صدقة، وأثناء بحثى عن فيلم الأب the father بطولة النجم أنتونى هوبكنز عثرت على فيلم بعنوان أب father، وهو فيلم صربى حديث من إنتاج 2020، يتعرض لـ فكرة الأب ولكن من زاوية أخرى مختلفة تماما.
يدور الفيلم حول أب صربى فقير يدعى "نيكولا" ظروفه صعبة، ولديه زوجه وابن وابنة، ذات يوم تيأس زوجته من ضيق الحال فتذهب إلى الشركة التى فصلته من عمله وتشعل النار فى نفسها، وتصاب بصدمة عصبية، عند ذلك يرى المسئولون أن الرعاية الاجتماعية، وجوب البحث عن عائلة بديلة للطفلين، ولكن الأب يقاتل من أجل استعادتهما من هذا النظام الذى يدير الأمور بلا قلب.
فاز الفيلم بجائزة تصويت الجمهور لأفضل فيلم فى مهرجان برلين السينمائى، وهو يستحق بالفعل، لأنه يدور حول قيمة، هى أن الأب يقاتل كى يثبت لأبنائه أنه يحبهم، أنه يريدهم للعيش معه، وأنه مستعد فى سبيل ذلك للذهاب إلى أبعد مدى، لذا كتب استئنافا ضد مكتب الرعاية الاجتماعية وقرر أن يسير على قدميه أكثر من 300 كيلو مترا على مدى 5 أيام كى يقابل وزير العدل.
خرجت من الفيلم وأنا أفكر أن الأنظمة أحيانا ترى الحب وحده لا يكفى، وتتجاهل أن الحب هو الفارق الوحيد الذى يمكن أن يصنع أسرة حقيقية، يصل بها إلى بر الأمان، ولقد سعى فريق العمل لتأكيد كم المصاعب التى واجهها الأب فى رحلته الشاقة دفاعا عن أبنائه وحقه فى رؤيتهم وأن يعيشوا معه.
فى الفيلم مشهدان مهمان جدا يحملان دلالة كبيرة، الأول أثناء رحلة الأب ومروره بين القرى والأماكن المجهولة، فجأة يجد نفسه وسط قطيع ذئاب، والغريب أن القطيع لم يهاجمه بل نظر إليه مستغربا وجوده ثم تركه يمر.
المشهد الثانى، عند عودته إلى بيته البسيط، وجد أن الجيران قد نهبوه ولم يتركوا له شيئا، لقد ظنوا أنه لن يعود، وهو مشهد صعب، وبه إيحاء قوى بالخطر الذى يتهدد الإنسان، إنه دال بصورة كبيرة على مدى التردى الذى وصلنا إليه، ولكن "نيكولا" رفض أن يترك أشياءه لهم وراح يجمعها من كل بيت.
فيلم "أب" يستحق المشاهدة، لأنه يعيد إلينا قيمة اجتماعية مهمة، ويراهن على المسئولية والحب معا.