كشف عالم الآثار الكبير الدكتور زاهى حواس ورئيس البعثة المصرية التى اكتشفت أكبر مدينة سكنية وإدارية وصناعية فى غرب محافظة الأقصر، أسرار وتفاصيل جديدة عن اكتشاف المدينة المفقودة "إشراقة آتون"، التى تضم سلسلة من المنازل التى تؤكد أنه البر الغربى كان به حياة وليس كله مدافن كما يقال، مؤكداً أن ذلك الكشف أسفر عن خروج أضخم وأكبر مدينة أثرية عثر عليها حتى الآن، وهى من عهد أعظم ملوك مصر وهو الملك أمنحتب الثالث، الذى حكم مصر من 1391 قبل الميلاد.
وقال الدكتور زاهى حواس لـ"اليوم السابع"، عن مفاجأة اكتشاف المدينة: "كشفنا جزءا بسيطا جداً من المدينة، وهو ما يؤكد أنها أكبر مدينة آثرية عثر عليها حتى الآن، وأسميتها بالمدينة الذهبية لأنها أقيمت بالعصر الذهبى لمصر وهو عصر أمنحتب الثالث، والمفقودة لأنها كان إسمها معروف ومسجل مع بعض الأمراء فى الوديان الغربية، ولم يكن يتوقع أي عالم آثار أنه ممكن أن تكتشف تلك المدينة، فقد كان مفاجأة كبيرة جداً بالنسبة لي لأنى كنت أبحث عن معابد ، وتلك المدينة تؤكد أن الحضارة المصرية ليست حضارة موت وليست حضارة بلا مدن وكان اسمها إشراقة قصور آتون، 3 قصور فى الناحية الجنوبية ومعبد أمنحتب الثالث والمدينة بالمنتصف".
وأضاف الدكتور زاهى حواس، أن تلك المدينة كانت المسئولة عن إمداد القصور والمعابد بما يحتاجه من قرابين أو حياة داخل القصر، فبها أماكن مخصصة لتخزين اللحوم، فتوجد بها 5 أفران كاملة يوضع بها الفخار وتشعل النيران لطبخ اللحوم ويضع عليها الملح، ويوجد بها نص يتكلم عن اللحوم المجففة التي ذبحت فى حجرة شخص يدعى "خع" كان مدير القصر الملكى لأمنحتب الثالث وله مقبرة كشفت كاملة فى دير المدينة وموجودة بمتحف تورينو، وكتب داخل موقع اللحوم إسم الجزار وإناء كان بداخله 10.5 كيلو لحوم.
وأكد الدكتور زاهى حواس رئيس البعثة المصرية، أن المدينة جميعها بدأت فى عصر الملك أمنحتب الثالث واستمرت 37 سنة، والنصوص المعثور داخلها تؤكد أنه إحتفل 3 مرات بعيد "الحب ست" لإظهار قوته، فالأول بعد 30 سنة والثانى بعد 34 سنة والثالث بعد 37 سنة، والجديد داخلها أنها كلها سميت بإسم "آتون" وبداخلها مناظر لآتون وبداخل أحد المنازل مناظر لقرص الشمس، مما يؤكد أن أمنحتب الثالث كان يؤمن بعبادة آتون وليس إخناتون فقط، وقال: "أعتقد أن اخناتون هجر هذه المدينة وتوجه لتل العمارنة، وعندما عاد توت عنخ آمون باقى الكشف سيكشف تفاصيل جديدة، وكذلك قج يظهر الكشف إحتمال حكم نفرتيتي للبلاد من عدمه، وما خرج من آثار داخل المدينة حتى الآن أحجار كريمة وأحجار نصف كريمة وعقود ضخمة مميزة وصنارات صيد أسماك وسمكة كاملة عليها ذهب وتماثيل للملكة تي وتماثيل لآلهة مثل بس وحتحور إلهة الحب والجمال وتاؤورت إلهة الولادة، ومخزن كامل مليئ بالكنوز والفخار التى قد تكون قطع آثرية مهمة جداً داخل المتاحف المصرية، وجميع القطع الذهبية التى خرجت من خواتم ضخمة عليها أمنحتب الثالث، وجميع المقتنيات موجودة فى مخزن كامل تابع للمدينة لحفظها".
أما عن المنازل داخل المدينة الذهبية المفقودة، فقد أكد زاهى حواس لـ"اليوم السابع"، أنها بها أماكن للمعيشة وأماكن للتخزين فالحجرة بجوارها مكان للتخزين والطوب اللبن مستخدم داخل المدينة بشكل زجزاجى لمكافحة الهواء والرياح، وكذلك أدوات لشرب المياه مثل "زمزمية" خلال رحلات أبيدوس للحج فى عصر القدماء المصريين، ومناطق للطحن تبين الحياة داخل تلك المدينة، وشارع ضخم على جانبيه منازل بشكل موحد مميز، كما تم الكشف عن هيكل كامل تمثيل للإلهة حتحور إلهة الحب والجمال.
وأوضح رئيس البعثة المصرية زاهى حواس، أن ذلك الكشف يبين الحياة فى البر الغربى لأول مرة، ويظهر للعالم أكبر مدينة آثرية عثر عليها حتى الآن وجميع علماء الآثار الأجانب يردون على من يقول أنها مكتشفة من قبل، قائلاً: "استحالة زاهى حواس بما له من تاريخ أن يكشف عن شيئ مكشوف من قبل، إزاى اللى كشفها قبل كده لم يخرج القطع التى عثر عليها داخلها من أوانى فخارية وعقود وخواتم وغيرها من التحف داخلها، ومستمرون فى سبتمبر القادم فى الحفائر بالناحية الغربية التى بدأ يظهر داخلها أول بيت وأعتقد أن يكون بها معلومات عن توت عنخ آمون، وتوجد أيضاً جبانة ضخمة جداً تم فتح مقبرة واحدة داخلها وترجع لعصر الدولة الحديثة".
وقال الدكتور زاهى حواس، أنه يعتقد أن يكون توت عنخ آمون مرتبط بتلك المدينة المفقودة كثيراً ويكون إستعمل تلك المدينة فى حياته، وجارى البحث فى باقى أعمال الحفائر التى تستمر خلال السنوات المقبلة، وكذلك اعتقد أن نفرتيتي حكمت بعد اخناتون واعتقد انه غيرت اسمها وقد تقدم تلك المدينة معلومات عن الملكة نفرتيتي أيضاً، وهو ما ستكشفه الأيام المقبلة، مؤكداً على أنه الملك أمنحتب الثالث كان له منطقة تخزين للحوم فى تلك المدينة للإحتفال بعيد "الحب ست" لتجديد شبابه ويظهر أنه قادر على حكم البلاد، وكل تلك اللحوم كان تذبح داخل مجزرة فى منزل مدير القصر الملكى، وكذلك الإناء الذي عثر عليه هذا النص كان بداخله 10.5 كيلو لحوم، وعثر أيضاً على أشياء لعمل الصنادق وتخييط الملابس.
وعن شوارع المدينة الذهبية المفقودة، قال زاهى حواس، أنه توجد بالمدينة شوارع كثيرةً وبها شارع رئيسي، و3 أحياء مقسمة للمدينة وكل حي قائم بذاته أحدهما سكنى والآخر تخزين والثالث للإدارة والصناعة، وكل تلك الأعمال كانت تمد القصر الملكى بالحياة والأدوات اللازمة وكذلك القرابين التى تقدم بالقصور الملكية، وأخرجنا 100 قالب يتم عمل فيه التمائم وأحجار ثمينة وخواتم وعقود وغيرها من الآثار الضخمة التى عثر عليها داخل تلك المدينة تؤكد وجود الحياة فى البر الغربي، وكذلك وجود السمك وعليه آثار الذهب أعتقد أنها كانت تعبد أو وجود عبادة لها.
أما عن الحديث عن الهجوم على مواقع التواصل بأن المدينة مكتشفة من قبل، قال الدكتور زاهى حواس: "لما واحد يقول هذا الكلام يجب أن يعلن من إكتشفها والمرجع أو المقال الذي تحدث عن المدينة، ومن يقول ذلك بلا مصادر شخص حقودى وتافه، فجميع علماء المصريات لم يتحدثوا عن ذلك الأمر نهائياً والجميع يؤكد أن تلك المدينة مكتشفة حديثاً بأيدي البعثة المصرية، وأنا أعمل أكثر من 50 سنة فى الآثار ومينفعش أقول اكتشاف عن مكان مكتشف من قبل، ومن يقول ذلك يكشف لنا المقالة التى تحدثت عن هذا الموضوع، ونحن هنا نكتشف مدينة فى مكان لأول مرة يتم عمل حفائر داخلها، وهذا الكلام تخاريف من المخرفين ومن ناس بتاعت سمك لبن تمر هندي".
وأضاف الدكتور زاهى حواس فى لقائه لـ"اليوم السابع"، أن المدينة المفقودة المكتشفة بجوار معبد هابو بالبر الغربى، عاشت حوالى 37 سنة، وكانت منطقة صناعية وسكنية وإدارية، مؤكداً على أن كل الفنانين والعمال الذين عملوا فى تلك المدينة قاموا بعمل عقود أحجار كريمة وأحذية وملابس ومنطقة ضخمة لتخزين اللحوم فى عيد "الحب ست" الثالث لأمنحتب، قائلاً: "من هنا نثبت للعالم كله أن الحضارة المصرية ليست حضارة موت ولكنها حضارة حياة"، مؤكداً على أن تلك المدينة المكتشفة اسمها "إشراقة آتون" وواضح داخلها مناظر لآتون داخل المنازل، وعثر على أحجار عليها مناظر لآتون أيضاً، قائلاً: "لكن يعتقد أنه منذ سبتمبر القادم ستكون المنطقة الغربية للجبانة بها معلومات عن الملك توت عنخ آمون، والذى جاء من تل العمارنة بعد وفاة والده إخناتون وحكم 10 سنوات، ورغم أنه كان يعيش فى منف ولكن معبده يكون فى هذا المكان وأنه قد استغل تلك المدينة".
ووجه الدكتور زاهى حواس رسالة لجميع العامين فى البعثة المصرية بقيادته، وفريق العمل والعالم أجمع بعد هذا الاكتشاف العالمى الجديد قائلاً: "رسالتى بسيطة جداً لأنى دائما كنت أقول لما مسكت الآثار فى 2002، أننا عاوزين نكون علماء فى آثارنا قبل الأجانب ما يكونوا علماء فينا، والمدرسة المصرية فعلاً مش كلام قوية وقادرة، والحفائر الحالية تمت بأيدى بعثة مصرية وباسم المصريين كلهم، وهى حفائر مصرية متكاملة وأنا سعيد أن البعثة المصرية عملت هذا الاكتشاف، وكذلك البعثات المصرية بقيادة الدكتور مصطفى وزيرى نجحت فى حفائر عالمية عرضت فى مختلف وسائل الإعلام حول العالم أجمع ولا تزال مستمرة".
وكان قد قال الدكتور" زاهى حواس"، أن العمل بدأ فى هذه المنطقة للبحث عن المعبد الجنائزى الخاص بالملك توت عنخ آمون، لأنه تم العثور على معبدى كل من "حورمحب" و"آي" من قبل"، وأكد أن البعثة عثرت على أكبر مدينة على الإطلاق فى مصر والتى أسسها أحد أعظم حكام مصر وهو الملك "أمنحتب الثالث" الملك التاسع من الأسرة الثامنة عشر، الذى حكم مصر من عام 1391 حتى 1353 ق.م. وقد شاركه ابنه ووريث العرش المستقبلى أمنحتب الرابع " أخناتون" آخر ثمان سنوات من عهده.
وأضاف رئيس البعثة المصرية زاهى حواس، أن هذه المدينة هى أكبر مستوطنة إدارية وصناعية فى عصر الإمبراطورية المصرية على الضفة الغربية للأقصر، حيث عثر بالمدينة على منازل يصل ارتفاع بعض جدرانها إلى نحو ٣ أمتار ومقسمة إلى شوارع، قائلاً: "لقد كشفنا عن جزء من المدينة يمتد غربا، بينما يعد دير المدينة جزء من مدينتنا، وبدأت أعمال التنقيب فى سبتمبر 2020، وفى غضون أسابيع، بدأت تشكيلات من الطوب اللبن بالظهور فى جميع الاتجاهات، وكانت دهشة البعثة الكبيرة، حينما اكتشفت أن الموقع هو مدينة كبيرة فى حالة جيدة من الحفظ، بجدران شبه مكتملة، وغرف مليئة بأدوات الحياة اليومية، وقد بقيت الطبقات الأثرية على حالها منذ آلاف السنين، وتركها السكان القدماء كما لو كانت بالأمس.
وقال زاهى حواس، أن هذه المعلومات القيمة لا تعطينا فقط اسمى شخصين كانا يعيشان ويعملان فى المدينة، بل يؤكدان أن المدينة كانت نشطة وتحدد زمن مشاركة الملك أمنحتب الثالث مع ابنه أخناتون، كما عثرت البعثة أيضاً على نص منقوش على طبعة ختم يقرأ: "جم با أتون" أى مقاطعة أتون الساطع، وهذا اسم معبد قد بناه الملك أخناتون بالكرنك، كما تم الكشف عن مقبرة كبيرة لم يتم تحديد مداها بعد، واكتشفت البعثة مجموعة من المقابر المنحوتة فى الصخور بأحجام مختلفة والتى يمكن الوصول إليها من خلال سلالم منحوتة فى الصخر، وهناك سمة مشتركة لبناء المقابر فى وادى الملوك ووادى النبلاء. ومازال العمل جاريا وتتوقع البعثة الكشف عن مقابر لم تمسها يد مليئة بالكنوز، وتتيح أعمال التنقيب المستمرة لعلماء الآثار الوصول إلى طبقة النشاط الأصلية للمدينة، حيث تم كشف النقاب عن معلومات ستغير التاريخ وتعطينا نظرة ثاقبة فريدة عن عائلة توت عنخ آمون، كما سيقدم لنا اكتشاف المدينة المفقودة أيضًا فهمًا أعمق للحياة اليومية للمصريين القدماء من حيث أسلوب بناء وديكورات المنازل والأدوات التى استخدموها وكيفية تنظيم العمل. وقد تم الكشف عن ثلث المنطقة فقط حتى الآن، وستواصل البعثة أعمال التنقيب، بما فى ذلك المنطقة التى تم تحديدها على أنها الموقع المحتمل لمعبد توت عنخ آمون الجنائزى، واختتم "حواس" لدينا الكثير من المعلومات حول المقابر والمعابد ولكن هذه هى المرة الأولى التى تكشف أسرارًا عن حياة ملوك العصر الذهبى لمصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة