المواقف الملتبسة تلد الكثير من المفارقات والمفاجآت الطريفة، وهناك قصة رواها الشاعر الغنائى الراحل أحمد رامى، قال فيها إنه وقع لأيام فى غرام فتاة غامضة وجلس أيام يتخيلها حسناء وغيداء، لكنه اكتشف أنها مجرد «قلة لتبريد الماء»، وقال الشاعر فى روايته: كنت فى صدر شبابى أغادر دارى بعد الغروب، وأعود إليها فى الصباح قبل الشروق.
وكنت ألاحظ كلما هممت بالانعطاف من الحارة التى أسكن فيها أن رأسا صغيرا يُطل، وهو يلتف بغلالة بيضاء ناصعة البياض من وراء المشربية.
وظننت أنها حسناء تنتظرنى لترانى، ولم تكن نفسى ولا التقاليد تسمح لى حتى برفع النظر إلى أبعد مما يحمينى من مزالق الطريق، فقلت عنها مع من قال:
وإنى لأستحيك حتى كأنما على بظهر الغيب منك رقيب
ورحت أنظم فيها شعرا يحوى من المعانى التى تثيرها مشقة النوى والبعد، وذات يوم خرجت من دارى قبل الغروب، وإذا بعينى تفلت منى، وترمق حبيبة خيالى لأكتشف أنها «قُلّة» تلتف بشاش أبيض رقيق مبتل ليبترد الماء، ويعلق رامى على ذلك قائلا: وفقدت ليلاى، وأفقت من حلم جميل.
أما الأديب عبدالله النديم الذى كان هاربا من الإنجليز ومن القصر بعد مشاركته فى الثورة العرابية، فقد كان مستخفيا هو وخادمه الأمى عند صديق له، وبعد أيام من الاختفاء شعر الخادم بالخوف والملل وأراد أن يترك النديم ويعود إلى أهله، على أساس أنه ليس مطلوبا للبوليس ولا للإنجليز، وخشى النديم من أنه لو ترك خادمه يعود ربما انكشف أمره، واهتدى إلى حيلة، حيث أحضر الجريدة وظل يقرأ فيها وهو يبدى العجب ويظهر الجزع، فسأله الخادم عما أفزعه، فقال النديم: إن الحكومة قد جعلت لمن يرشد عنى ألف جنيه، ولمن يأتى برأسك خمسة آلاف جنيه.
فخاف الخادم وأخذ يبالغ فى التخفى أكثر من سيده، واستراح النديم.
وأخيرا فقد كان الشيخ عبدالعزيز البشرى الكاتب المعروف، فى أحد الأيام يقطع شارع «شريف» بوسط القاهرة، وكان الزحام شديدا، والسيارات تسير متصلة متراصة، فتوقف قليلا.. وكانت تقف إلى جواره عربة إسعاف، فقال سائقها للبشرى حين وجده ينظر حوله فى خوف: اعبر يا سيدنا الشيخ.
فرد البشرى باسما: بس مش عاوز أتعبكم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة