ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، اليوم الجمعة، خطبة الجمعة بمسجد "الصحابة" بمدينة العمال بمحافظة المنيا، وذلك مشاركةً لمحافظة المنيا احتفالها بالعيد القومى، وبحضور اللواء أسامة القاضى محافظ المنيا، والدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة، والدكتور محمد محمود أبو زيد نائب محافظ المنيا، والمهندس محمد عبد الجليل النجار السكرتير العام للمحافظة، والدكتور خالد صديق رئيس صندوق تطوير العشوائيات، والشيخ سلامة عبد الرازق مدير مديرية أوقاف المنيا، وعدد من أعضاء مجلسى النواب والشيوخ بالمحافظة.
وفى بداية خطبته أكد جمعة، أن سنة الحياة قائمة على العمل والاجتهاد والإتقان والأخذ بالأسباب، حيث يقول الحق سبحانه: "هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"، أى سهلة طيعة مسخرة للإنسان، ولم يقل سبحانه: اقعدوا فى أماكنكم وكلوا من رزقه، وإنما قال: امشوا فى مناكبها واجتهدوا واسعوا واعملوا وأتقنوا، ويقول سبحانه : “وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ”، أي: ذلل لكم الكون كله، فهو الذى أخرج، وهو الذى أنبت، ويقول تعالى : “وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ”، ويقول سبحانه : “فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ فَبِأَى آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ”، وكأن الله (عز وجل) يُسقط عنا أى عذر فى التقاعس عن العمل، وديننا يحث على العمل فقد قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) : ” ما أكَلَ أحَدٌ طَعامًا قَطُّ، خَيْرًا مِن أنْ يَأْكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، وإنَّ نَبِى اللَّهِ داوُدَ (عليه السَّلامُ) كانَ يَأْكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ”، وقد خص نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) نبى الله داود (عليه السلام) فى حديثه (صلى الله عليه وسلم) : “وإنَّ نَبِى اللَّهِ داوُدَ (عليه السَّلامُ) كانَ يَأْكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ”، وفى رواية : ” كان لا يأكل إلا من عمل يده”، لأن داود (عليه السلام) كان ملكًا نبيا، فلم يكن عمله عن حاجة، إنما كان لشرف العمل وعزه، ومن هنا قال الإمام على كرم الله وجهه :
لحمل الصخر من قمم الجبال … أحب إلى من منن الرجــال
يقول الناس لى فى الكسب عيب … فقلت العيب فى ذل السؤال
وكان سيدنا داوود (عليه السلام) يعمل فى مهنة من أصعب المهن ألا وهى صناعة الحدادة، ورب العزة تبارك وتعالى يقول: “وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ”، وهذه قراءة حفص “لِتُحْصِنَكُم”، أي: لتحصنكم الصنعة، أى إن العبرة ليست بمجرد لبس الدروع، وإنما بالدروع المتقنة، فعلى كل صانع أن يتقن صنعته، وكأن القرآن الكريم يقول عليكم أن تتقنوا صنعتكم كما أتقن داوود (عليه السلام) صنعته.
ووجه جمعة، التحية لكل عامل، وكل صانع، وكل زارع، مؤكدًا أن التنمية الشاملة لابد لها من قوة تحميها، فالاقتصاد لابد له من قوة تحميه، والقوة لابد لها من اقتصاد قوى يبنيها، فالعلاقة طردية، والتنمية الشاملة تشمل تنمية الإنسان، وتنمية العمران، وتنمية القوة المتمثلة فى الجيوش الوطنية، فتحية لقواتنا المسلحة الباسلة ولشرطتنا الوطنية، وتحية لجيشنا الوطنى الأبى الذى يحمى ولا يبغى، لكنه نار تحرق المعتدى ومن يفكر بالاعتداء على أرضنا أو وطننا أو عرضنا أو حقوقنا الوطنية المشروعة.
كما أكد وزير الأوقاف، أن الدين الحقيقى هو فن صناعة الحياة، لا فن صناعة الموت كما تفعل الجماعات المتطرفة، وأن مهمتنا عمارة الدنيا بالدين لا تخريبها باسم الدين، ومن هنا كان مفهوم التنمية الشاملة، وهى التى تشمل الإنسان ثقافة ووعيًا وصحة وتعليمًا، ومواجهة الشائعات، وبناءً إيمانيًّا وأخلاقيًا وسلوكيًا وفكريًا صحيحًا، وتشمل البنيان والعمران، ومن التنمية الشاملة ما نحن فيه اليوم، فهذا المسجد الذى كان زاوية صغيرة تحول إلى مسجد كبير، وتحولت المنطقة كلها من منطقة عشوائية إلى منطقة حضارية، فى إطار خطة الدولة المصرية للتنمية الشاملة بتحويل جميع العشوائيات إلى مناطق آمنة تليق بحياة إنسانية كريمة، وفى عمق التنمية الشاملة تلك المبادرة التى أطلقها سيادة الرئيس للتنمية الشاملة للريف المصرى .
وفى ختام خطبته أكد وزير الأوقاف على أهمية العناية بالأيتام والضعفاء، مؤكدًا أن هذا من صميم التنمية الشاملة، فالتنمية الشاملة هى التى تُعنى بجميع أبناء الوطن وجميع طبقاته، كما تُعنى بالضعفاء قبل الأقوياء ومنها العناية باليتيم والمسكين، محذرًا كل من تسول له نفسه أن يعتدى على مال اليتيم مستشهدًا بقوله تعالى : ” إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا”، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “ابغونى الضُّعفاءَ، فإنَّما تُرزقونَ و تُنصرونَ بضعفائِكُمْ”، ويقول أيضًا : “أَنَا وَامْرَأَةٌ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ كَهَاتَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ – وَجَمَعَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى – امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ آمَتْ مِنْ زَوْجِهَا، حَبَسَتْ نَفْسَهَا عَلَى أَيْتَامِهَا حَتَّى بَانُوا أَوْ مَاتُوا”، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “أنا أول من يفتح له باب الجنة, إلا أن امرأة تبادرنى فأقول لها : ما لك أو ما أنت؟ فتقول: أنا امرأة قعدت على أيتامي”، وعن عائشةَ رضى اللَّهُ عنها قَالَتْ : جَاءَتنى مِسْكِينَةٌ تَحْمِل ابْنَتَيْن لَهَا، فَأَطعمتُهَا ثَلاثَ تَمْرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلى فِيها تَمْرةً لتَأكُلهَا، فَاسْتَطعَمَتهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّت التَّمْرَةَ الَّتى كَانَتْ تُريدُ أَنْ تأْكُلهَا بيْنهُمَا، فأَعْجبنى شَأْنها، فَذَكرْتُ الَّذى صنعَتْ لرسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: “إنَّ اللَّه قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الجنَّةَ، أَو أَعْتقَها بِهَا من النَّارِ”.
مسجد الصحابة بالمنيا
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
وزيرا الأوقاف والشباب والرياضة بمسجد الصحابة
افتتاح مسجد الصحابة بالمنيا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة