فى الدراما التليفزيونية ربما يكون أمرا متوقعا أن يغير أبطال العمل من جلدتهم الفنية ويقدمون أدوارا جديدة مختلفة، يعطون لأنفسهم مساحة أكبر لإظهار مواهبهم وقدرتهم التمثيلية، وإن كانت مغامرة أيضا محفوفة المخاطر، لكن يبدو أن الظاهرة أصابت هذه المرة نجوم الأغنية خلال تترات مسلسلات رمضان الحالى وبالتحديد النجم تامر حسنى.
الجديد الذى يقدمه مسلسل "نسل الأغراب" قصة وسيناريو وحوار وإخراج محمد سامى، وبطولة النجوم أحمد السقا وأمير كرارة ومى عمر، هو تغيير النجم تامر حسنى لـ"جلده" ولونه الفنى، من خلال تقديم نوعية مختلفة من الأغاني لم يكن معتادا عليها من قبل، بجانب رباعيات غنائية ضمن أحداث العمل لكن باللهجة الصعيدية، وهو ما يضع تامر فى مغامرة جديدة، فهل نجح "حسنى" فى طرحه الجديد؟
تامر حسنى الذى امتاز طيلة مشواره الغنائي بتقديم الأغاني الرومانسية، دخل بغنائه تتر "نسل الأغراب" اختبارا وتحديا جديدا فى مشواره من حيث تقديم أغان درامية لكن بلهجة صعيدية، رغم قيامه بمحاولة سابقة مزج فيها بين العامية ومفردات صعيدية من خلال أغنية "بينك وبينى" ضمن ألبوم "هاعيش حياتى" الصادر عام 2009.
الأغنية الأخيرة حين صدرت لقت إشادة واسعة من جمهور "تامر" رغم وصفها بالمغامرة وقتها، وهو الشعور الذى تجدد مع الإعلان عن تقديمه تتر مسلسل "نسل الأغراب"، لكن "حسنى" كسب الرهان مجددا ونجح هذه المرة فى تقديم أغنية بلهجة أهل الجنوب، وبأداء أكثر براعة وصدقا وتمكنا من أدواته وإمكانياته الصوتية والفنية العالية.
إحساس تامر حسنى فى تقديمه الكلمات كان صادقا ومعبرا عن الحالة التى يجسدها العمل، وظهر اجتهاده واضحا فى الغناء بلهجة أقرب لنطق أهل الجنوب رغم صعوبتها، مجسدا بإحساسه مرارة الصراعات القبيلية والعائلية التى تدور عنها أحداث المسلسل بصدق تام، وحتى مع شعور الدهشة الذى قد يصاب بها المستمع فى بداية غناء تامر بسبب فارق اللهجة وعدم اعتياده الغناء بها، لكن إحساس "نجم الجيل" وصدقه نجح فى الاستحواذ علي اهتمام المستمع حتى النهاية.
تتر مسلسل "نسل الأغراب"، الذى كتبت كلماته سارة سعيد، جاء ليشبه بعض الشىء المواويل الصعيدية، وحالة الشجن التي يهرع إليها أهالي الجنوب في أحزانهم العديدة والمنسوجة من الموروث الشعبى هناك كما فى كلمات "نسلك يا آدم من زمن فيه الخسيس والزين.. دبحوا الأصول لجل الوصول دول كدابين زفة" هكذا كانت الكلمات بسيطة لكنها درامية تحمل صورا لا تخلو من رائحة الموت الممزوجة بالدم، تماما كما تحكى أحداث العمل.
تتر "نسل الأغراب" قدم ألحانه هيثم نبيل، وجاءت موسيقاه شجية وحزينة، كذلك جاءت متصاعدة ما يجعلك مشدودا لاستكمال الأغنية حتى النهاية، الموزع الموسيقى فهد نجح هو الآخر فى إدخال العديد من الآلات الصعيدية كالربابة والمزمار الموجودة فى الموروث الصعيدى المعبرة عن بيئة العمل، وإن غلب علي الإيقاع الموسيقى الآلات الوترية كالكمان، لتتناسب مع روح التتر الدرامية من جانب وروح العمل الصعيدية من جانب آخر.
فى النهاية نجح تامر فى تقديم لون مختلف فى تتر مسلسل "نسل الأغراب"، واستطاع منذ المرة الأولى لسماعه أن يجعلنا نشعر أننا أمام وجبة فنية دسمة، وأدخلنا صوت تامر فى دائرة من الأحداث والتفاصيل الفنية الكثيرة ننتظر منها الكثير مع باقى أيام الشهر الفضيل.