجال الدولة المصرية وأن يصل الأمر من الوزير باستخدام أكاديمى لكى يدمر مصداقية الإعلام المصرى الذى يعاديه السيد وزير الدولة منذ اللحظة الأولى من توليه المنصب ويحاول جره إلى اشتباك جانبى فى ظل هذا التوقيت فهى كارثة أما الكارثة الأكبر هى المظلة الإخوانية الداعمة لهذا النسق الذى يستحق التصدى له ومواجهته، المظلة الإخوانية سواء كانت لجانا إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعى أو قنوات ومواقع إخبارية تابعة للجماعة وتنظيمها الدولى.. المطالبة وجدت صداها لدى مجلس النواب ولدى الوسط الصحفى والإعلامى.
 
فحق علينا توجيه التحية لهم جميعا، لكن قبل كل ذلك أكتب هذه السطور لكى أضع الحقائق كاملة أمام الرأى العام المصرى بعيدا عن خلط الحقائق والتزييف، لاسيما وقد منحنى إعلام الإخوان وصفا أعتبره فخرا عندما لخص هويتى الصحفية فى كونى من أذرع النظام، وبمعنى أوضح من (ميليشيات السيسى) هذا هو المصطلح الذى قاموا باستخدامه.. ولا أجد فيه أى غضاضة.. نعم لدينا قائد نقف جميعا إلى جواره ونقاتل معه لأن لديه مشروع وطنى نؤمن به.. وهو المشروع الوطنى الذى دفعنى قبل ثمانية سنوات للمطالبة بإقالة وزير الخارجية السابق نبيل فهمى عندما كنت مديرا لمكتب جريدة الوطن لدى واشنطن وجاء فهمى فى زيارة قبل الانتخابات الرئاسية المصرية بأسابيع قليلة وهناك اطلق التصريح الإذاعى الشهير عندما وصف العلاقة بين القاهرة وواشنطن (بالزواج) وكنت من انفرد بهذا التصريح، وطالبت من خلال حملة صحفية ضرورة إقالته احتراما للكبرياء الوطنى.. حسنا ما هى الأذرع التى كانت تحركنى وقتها؟ ومن دفع عنى حينها حملات صحفية مضادة كانت تدعم وجود الوزير السابق ؟ الأمر باختصار هو الدافع الوطنى .. ولا يعلم كثر أن الوزير نبيل فهمى كانت تجمعنى به قدر كبير من التواصل والاحترام المتبادل قبل هذا الموقف .. ربما منذ عمله سفيرا فى واشنطن قبل يناير 2011.. اكثر من ذلك عندما تولى وزارة الخارجية كنت على متن طائرة خاصة استقلها الوزير فى اول مهمة خارجية له وكانت وجهتها الى الخرطوم.
 
كل ما فى الأمر أننا تعلمنا من اساتذتنا فى هذه المهنة أن الصحفى لا يشتبك مع أشخاص لكن مع أفكار ومنطلقاته فى هذا الأمر هو مايؤمن به.. ومن هذا الإيمان تأتى الدوافع.
 
وفى السياق نفسه قدت حملة أخرى لإقالة الوزير زياد بهاء الدين، وكان وقتها نائبا لرئيس مجلس الوزراء والدكتور مصطفى حجازى مستشار رئيس الجمهورية الؤقت المستشار عدلى منصور، وذلك عندما علمت بتفاصيل جلسة قاما بحضورها نظمها أحد مراكز الأبحاث الأمريكية وكان فى حديثهم مايشكل خروجا عن الإجماع الوطنى الذى خرجت من أجله الملايين فى ثورة يونيو.. وحينها تخلى عنى الجميع بما فى ذلك الجريدة نفسها التى أعمل لديها وأكتب لها من واشنطن وكانت هذة الواقعة نقطة حسم فى علاقتى بها عند عودتى إلى القاهرة فى أغسطس 2014. وخرج نائب رئيس الوزراء وقتها فى احد البرامج الشهيرة ورفض الرد على ماكتبته بحجة ان الرد قد يعطى قيمة لهذا الصحفى .. يقصدنى .. وعندما حضر الى واشنطن .. كان هناك مسعى من سفارتنا لعشاء مشترك لإنهاء الخلاف ورفضت وواصلت الحملة ومعها ماكتبته نيويورك تايمز عنه ووصفها له بأنه (محامى المصالحة).
 
ترى ما هى الدوافع حينها .. إنها نفس الأسباب وهى الأسباب ذاتها التى تجعلنى متمسك بمطلب إقالة وزير الدولة للإعلام.. لكن ما من قصة إلا ولها جذور ولا من موقف إلا وله أبعاد وحق للقارئ أن يعرفه.
 
جذور أزمة وزير الدولة مع الإعلام، تعود إلى فترة توليه وزارة الإعلام بعد يناير 2011 .. حينها واجه قدرا كبيرا من الهجوم الإعلامى كان أحد أسبابه الواضحة يعود الى منافسات جيليه بينه وبين زملائه المنتمين الى نفس الدفعات فى الصحافة تقريبا .. والسياق الزمنى وقتها جعل من الإعلام قوة سياسية بسبب الاضطراب السياسى، كان خصومه الرئيسين من أبناء مهنته.. وأعداءه هم زملائه.
 
عاد مرة أخرى إلى مقعد الوزارة.. لكن بمحددات مختلفة وسياق زمنى مختلف.. ولم يستوعبه الوزير.. عاد وزيرا للدولة للإعلام وليس وزيرا للإعلام.. ولم يعد الإعلام قوة سياسية ولكن اصبح يقوم بمهمته فقط لأن الدولة عادت والمؤسسات بدأت تباشر مهامها .. عاد بمحددات دستورية توضح الصياغة للواقع الإعلامى المصرى المستند إلى تبعية إعلام الدولة إلى هيئات مستقلة وليس جهة حكومية، لأن ذلك سند دستورى لإعلام مستقل حتى وإن تباين التطبيق مع النص الدستورى بشكل لحظى الآن ولكنه حال الإعلام هنا حال قطاعات كثيرة ستطور من نفسها مع الضوابط الحاكمة لكل مرحلة تعيشها الدولة وتحدد تحدياتها والمسئوليات الملقاة على الإعلام.
 
هذا التكوين فى مجمله لم يدركه السيد وزير الدولة للإعلام ولكنه مضى فى الإتجاه المعاكس.. اصطدم مع الجميع، مع الصحافة، مع مقدمى البرامج مع الهيئات الإعلامية مع مجلس النواب، بل أكثر من ذلك مع الدستور نفسه الذى سعى ومازال لتطويع مواده او تجاهلها لفرض سيطرته على الإعلام وفى خضم هذا الجهد والعراك المستمر فقدنا ماكنا ننتظره من دور للحقيبة الوزارية المسئول عنها بأن يكون معبرا عن سياسة الحكومة التى ينتمى إليها.. أزمات متعددة كان حضوره وجوبيا واختار التفرغ لهذه الصراعات، والأزمة الأشهر وبالمناسبة كتبتها على صفحات مجلة روزاليوسف كانت تعقيد المشهد المجتمعى فى مسألة قانون الشهر العقارى، لأن القانون تم إقراره منذ أغسطس الماضى، ولم تقم الحكومة بدورها ممثلة فى وزارة الدولة للإعلام بالقيام بالحملات الإعلامية لشرح القانون قبل دخوله حيز التنفيذ والتزمت الصمت طيلة ستة اشهر إلى أن فوجئ الجميع وارتبك الرأى العام وفتح الباب على مصراعية للشائعات واستدعى الأمر تدخل السيد الرئيس لأنه يشعر بنبض الشارع.. مثلما يتدخل فى أزمات حكومية كثيرة مرجعها عدم توضيح الصورة للرأى العام تظل الأزمة محل تداول وتعتصرها الشائعات إلى أن يظهر الرئيس ويتحدث فيقوم هو بتولى تصفيتها بنفسه فى مجالات متعددة من التعليم إلى الصحة وصولا إلى قوانين تقدمها الحكومة إلى البرلمان وآخرها الجدل المصاحب لقانون الأحوال الشخصية.
 
كل من يعرفنى فى هذه المهنة التى أحترمها إلى حد التقديس.. يعرف ما أحمله من احترام لكل من يعمل بها أو عمل بها، وخاصة إن كان من جيل أكبر من جيلى الصحفى.. ولا يطغى الاختلاف السياسى على فضيلة الاحترام الجيلى.. ولم يكن بينى وبين وزير الدولة للإعلام سابق خلاف، بل على العكس كان السياق يحمل قدرا من الاحترام والرقى.
 
وحتى عندما خرج فى أكتوبر الماضى مبدلا المقاعد بأن قام هو بانتقاد الإعلام المصرى والصحافة القومية مخالفا قوانين وقواعد المهنة بأن الصحافة هى التى تنتقد السلبيات بهدف الصالح العام.. كان الأمر مجرد استغراب ليس أكثر.
 
ثم عندما تطول الأمر ولم يطق اثنان من الزملاء وهم الأستاذ خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع والدكتور محمد الباز رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة الدستور الأمر وقاما بانتقاد الوزير.. كان رده كارثيا.
 
قام الوزير حينها بكتابة سطور على صفحته الشخصية على موقع (فيس بوك) كسرت كل المعهود من أطر معروفة عن رجال الدولة وقال (صدرت الأوامر) بما عكس صورة بالغة السلبية للواقع فى مصر وهو ما استغله اعلام الإخوان واصبح ظهيرا اعلاميا للوزير فى اشتباكه مع اعلام بلده .. هنا بدأ الخلاف .
 
ولم يكن الخلاف سريا .. ولكن كان فى مكتب السيد الوزير وشهده عدد من الزملاء .. عندما ذهبنا بدعوة منه للحوار وشرح وجهة نظره حول هذة الأزمة.. حينها كان حديثى واضحا وهو أن ما قاله عن الإعلام لا يعنينى وكذلك رد الزملاء عليه لا يخصنى.. لكن ما يهمنى هو سوء إدارته السياسية لخلاف مع اثنين من الزملاء، وأنه ارتكن لإعلام الإخوان برحابة منه دون اعتراض أو تسجيل موقف ليكون العدو ظهيرا إعلاميا له.
 
وانتهى اللقاء ومعه جاءت دعوة تهدئة الأجواء من قبل الأستاذ كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام .. والجميع التزم.
 
بعدها ربما لم يجمعنى بالسيد وزير الدولة لقاءات إلا لو جاءت مصادفة فى مناسبات.. وإذا ماصادفته أبادله التحية البروتوكولية التى تفرض نفسها عند لقاء أحد أعضاء الحكومة المصرية مهما وصلت درجة الخلاف.
 
ولكن.. ومن دون مناسبة.. حتى ولو كان هناك سياق فرض نفسه على الإستنتاج لاحقا وهو أحاديث التعديل الوزارى.. فوجئ الوسط الصحفى والإعلامى بأحد الأكاديميين يوزع الذم والقبح اللفظى والتجاوز.. ونحن أبناء مهنة تعرف الخيوط الاجتماعية والسياسية حق المعرفة.. وجميعنا يعرف الرابط بين الوزير والأكاديمى.. والتزمت الصمت.
 
بدأ الأكاديمى باشتباك لا يعرف للياقة عنوان فى حق الأستاذ كرم جبر ثم الزميل أحمد موسى ودخل فى هذا الاشتباك الزميل نشأت الديهى .. وكرة الثلج تزيد ونعرف ابعادها وايضا التزمنا الصمت .
 
نقرأ السطور وما تحمله من تجاوز ونعرف مابين السطور وماتريد ان توصله من رسائل مكشوفه.. إلى أن جاءت لحظة الفصل التى تخرج بهذا الاشتباك من نطاق وزير يخشى على مقعده واستخدم أكاديمى لتحقيق غرضه بتشويه الإعلام المصرى الى منطقة تجعلنا جميعا ننتبه .. عندما كتب هذا الأكاديمى مقال مستخدما فيه رواية لم ينطق بها أحد إلا إعلام الإخوان، مقحما الأجهزة السيادية ومن يعملون بها فى سياق مرفوض مهنيا ووطنيا.. وتبنت قناة الجزيرة المقال مثلما تبنت اشتباك الوزير فى أكتوبر.. وخرج الأكاديمى واعتذر مؤكدا احترامه لمؤسسات الدولة، ومن يعملون بها، ولكن بعد ما انتشر المقال بواسطة اللجان الإخوانية.
 
هنا علينا أن ننتبه لحجم الجرم الذى جرى، وهو قيام هذا الأكاديمى بتصدير الخطاب الإعلامى للإخوان للتشكيك فى مصداقية أجهزة الدولة السيادية لدى الرأى العام، ثم يقوم وزير الدولة للإعلام بمكافأته .. ويستعين به فى تدريب المتحدثين بأسماء الوزراء .. فينتعش الأكاديمى ويخرج ليسب الإعلام المصرى كله، ظنا منه أننا سنصمت.
 
فكان ردنا بكشف قدر بسيط من الحقائق، حول هذا التخريب، ولم نرتكن إلى قصص أو مسائل شخصية تخص هذا الأكاديمى وتعكس ما يكمنه تجاه الإعلام المصرى وسعيه المستمر لدخول المنظومة الإعلامية التى تجاوز فى حقها بأى شكل من الأشكال، لأن الأشخاص لا تعنينا بكل تفاصيلها المعقدة، ولكن نحن ندافع عن ثوابت لم يدركها الوزير، الذى انتحر سياسيا، وستظل مطالبتنا بإقالته مستمرة إلى أن تتحقق.
 
أما هذا الأكاديمى الذى أراد تراشقا بينه وبين الإعلام المصرى، فعليه أن يعرف حقيقة ما انتهى إليه، أنه أصبح مجرد لجنة إلكترونية يصفق لها من يأتى الكلام على هواه.. أما نحن فنرى الأمر من سياقه السياسى والقانونى.. وعن مطالبته بمناقشة ماتضمنته مقالاته، فقد كشفنا محتواها على الهواء عندما تم استضافتى من قبل الزميل احمد موسى فى برنامجه على قناة صدى البلد والتى عكست تخريف لا يخرج من مدرك لأى أبعاد للعمل الإعلامى .
فى البداية وجهنا المطلب إلى السيد رئيس مجلس الوزراء، واليوم نوجه المطلب إلى السادة نواب الشعب، ونضع الأمر بين أيديهم وبين كل من يهمه الأمر.
 
• رئيس تحرير مجلة روزاليوسف .









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة