المشرف على المشروع: اللوحة طولها 5.70 متر وتزن 16 طنا بعد الترميمات.. وتعد أكبر وأضخم لوحة جرانيتية لملوك الفراعنة بالكرنك
إنجاز جديد لرجال الآثار المصريين بالتعاون مع بعثة المركز الثقافي الفرنسى بمعابد الكرنك، وهو الكشف عن أكبر لوحة تاريخية فى الصرح الثامن للمعبد والتى تعود للملك أمنحتب الثاني الملك العسكرى العظيم، والتى دون عليها سلسلة حروبه وانتصاراته فى سوريا وفلسطين، عقب انتهاء عمليات ترميمها بعدما كانت 4 قطع وجمعت من الأقصر وأسيوط حتى عادت لموقعها الطبيعي داخل الكرنك.
وفى هذا الصدد يقول الدكتور مصطفى وزيري أمين المجلس الأعلى للآثار لـ"اليوم السابع"، إن الملك أمنحتب الثانى أقام تلك اللوحة لتسجيل حروبه وانتصارته فى سوريا وفلسطين، حيث إن تلك اللوحة من الجرانيت وكانت محطمة لأربع أجزاء منها قطعتان فى معبد الكرنك، وقطعة فى مخزن الشيخ لبيب، والرابعة نقلت إلى أسيوط واستخدمت كرحاية لدى أحد المواطنين، ونجح المركز المصرى الفرنسي من جدول أعماله الذي تم الموافقة والتصديق عليه من اللجنة الدائمة المصرية، هو برنامج إعادة ترميم تلك اللوحة.
وأضاف الدكتور مصطفى وزيري، أنه كانت المشكلة فى تلك اللوحة أنها محطمة وقطعها فى مكان ضيق بين البيلون الثامن وتمثال تحتمس الثانى، بصورة صعبة للغاية ولكن بخبرة رجال الآثار بالأقصر من "صبانين ووناش ومرممين مصريين ومرممين فرنسيين" قاموا بعمل رائع فى عمل اللوحة بإرتفاع حوالى 5.70 متر، وعرض أكثر من 2 متر، وكانت تزين حوالى 20 طن تقريباً، وحالياً أصبح وزنها حوالى 16 طن فهناك بعضأجزاء منها تفتت وآخرى فقدت وتهالك مما تسبب فى فرق الأوزان، حيث تم ترميم اللوحة مرة فى عهد الملك سيتى الأول وكتب عليها أنه قام بالترميمات اللازمة فى أماكن كثبرة داخل معابد الكرنك.
وأوضح أمين المجلس الأعلى للآثار، أن ذلك العمل ثمرة تعاون مشترك بين الجانب المصرى والجانب الفرنسي، وأصبحت نتيجته مثمرة كما كانت فى الماضي على مر السنوات، حيث تم العمل فى ترميم اللوحة فى شهر واحد فقط بقدرات جبارة بين الجانبين المصرى والفرنسي، وذلك بما يتوافق بأعلى المعايير العلمية والعالمية بجهد مستمر وعمل يومى دؤوب من فريق العمل داخل معابد الكرنك، موضحاً أنه فى الجزء العلوى للوحة تمت سرقته منذ حوالى 700 سنة فى العصور الوسطى حيث إن أغلب أماكن الكرنك أستخدمت كمحاجر وأخذ كتل جرانيتية، والجزء العلوى تم نقله لمركز الشطب بمحافظة أسيوط واستخدمه أحد السكان كرحاية أو مطحنة حبوب وقمح، وعليها بقايا إسم الملك أمنحتب الثانى، وعادت القطعة بمشاجرة بين الجيران وأبلغ أحدهما عن وجود رحاية آثرية داخل منزل جاره وتم العثور عليها بالفعل وعادت لمعابد الكرنك، وتم العمل فى ترميم وتشييد وإنقاذ تلك اللوحة لتعود للكرنك من جديد.
ووجه الشكر لكل من ساهم فى ترميم وفى تشييد لوحة انتصارات وحروب الملك أمنحتب الثانى، أمام الصرح الثامن بمعابد الكرنك، وعلى أسهم فريق العمل المصرى بقيادة الطيب غريب مدير بمعابد الكرنك، والدكتور مصطفي الصغير مدير معابد الكرنك، وصلاح الماسخ مدير بمعابد الكرنك، وسعدى زكي عبد الله مدير عام ترميم معابد الكرنك، وفريق العمال بقيادة الريس محمود فاروق كبير عمال معابد الكرنك، وعدد من قيادات بعثة المركز الفرنسى المصرى لدراسات معبد الكرنك.
فيما قال الطيب غريب مدير بمعابد الكرنك، والمشرف على مشروع ترميم اللوحة التاريخية لإنتصارات وحروب الملك أمنحتب الثانى، أن تلك اللوحة تعتبر أكبر وأضخم لوحة جرانيتية تضم تاريخ ملك من ملوك الحضارة الفرعونية القديمة داخل معابد الكرنك، موضحاً أنه أحد الملوك المحاربين الذي كانت له عدد كبير من الإنتصارات الضخمة وهو من الأسرة الـ18، وقرر تسجيل حروبه على مجموعة من اللوحات وبعض الصروح الموجودة بمعابد الكرنك.
وأضاف المشرف على مشروع ترميم اللوحة التاريخية لإنتصارات وحروب الملك أمنحتب الثانى، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن تلك اللوحة واحدة من لوحات الملك داخل الكرنك، وهى تم تسجيل عليها انتصاراته فى منطقة سوريا وفلسطين وإنتصاره على ملوك الشمال الشرقى لمصر، فهى أضخم لوحة فى مجموعة معابد الكرنك بارتفاع حوالى 6 أمتار ووزنها حوالى 16 طنا، حيث رممها من قبل الملك سيتى الأول وسجل اسمه عليها، موضحاً أنه يعتبر الملك أمنحت الثانى من أشهر فراعنة الدولة الحديثة المحاربين وعرف باسم "الملك الرياضى"، وورث إمبراطورية كبيرة عن والده سيد ملوك مصر المحاربين الفرعون الأشهر الملك تحتمس الثالث، وقام بحملات عسكرية قليلة فى سوريا. وحارب أقل من والده العظيم الملك تحتمس الثالث.
ويقول كتاب "الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون" للدكتور حسين عبد البصير، عرف عن الملك أمنحتب الثانى أنه كان محبًا جدًا للألعاب الرياضية، فكان الملك رياضيًا قوى البنيان، وكان يجيد ركوب الخيل، وكان من ضمن هواياته الذهاب إلى الحرب على اعتبار أنها رياضة مسلية كما كان يراها، وأوضح كتاب "الفراعنة المحاربون"، أنه بفحص مومياء الملك أمنحتب الثانى، اتضح لنا أنه كان بحق مفتول العضلات وكان قوى الساعد، وكانت رياضة الرماية هى هواية العمر التى واظب على ممارستها الملك أمنحتب الثانى، وعثرنا على لوحة من الجرانيت فى الكرنك تصف مهارة الملك أمنحتب الثانى فى كيفية استخدام القوس، حيث أنه نجح فى استخدام سهامه كى تصيب هدفاً من النحاس بسمك 6 سنتيمترات لأربع عشرة مرة متتالية، وهذا أمر مذهل للغاية، وكان له مدرب ملكى للرماية من ضمن صفوف جيش الملك تحتمس الثالث العظيم.
وأضاف الدكتور حسين عبد البصير: "حاول الفرعون الرياضي أمنحتب الثاني الاحتفاظ بالإمبراطورية الآسيوية التي امتلكها عن والده الملك تحتمس الثالث العظيم ، وذلك باستخدام القسوة في سحق أي تمرد قد يبدر ضده، فنراه فى السنة الثالثة من حكمه يرسل حملة إلى شمال سوريا، وكانت تلك أول الحروب التى شنها على آسيا، ووجدنا نقوشًا فى أعمدة إلفنتين وفي أرمنت، يفخر فيها الملك الرياضى أمنحتب الثانى بقتله سبعة أمراء من شمال سوريا، وقاد فى العام السابع من حكمه حملة إلى فلسطين فأخضع أمراءها، ثم استولى عليها فى مدة قصيرة، ثم عبر النهر، ثم استولى على العديد من البلدان والقرى"، ثم اتجه بعدها إلى مدينة قادش الشهيرة التى ما أن علم أهلها بوجوده حتى ذهبوا يقدمون له يمين الولاء والطاعة، وبعد ذلك اتجه الفرعون الرياضى إلى إلفنتين وعاد منها بغنائم كثيرة لمصر العظيمة، وفى العام التاسع من حكمه، أرسل حملة ثانية إلى شمال فلسطين لإخماد ثورة قامت فيها، فهزم أهلها هزيمة نكراء، وأخذ منهم أسرى يقدر عددهم بتسعين ألف أسير، ووصل بجيشه إلى نهر الفراتببلاد النهرين (العراق حاليًا). ونتيجة لانتصاراته المدوية، أسرع إليه أمراء آسيا محملين بالهدايا ومقدمين إلى جلالة الفرعون الرياضى فروض الولاء والطاعة، وبعد العام التاسع من حكمه، توجه الملك أمنحتب الثانى إلى الاهتمام بشئون البلاد الداخلية بعد أن شعر بالرضا عن إنجازاته الحربية التى جلبت له الاستقرار والراحة والأمان فى أرجاء الإمبراطورية المصرية الفسيحة.
وأضاف كتاب "الفراعنة المحاربون" أن الملك أمنحتب الثانى توفى بعد أن حكم مصر لمدة 25 سنة، ودفن فى مقبرة بوادى الملوك وهى المقبرة رقم 35، وقد تم نحت هذه المقبرة فى الصخر وتم تزيينها بصور مجموعة كتب العالم الآخر، وقد اكتشف هذه المقبرة فيكتور لوريه فى عام 1898م، ولعل أهمية هذه المقبرة ترجع إلى أنه في إحدى الحجرات الجانبية في هذه المقبرة، تم اكتشاف خبيئة لمومياوات الفراعنة وعثر بها على 13 مومياء معظمها لملوك نقلوا إلى مقبرته منهم ابنه تحتمس الرابع، وحفيده أمنحتب الثالث وزوجة الأخير الملكة تي، والملوك سبتاح ومرنبتاح ورمسيس الرابع والخامس والسادس وسيتي الثاني وست نخت، بالإضافة إلى صاحب المقبرة الذى وجد داخل تابوته وحول عنقه أكليل من الزهور.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة