دعت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية فى عددها الصادر اليوم الخميس، قادة الاتحاد الأوروبى للتعلم مما وصفته بـ"جرأة" الرئيس الأمريكى جو بايدن، إذ رأت أن الإستراتيجية الاقتصادية التوسعية للرئيس بايدن تتناقض على نحو صارخ مع النزعة الدفاعية للاتحاد الأوروبى .
واستهلت الصحيفة تقريرا لها فى هذا الشأن، نشرته على موقعها الالكترونى، يذكر أن سياسة العصر الحديث غالبا ما تنتج نوعين من القادة ، فهناك أولئك الذين يسعون للحصول على مظلة حماية ويتبعون سياسات آمنة، وآخرون، وهم عدد أقل بكثير، الذين يشرعون فى تغيير المناخ المحيط. واعتبرت أن الديمقراطيات الغربية حظت مؤخرًا بوفرة كبيرة فى السياسيين الذين يحتمون من العاصفة .
وقالت الصحيفة من المفترض أن يكون الشباب والطاقة مترادفين لكن على ما يبدو فإن مهمة إعادة اكتشاف القوة الكامنة فى وسط الأزمات قد وقعت على عاتق رجل يبلغ من العمر 78 عامًا وانتقل مؤخرا إلى البيت الأبيض. حتى أنه أثبت، بعد أيام قليلة من تنصيبه، أن حكومته استطاعت تغير زمام الأمور.
ومضت الصحيفة فى سرد النجاحات التى حققها بايدن حتى الآن، والتى جاءت على عكس الانتقادات التى انهالت عليه إبان حملة الانتخابات الرئاسية وكانت تأتي معظمها من خصمه الرئيس السابق دونالد ترامب، والذى كان يصفه بـ"جو النائم"، ومع ذلك، أكدت الصحيفة أن نجاح بايدن فى التغلب على خصمه، واستعادة قدر من النزاهة للديمقراطية الأمريكية وإعادة بناء التحالفات القديمة للولايات المتحدة فضلا عن جهوده في عودة الحياة إلى طبيعتها فى خضم ازمة جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" ستكون كافية للغاية للدفاع عن أداء بايدن حتى الآن .
إلى جانب ذلك، أبرزت الصحيفة أن بايدن يسعى لأن يتبع مشروع قانون التحفيز الاقتصادى البالغ قيمته 1.9 تريليون دولار الذى أقره الكونجرس بالفعل،والذى اقترحه قبل شهور للخروج من أزمة الجائحة- حزمة أخرى لتطوير البنية التحتية والتعليمية قد تصل قيمتها إلى 3 تريليونات دولار.
مع ذلك، تابعت الصحيفة البريطانية أن هناك نقاد ربما يقولون إن بايدن لم يفعل أكثر من استغلال "لحظة" كوفيد. ورغم أن بعضا من هذه الأقاويل قد تكون صحيحة، إلا أن هدف بايدن من هذا الأمر كان يتمحور حول إعادة توازن أساسية لاقتصادات السوق الأمريكي. ومن المفارقات أن الأوروبيين، الذين ينادون منذ فترة طويلة برأسمالية أكثر ليونة، لديهم الكثير ليتعلمه.
ورغم أن المستشارة الألمانية وأقوى سيدة فى أوروبا أنجيلا ميركل وافقت على تمويل بقيمة 750 مليار يورو لمعالجة أزمة كوفيد، إلا أنه، من حيث الحجم والتوقيت، يتضاءل بكثير أمام خطط بايدن. فلا تزال ألمانيا تسير تحت راية الأصولية المالية. وحتى مع استمرار إغلاق الكثير من دول أوروبا بسبب الوباء، تصر برلين على أن سياسة منطقة اليورو يجب أن تكون متوازنة. وناهيك عن انخفاض معدلات النمو والتوظيف غير الآمن وارتفاع معدلات الركود، إلا أن هذه السياسة أيضا من شأنها أن تغذي سياسات التظلم الشعبوية .
وأخيرا، رأت "فاينانشيال تايمز" في ختام تقريرها أن "جرأة بايدن يجب أن تقاس فى مقابل النتائج السلبية لسياسة التقاعس عن العمل. وبغض النظر عن المصير النهائي لتجربته، توصل بايدن إلى إجابة مفادها أن الديمقراطية تزدهر عندما يعمل النظام مع مواطنيه.