تابعت، مع العديد من الزملاء، المؤتمر الذى عقده المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، بعنوان «حقوق الإنسان.. بناء عالم ما بعد الجائحة»، واناقش مفهوما شاملا لحقوق الإنسان، فى ظل فيروس كورونا، وما ترتب عليه من إجراءات واختلالات اقتصادية واجتماعية، أثرت فى العالم والدول والمواطنين.
استند المؤتمر إلى انعكاسات فيروس كورونا على المجتمعات، وتهديده للمستويات الصحية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وما أدى إليه من الفقر وعدم المساواة والعنف والصراعات، والبطالة، وضعف شبكات الأمان الاجتماعى وغيرها.
الجلسات تضمنت كلمات وعروضا من وزيرات الصحة والتضامن والتخطيط، ووزير التعليم، وكيف سعت الدولة لتوسيع شبكات الحماية الصحية والاجتماعية والاقتصادية للفئات الأضعف، وكيف أسهمت المبادرات المختلفة، مثل مكافحة فيروس «سى»، أو «100 مليون صحة»، أو «حياة كريمة» فى تخفيف تأثيرات كورونا على الفئات الفقيرة.
كما تناولت مسؤولة منظمة الصحة العالمية، كيف كان سلوك بعض الدول الكبرى أنانيا فيما يتعلق باللقاحات، حيث حرصت الدول الأغنى على حيازة أكبر قدر من جرعات لقاحات الفيروس، بالرغم من أن الجائحة فعليا لا تفرق بين دولة غنية وأخرى فقيرة، كما كانت هناك إشارات بالمؤتمر، إلى أن غياب نظام للتنبؤ بالأوبئة لدى المنظمات الدولية تسبب فى تأخير الإعلان عن وبائية «كوفيد - 19»، ما أدى لتضاعف تأثيراته الخطيرة، وأن النظام الصحى العالمى لا يختلف كثيرا عن النظام السياسى، فهو يعانى من الخلل.
أشارت مناقشات المؤتمر، إلى أن كورونا كشف أن العالم يواجه وضعا غير مسبوق، ولا حتى الإنفلونزا الإسبانية، التى قتلت نحو 50 مليون شخص، وأن هناك حاجة لتوسيع دوائر التضامن العالمى فى مواجهة تأثيرات ما بعد الفيروس، ودعم منظمة الصحة العالمية وتوسيع دورها فى دق أجراس الخطر، وتحفيز الدول على التعاون، ونقل التجارب بأمانة، وتشجيع المجتمع الطبى والعلمى العالمى على المواجهة، ومواجهة عدم المساواة بحق الصحة، وعدالة الحصول على الأمصال والعلاج وبرامج حماية للأطفال فى المناطق الفقيرة.
ومن بين التوصيات أيضا، بحث وضع عقد اجتماعى جديد ثلاثى الأطراف بين الدولة والمواطنين والمجتمع المدنى فيما يخص مواجهة الحالات الاستثنائية والطارئة لمواجهة الوباء، والتشديد على أهمية دور المجتمع المدنى فى تعزيز ملف حقوق الإنسان، وفى هذه النقطة يحسب للمركز كونه يطرح مفهوم حقوق الإنسان بشكل أكثر اتساعا، من دون أن يتجاهل عناصره المختلفة، حيث تحتل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية مكانا مركزيا بجانب الحريات الشخصية والسياسية والرأى والتعبير، وهى أيضا مهمة.
ولهذا يحسب للمؤتمر توصيته بناء على مطالب بعض الحاضرين بالنظر فى بعض الملفات، ومنها الحبس الاحتياطى، ومخاطبة الجهات التشريعية والقضائية بإعادة النظر فى المدد الخاصة بالحبس الاحتياطى، والعمل على إيجاد آليات لتفادى طول هذه المدة، فى إطار خطة لتطوير التشريعات والقوانين استجابة للتطورات والتحديات المستجدة وتوسيع المجال السياسى والحزبى، حتى يمكن بناء قدرات وعدم ترك فراغات، وفى الوقت ذاته ارتباطا بنقطة التوسع فى الرقمنة، هناك ضرورة لمناقشة حماية الخصوصية والحريات الفردية، مع احترام حقوق الأفراد، وهى نقاط مهمة تحتاج المزيد من المناقشات، بين الدولة والمنظمات، بشكل يقود فى النهاية إلى تعميم مفهوم أوسع لحقوق الإنسان.