أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

7 سنوات.. كيف واجهت مصر معادلات النفوذ فى محيط مشتعل؟

الأربعاء، 14 أبريل 2021 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يمكن فهم ما تحققه مصر إقليميا ودوليا من دون النظر إلى تراكمات الأحداث والتحولات خلال عشر سنوات وربما أكثر، ومقارنة الوضع الذى كانت فيه مصر قبل 7 سنوات فقط، داخليا كانت تنظيمات الرايات السوداء تنظم مسيرات استعراض قوى بسيارات الدفع الرباعى فى شمال سيناء، وتنظيم داعش يستعد لإعلان دولة الخلافة فى سوريا والعراق، وليبيا تحت سيطرة داعش وتوابع تنظيمات الإخوان، كان الهدف انتزاع أجزاء من كل دولة عربية لإعلان إمارة لداعش تتواصل مع باقى المراكز. 
 
كان هذا الخيار قابلا للتنفيذ مع تدفق الأموال والسلاح على داعش، وإطلاق نقاط لتجنيد الشباب فى الدول العربية وأوروبا للانضمام إلى داعش فى سوريا والعراق، والقتال فى ليبيا وسيناء. 
 
كانت هناك خطوات متسارعة لجمع آلاف المقاتلين نحو داعش، والذى نجح فى توظيف ماكينة دعاية على شبكات الإنترنت ونجح فى استقطاب شباب من كل دول العالم لم يقتصر على الدول العربية، لكنه استقطب شباب أوروبا، وتختلف التقديرات لعدد المقاتلين من أوروبا والذين قدرتهم جهات دولية وأوربية بنحو 18 ألفا، بالإضافة إلى مقاتلين من دول الاتحاد السوفيتى السابق كان الهدف هو انتزاع مناطق وتحويلها إلى بؤر تعزل العالم العربى عن بعضه وتقدر حجم الإنفاق على داعش وإخوته بنحو 84 مليار دولار، فضلا عن نفس المبلغ من أموال تم نهبها فى صورة بترول وذهب.. فى 29 يونيو 2014 أعلن تنظيم داعش فى العراق والشام قيام «الدولة الإسلامية»، ونُصب أبوبكر البغدادى خليفة لها.
 
قبل 7 سنوات فقط بدا أن الشرق الأوسط ينحدر إلى فوضى كبيرة تمهد لصعود داعش، تنظيم تليفزيونى تقف خلفه ماكينة دعاية ضخمة يجتاح منطقة واسعة فى العراق والشام وبجانبه تنظيمات مختلفة من القاعدة وتنظيمات مسلحة وإن كانت أقل تأثيرا، داعش بدا فى مناطق نفوذه تصفية دينية وعرقية ومذهبية، قتل المسيحيين والأيزيديين وكل ما يختلف مع الرايات السود.
 
كان العالم العربى يتجه لفوضى متعددة الأشكال وبعد ثلاث سنوات من إعلانه بدأ التنظيم الأكثر دموية يتراجع بشكل كبير مع هزائم داعش ثم التنظيمات الأخرى وتم نقل مقاتلين إلى ليبيا أو غرب أوروبا، وما زال التنظيم يحظى ببعض الدعم، لهذا فإن مصر سعت دوما إلى التأكيد على أن مواجهة التنظيمات الإرهابية تتم من خلال وقف تمويل الإرهاب وقطع طرق التمويل، فى سيناء تراجعت التنظيمات الإرهابية بشكل كبير خلال 4 سنوات لدرجة أنه لم يعد هناك تأثير لهذه التنظيمات، ولم يكن كل هذا مجانيا، فقد خاضت مصر حربا واسعة مع التنظيم داخل مصر وخارجها، وهذا المشهد الذى يتحرك اليوم يعبر عن تحولات جرت بالكثير من الصبر والجهد، كانت تحركات مصر فى الغرب أحد أهم عناصر تراجع الميليشيات، خاصة مع الدفع لمسار سياسى بدا صعبا لكنه اليوم يتقدم، تقلص داعش، ويتجه العراق لمزيد من الاستقرار وسوريا إلى حد ما، خاصة بعد تراجع التأثير التركى والتنظيمات التى تخوض حربا بالوكالة. 
 
وسط هذه الفوضى بدا النظام الإقليمى يفقد توازنه، كل دولة تنكفئ على نفسها، بينما مصر وسط الكثير من التزاحم والتحديات، وجدت وقتا للعمل داخل محيطها، والحفاظ على التوازن فى محيط مشتعل،  فقد كانت الدول الكبرى مشغولة بمنافساتها أمريكا والصين وروسيا وأوربا، كل تكتل له مصالحه.
 
اليوم، الأمور فى ليبيا تتحرك للسياسة، هدوء فى سوريا، وفى العراق تتراجع التنظيمات الإرهابية بسبب تجفيف منابع التمويل، مصر تتحرك فى كل الاتجاهات، تبنى تعاونا مع العراق والأردن فى تحالف اقتصادى، وكل استقرار فى ليبيا لصالح التفرغ لملفات الجنوب، علاقة مصر والسودان قوية ومصالحهما واحدة فى النيل. 
 
خطوات تبدو بطيئة لكنها تجعل الصورة تختلف، فالعالم يتشكل بسرعة، وهناك نظام عالمى مختل وغير مستقر لا يمكن أن يقود لاستقرار ما لم تسع الدول أو الشعوب نفسها لبناء هذا الاستقرار. مصر سعت لوقف التدهور، واجهت تحديات متعددة نجحت فى تحييد بعضها وعزل البعض الآخر، وتأكيد قدرتها على الردع.. وكلما عرف طرف بقدرة الخصم، يفكر كثيرا، وتكفى مراجعة تحولات الأطراف فى ليبيا بعد خطوط مصر الحمراء، وسقوط التشكيك.
ومن يتابع كيف تغيرت الأوراق والملفات، يدرك حجم الجهد الذى غيّر شكل خرائط النفوذ فى محيط مشتعل. 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة