أحد أهم قوانين نيوتن الفيزيائية هى «لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه»، وهذا القانون الشهير اتخذه المؤلف والمخرج تامر محسن محورا أساسيا ومرتكزا لمسلسله «لعبة نيوتن»، وحلقة بعد أخرى، يثبت صناع هذا العمل أنه ضمن قائمة الأفضل فى دراما رمضان 2021.
مسلسل «لعبة نيوتن» يتعمق فى مشاعر البشر، متخذا من القوانين الفيزيائية بناء دراميا، مستعينا بقانون «الجسم الساكن يبقى ساكنا، والجسم المتحرك يبقى متحركا، ما لم تؤثر عليه قوى ما»، فعلاقة منى زكى «هنا» بمحمد ممدوح «حازم» أنها تساعده فى عمله وتقف بجانبه إلى أن تأتى فكرة السفر والولادة فى الخارج، فتؤثر عليهما وتحرك الجسم الساكن، وأيضا نرى أن علاقة مؤنس وزوجته سارة هى علاقة طبيعية هادئة وساكنة، ولكن وجود «هنا» فى نفس المنزل يحرك العلاقة ويجعلها متغيرة بعض الشىء ، فخوف وضعف وارتباك «هنا»، «منى زكى»، ورغبتها فى إثبات ذاتها مع صمودها وإظهار قوتها يتغير شيئا فشىء، أما حازم «محمد ممدوح»، فرغم كتلته الجسدية الكبيرة، فإنه فاقد الثقة فى نفسه، ويحاول السيطرة على هنا بتسلطه، كما أنه شكاك، فنجد أيضا تأثير القوى الخارجية عليه مدمرا له، ويبذل مجهودا كبيرا كممثل فى استهلاك مشاعره من أجل إقناع المشاهدين بمأساته، وللحق هو ناجح فى تلك المنطقة الأدائية برغم الانتقاد الشديد الموجه له بسبب مخارج ألفاظه.
قانون «لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه»، يتجلى فى أحداث المسلسل، من خلال كلام حازم لـ«هنا» بأن هناك نساء يستطعن السفر والولادة فى أمريكا، ولكنها لن تتمكن لأنها بحاجة إليه ولا تستطيع العيش بدونه، ولذلك كان رد فعل «هنا»، «منى زكى»، إثبات العكس، فسافرت إلى أمريكا بدونه محاولة إثبات نفسها، ولكن إصرار حازم على عودة هنا لعدم قدرتها على الاستمرار وحدها، جعلت منها نموذجا يرغب فى إثبات ذاته، وتمسكت برغبتها فى السفر والمواجهة وحدها، لكى تثبت له أنها تستطيع، وكذلك نجد تهديد حازم لهنا بالطلاق، كان له رد فعل معاكس وإصرار أكثر من هنا على البقاء وتحمل كل العواقب.
المسلسل كل مشهد فيه يحمل الكثير من التفاصيل، ولا يمر المشهد كمثله فى مسلسل آخر، لكنه ينال إشادات من رواد السوشيال ميديا ومن الكثير من النقاد، فمثلا مشهد منى زكى فى «الحمام» كان نموذجا لاهتمام المخرج تامر محسن بتفاصيل التفاصيل، وأيضا إدارته للممثلين معه بحرفية وعبقرية، فمنى ذكى فى هذا المشهد، ونضيف له أيضا مشهد الولادة، كم كان مؤثرا وكيف نقلت لنا منى ذكى الخوف والتوتر مع احتفاظها بتفاصيل شخصيتها، التى صنعتها بالنطق بالإنجليزى المكسر واللكنة التى وضعتها فى الشخصية.
سيد رجب يعزف منفردا بأداء عالمى لشخصية «بدر»، ذلك الرجل الغامض الذى تكشف الحلقات الأخيرة أنه يحمل بداخله مأساة، ووراء تصرفاته غير المبرررة، أحيانا، قصة إنسانية، وظهر ذلك من خلال حوار دار بينه وبين عائشة بن أحمد حول ابنته، وستكشفه الحلقات المقبلة، كما أن مشهد «العزاء» فى بداية المسلسل بين سيد رجب ومحمد ممدوح، يعد من المشاهد التى لن تناساها مطلقا، والحوار فى هذا المشهد مكتوب بحرفية شديدة وأداء الممثلين فى أبهى صوره.
«لعبة نيوتن» مسلسل شديد الإتقان، تتكامل فيه كل العناصر، من سيناريو محكم جدا ومكتوب بدقة وتفاصيل التفاصيل، كما أننا نشاهد معادلا بصريا وصورة تزيد من جمال العمل، ومونتاجا يحرك مشاعرنا ويدخلنا فى حالات مختلفة، ما بين التوتر والخوف والحذر، وكل ذلك يقوده مخرج متميز اسمه تامر محسن.
المسلسل بطولة كل من «منى زكى، محمد فراج، محمد ممدوح، سيد رجب، عائشة بن أحمد، مايان السيد، أسامة الهادى، ولأول مرة فى الدراما المصرية الممثل المصرى الأمريكى آدم الشرقاوى»، سيناريو وإشراف على الكتابة مها الوزير، وتضم ورشة السيناريو والحوار الكتاب «مها الوزير، سمر عبدالناصر، محمد الشخيبى، عمار صبرى»، من إنتاج شركة Media Hub «سعدى - جوهر»، تأليف وإخراج تامر محسن.
