حالة من التضامن العربى، أعربت عنها العديد من الدول، مع الموقف الذى تتبناه مصر، فى قضية سد النهضة، والتي تعد بمثابة مسألة "حياة" للمواطن المصرى، والذى ارتبط بنهر النيل منذ فجر التاريخ، وهو ما يعنى أن مسألة التخلي عن حقوقه المائية، أمرا غير مقبولا، في ظل العديد من المعطيات، سواء التاريخية أو الحياتية وحتى الجانب السياسى والقانونى، ناهيك عن التأثير الكبير لأى خطوة من شأنها حرمان المصريين من حقوقهم المائية على الاستقرار الإقليمى والدولى في المرحلة المقبلة.
ولعل الدعم الذى أظهرته الدول العربية للموقف المصرى، يمثل انعكاسا صريحا للأهمية الكبيرة التي تحظى بها مصر، باعتبارها قيادة إقليمية بارزة، لا يمكن تجاوزها عند التعامل مع مختلف القضايا في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما بدا واضحا في الموقف العربى الموحد تجاه القضية، والتي جاءت في أعقاب كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى يوم الثلاثاء، والذى اعتبر فيها أن أمن مصر المائى "خط أحمر" لا يمكن تجاوزه من قبل أي دولة، مؤكدا أن مصر لا يمكن أن تسمح بأى انتهاك لحقوقها المائية، بينما تبقى داعمة لحقوق الدول الأخرى في تحقيق التنمية.
اللغة المتزنة التي تبناها الجانب المصرى، دفعت نحو تحذير عربى من خطورة "أحادية" اتخاذ القرار من الجانب الإثيوبى، نظرا لما يؤدى إليه أي قرار من جانب واحد من تداعيات خطيرة على أمن المنطقة والعالم، وبالتالي تبقى الحاجة ملحة إلى مفاوضات حقيقية من أجل الوصول إلى حل يضمن تحقيق أكبر قدر من المكاسب لكل الأطراف المتشاركة في حوض النيل، دون إغفال لحق دول المصب (مصر والسودان)، في الحياة، أو لحقوق دول المنبع في التنمية الاقتصادية.
فمن جانبه، رفض البرلمان العربى أى إجراءات أحادية من جانب إثيوبيا ويطالبها بالابتعاد عن سياسة فرض الأمر الواقع، التى قد تؤدي إلى تصعيد الأزمة وزيادة أسباب التوتر فى المنطقة، فى الوقت الذى توجد فيه الكثير من الحلول الإيجابية الجماعية التى من شأنها أن تجنب المنطقة أى مسارات قد تؤثر على أمنها واستقرارها.
وأعرب البرلمان العربى عن تضامنه وتأييده التام لجمهورية مصر العربية وجمهورية السودان فى ضمان حقوقهما المشروعة فى حصتهما من مياه نهر النيل، ومساندته لأى مساعٍ تسهم فى حل هذه الأزمة من خلال التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وعلى نحو يراعى مصالح كل الأطراف ويحفظ الحقوق المائية والاقتصادية لدول مصب نهر النيل وفق القوانين الدولية ، مشدداً على أن مصر والسودان ركيزة أساسية فى الحفاظ على الأمن القومى العربى، وأن أمنهما المائى جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى ككل.
ويبقى الارتباط الوثيق بين الاستقرار في مصر، ومسألة الأمن القومى العربى بمنظورها الشامل، أحد القضايا المحورية التي ركزت عليها الدول العربية، عند الحديث عن القضية، حيث يبقى استقرار مصر بمثابة حجر الزاوية لاستقرار المنطقة، وبالتالي فإن ضمان حقوق مصر المائية وحمايتها يمثل أولوية قصوى للمنظومة العربية والإقليمية ككل.
ففي بيان لها، شددت وزارة الخارجية الكويتية على أن "أمن مصر والسودان المائى جزء لا یتجزأ من الأمن القومى العربى"، مؤكدة دعمها للمساعي الرامیة إلى إنھاء ملف سد النھضة بما یراعى مصالح كافة الأطراف. وأعربت عن تضامنها مع مصر والسودان فى جهودهما الحثيثة للحفاظ على الاستقرار الإقليمى، ومساعيهما لحل أزمة ملئ وتشغيل سد النهضة، مضيفة أن ذلك يأتى بما یحفظ لدول مصب نھر النیل حقوقھم المائیة والاقتصادیة وفق القوانین الدولیة، وبما یمكن ھذه الدول من تحقیق طموحاتھم فى التنمیة."
وزير الخارجية الكويتى أحمد ناصر الصباح
وفى السياق نفسه، أعربت الأردن عن دعمها للموقف المصرى الصريح من قضية سد النهضة، حيث كانت أحد القضايا التي تناولها وزير الخارجية الأردنى أيمن الصفدى، خلال اتصاله مع نظيره المصرى سامح شكرى، اليوم الثلاثاء، ليعرب عن دعم بلاده لأمن مصر المائى، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا لأولوية القضية، بالإضافة إلى كونه امتدادا لعملية مستمرة من التنسيق في مختلف القضايا في المنطقة.
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، السفير أحمد حافظ إن الوزيرين أعربا عن ارتياحهما للمستوى المُتميز الذى وصلت إليه العلاقات الثنائية بين القاهرة وعمّان، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية فى البلدين، وبما يُلبي تطلعات الشعبين الشقيقيّن، موضحا أنهما بحثا أخر مستجدات سد النهضة.