خلال عقود ظلت المنطقة الغربية فى مصر مجرد صحراء خالية من العمران، أو التنمية، مناطق تعانى من تراكم وخطر الألغام، وأخرى تمثل أراض فارغة بلا أى تفكير فى التنمية، واقتصر الأمر على تحويل أجزاء من الساحل الشمالى إلى مصايف ومنتجعات يشغلها المصطافون، ثلاثة شهور الصيف.
لكن أقل من سبع سنوات دبت الحياة فى هذا الفراغ الجغرافى، مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، بدأت خطط وتحركات على مستوى واسع، لبناء مجتمعات زراعية وسكانية يمكنها استيعاب ملايين المواطنين، وعندما كان الرئيس عبدالفتاح السيسى، يتحدث عن دلتا جديدة ومليون ونصف المليون فدان، بدا الأمر أقرب للخيال، وطرحت تساؤلات عن الوقت والجهد والمال الذى يمكنه تحويل الصحراء إلى مجتمعات تدب فيها الحياة، كانت ملامح التحرك غير واضحة فى أذهان كثيرة، إنشاء طرق عملاقة فى كل مكان لتخفض زمن النقل إلى أقل من واحد على عشرة، محاور وأراض يتم البدء فى استصلاحها وزراعتها.
فى العام الماضى رأينا صوبات زراعية تنتج عشرات الملايين من الأطنان، من منتجات زراعية تمت زراعتها فى صوبات حديثة، توفر الماء وتنتج سلعا خالية من الكيماويات تطرح فى السوق بأسعار مناسبة، وخلال عام كامل واجهت فيه دول العالم الكبرى نقصا فى المنتجات الغذائية وارتفاعا فى الأسعار، ظلت مصر من بين استثناءات، خلال عام الأزمة والعالم مغلق، ظلت أسعار الغذاء فى مصر ثابتة ومناسبة. وبدا أن الإجابة على أسئلة التقنية جاءت سريعًا، توفرت الإرادة وراهن السيسى على العمل المخطط بالعلم والخبرة.
بالأمس كان الرئيس السيسى يتفقد «مستقبل مصر» للإنتاج الزراعى بالصحراء الغربية بمناسبة بدء موسم الحصاد، ويؤكد نجاح مشروعات بدت حتى سنوات قليلة ضربا من الخيال. الزراعة فى المشروع تتم وفق أحدث الوسائل الزراعية التكنولوجية الحديثة، كما التقى الرئيس بعدد من رؤساء الشركات الزراعية المشتركة فى المشروع، داعيا المستثمرين للاستثمار فى مكان جاهز، نحن أمام مشروع عملاق يتضمن زراعة 500 ألف فدان، تم الانتهاء من 200 ألف فدان فى المرحلة الأولى، وجار استصلاح 300 ألف فدان، والموارد المائية تأتى من محطات معالجة مياه الصرف الزراعى، وتم الانتهاء من تنفيذ البنية الأساسية وتشمل تمهيد 500 كيلومتر طرق، وحفر آبار المياه الجوفية، وإنشاء محطتين للكهرباء بقدرة 350 ميجاوات وشبكة كهرباء داخلية بطول 200 كم، ومخازن مستلزمات الإنتاج ومبان إدارية وسكنية.
خطط الدولة تقوم على زيادة الرقعة الزراعية وتوفير فرص العمل ضمن المشروع العملاق «الدلتا الجديدة»، على امتداد محور روض الفرج - الضبعة الجديد، والتى تقع بالقرب من مطارى سفنكس وبرج العرب وميناءى الدخيلة والإسكندرية، مما يساعد على سهولة توصيل أدوات الإنتاج ونقل المنتجات أو تصديرها، وهو ما يعطى ميزات للمشروع ويفتح شهية أى مستثمر جاء للعمل، فى مكان جاهز ببنيته الأساسية وخدماته.
السيسى من خلال الدلتا الجديدة يأخذ التنمية إلى مرحلة أخرى من خلال إنشاء مجتمعات زراعية وعمرانية جديدة تتسم بنظم إدارية سليمة، فضلًا عن إقامة مجمعات صناعية تقوم على الإنتاج الزراعى بمراحله، من زراعة المحاصيل وحصادها بأحدث الآليات ثم الفرز والتعبئة والتصنيع، ويوفر مشروع «مستقبل مصر» مئات الآلاف من فرص العمل الجديدة، ومنتجات زراعية ذات جودة عالية بأسعار مناسبة وفائض للتصدير.
كل هذه المشروعات لم تكن موجودة، قبل خمس سنوات، وأصبحت واقعًا ضمن خطط أصبحت تتضح، وتسلم بعضها لبناء تنمية ومجتمعات قادرة على البقاء والنمو والإنتاج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة