بعد تجربة قانون التسجيل العقارى، وإعلان تأجيل القانون عامين مع إعادة النظر فى بعض بنوده، فيما يتعلق بالرسوم والضرائب، نحن أمام تجربة يفترض أن تستفيد منها الحكومة والنواب، فقد صدر القانون من مجلس النواب الماضى، وكلنا يعرف أنه كانت له ظروف خاصة، لكن عند طرحه للتطبيق، ساهمت عناصر كثيرة فى إثارة الجدل حوله، مع إعلان الحكومة ربط التسجيل بتوصيل المرافق والخدمات، وهو ما يعنى ضرورة تسجيل كل عقار فى البلد، بينما ظلت عملية التسجيل اختيارية، لكنها أصبحت اضطرارية، بما يعنى تسجيل كل عقار.
والواقع أن تسجيل العقارات مهم لضمان الحقوق وتسهيل التصرفات العقارية، لكن هذا يمكن أن يتم فى حالة تخفيض الرسوم والضرائب بشكل يجعل التسجيل عملية سهلة، فيتشجع الناس على التسجيل.
المصريون بتنوعاتهم كتبوا هذا، وتحولت مواقع التواصل إلى حوار مجتمعى كان يفترض أن يقوم به المجلس، وهو من ميزات عصر المعلومات، وكان هذا دافعا لتدخل الرئيس، وعودة القانون لمجلس النواب، وتأجيل تطبيقه، وإعادة النظر فى تعديل الرسوم المبالغ فيها. كانت هناك ثلاثة أنواع من التداخل مع الموضوع، الأول الأغلبية من المواطنين الذين عبروا عن آرائهم، واشتكوا من ارتفاع الرسوم والضرائب، بشكل ينافى العقل.
النوع الثانى هم المزايدون المتتركون «نسبة إلى تركيا»، ممن اعتادوا التحريض على القتل والإرهاب، لكنهم تاجروا بمصالح المصريين، ضد أى مصالح أو فوائد للمصريين بالفعل.
والنوع الثالث، هم من دافعوا عن القانون قبل تدخل الرئيس، وبعد التدخل عادوا ليهاجموه، وفى الحالتين هم لم يقرأوا ولم يعرفوا، وأعلنوا آراءهم، تماما مثل خبراء المزايدة والادعاء.
الدرس الأهم، أننا فى عصر المعلومات، ويفترض أن تسعى كل الأطراف فى المؤسسات للإجابة على ما يطرح من تساؤلات، حتى لا يتركوا الأمر للشائعات أو الادعاءات، والثانى أن إقامة حوارات مجتمعية فى التشريعات المتعلقة بمصالح الناس هو أمر مطلوب، تحدث فيه الرئيس السيسى أكثر من مرة، خاصة أننا لدينا مجلس للشيوخ وآخر للنواب، ويمكن أن يلعب دورا مهما فى الحوارات المجتمعية حتى تخرج التشريعات مكتملة ومعبرة عن المصالح، خاصة أن هدف التشريعات هو الضبط وتسهيل حياة الناس، وفى حالة تسهيل إجراءات ورسوم التسجيل يشجع على التسجيل ويعود على الدولة والمواطن، ويحفظ التوازن فى مصالح كل الأطراف.
ونحن هنا نتخذ من قانون التسجيل العقارى مثالا، لكن الأمر يمكن تطبيقه مع كل تشريع يتعلق بحياة الناس، ولا مانع من الاستماع إلى خبراء أو مختصين، ليوضحوا الأمر بما يدعم فكرة الشفافية، ويقضى على الكثير من الشائعات والتداخلات غير المرغوبة من قبل أى طرف.
النقطة المهمة، هو أن أدوات التواصل أصبحت طرفا فى الجدل والحوار العام، وهو ما يضاعف الاهتمام بطرح وجهات النظر وتوضيحها، وعدم ترك الباب للتكهنات أو الشائعات، مثلما يجرى مع قوانين الرى أو المرور أو غيرها، حيث يتم نشر معلومات أو أخبار، تساهم فى رفع الغضب أو إرباك الناس، وتضطر الحكومة للرد عليها، وهى ميزة مهمة وضرورية، فى عصر يفرض أدواته على الجميع.