إن لله تعالى فى أيامه نفحات، فما أحوجنا إلى نفحات هذا الشهر المعظم وسط أزمة كورونا العالمية التى ما زالت تهدد حياة الملايين من البشر، ولأن هذا الشهر عطاء ربانى تزيد فيه الحسنات والبركات، وتتنزل فيه الرَّحمات، وتغفر فيه الذُّنوب والسَّيئات، وفى ظل مواصلة حلقات "نفحات رمضانية" نتحدث اليوم عن الصدقة وفضلها، لما لها من ثمار عظيمة، بل أن فضلها يعدل سبعين ضعفا من غيرها، ففى البخارى قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة وكان أجود ما يكون فى رمضان، وهذا دليل على أنها فى رمضان مضاعفة وأجرها عظيم.
ولعظم الصدقة وجزيل أجرها فقد وضع الله سبحانه وتعالى لأصحابها بابا فى الجنة لا يدخل منه إلا أهل الصدقة كما أخبر عن ذلك نبينا الكريم، حينما قال "ومن كان من أهل الصدقة دعى من باب الصدقة".
ورغم فضل الصدقة، لكن أخطر ما فيها أن يطلبها من لا يستحقها، فقد حذّر الرسول صلى الله عليه وسلم من يطلب الصدقة وهو لا يستحقها من سوء العاقبة، سواء كان طلبها بالتسول من عامة الناس، أم بطلبها من المال العام الذى تشرف الدولة عليه ومسؤولة عنه لإيصاله إلى المستحقين، فقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة أقسم عليهن: مَا نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إِلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر).
وعلينا أن لا ننسى أيضا، أن الصدقة ترفع المرض والبلاء، ونحن نعانى الآن من ويلات وباء كوفيد 19 المستجد، وما أحوجنا لرفع الله جل شأنه هذه الغمة وهذا البلاء الذى هدد ملايين البشر، وزهقت بسببه مئات الآلاف الأرواح، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا وداووا مرضاكم بالصدقة، فإن الصدقة تدفع عن الأعراض والأمراض، وهي زيادة فى أعمالكم وحسناتكم»، ومن جهة أخرى آخذين بأسباب الدنيا، وهى الالتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية من هذا الوباء.
وبما أننا نعيش في هذه الأيام المباركة موسما عظيما يتسارع الناس فيه إلى الخيرات ولا سيما الصدقة، قد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسى أن الله تعالى يقول: «وما تقرب إلى عبدى بمثل ما اقترضته عليه ولا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه".
وإذا كان الحفاظ على النفس يسبق أداء الفريضة، نقول فى ظل التخوفات من زيادة معدلات الإصابة بكورونا وفى ظل الطقوس الرمضانية المحببة عند البعض في هذا الشهر الكريم، ونحن نبحث عن نفحات ربانية، علينا أن لا ننسى الأخذ بأسباب الوقاية والسلامة باتباع الإجراءات الاحترازية من باب حماية النفس والإحسان، لقوله تعالى: "وَلا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين".. وإلى لقاء أخر فى حلقة أخرى من نفحات رمضانية..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة