اجتماع طارئ على مستوى وزراء الخارجية العرب، انطلق اليوم الثلاثاء، بجامعة الدول العربية، عبر تقنية "الفيديو كونفرنس"، وذلك لمناقشة الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل بمدينة القدس المحتلة، سواء في المسجد الأقصى أو عبر تهجير سكان حى الشيخ جراح من منازلهم، فى محاولة لتغيير الوضع الديموجرافى، وفرض الأمر الواقع، فى إطار خطة أكبر لتفريغ البلدة القديمة من هويتها العربية.
ولعل الهدف الرئيسى من الاجتماع يتجسد في بحث التحركات العربية، الرامية لوقف الجرائم والاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس والمسجد الأقصى وعلى سكان حي الشيخ جراح، وذلك ضمن سياسة إسرائيلية ممنهجة لتهويد القدس وتغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم للمدينة ومقدساتها، كما يناقش الجرائم والاعتداءات الإسرائيلية في المدينة والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها خاصة المسجد الاقصى المبارك والاعتداء على المصلين في شهر رمضان، بالإضافة إلى الاعتداءات الإسرائيلية والمخططات للاستيلاء على منازل المواطنين المقدسيين، خاصة في حي الشيخ جراح في محاولة لتفريغ المدينة المقدسة من سكانها وتهجير أهلها.
ولكن تبقى رسالة الجامعة العربية إلى العالم، فيما يتعلق بالموقف من فلسطين، والانتهاكات الإسرائيلية، أولوية مهمة في ظل معطيات، أبرزها محورية القضية الفلسطينية، في أجندة الكيان العربى المشترك، وهو الأمر الذى ظهر أولا عبر "ترفيع" الاجتماع، ليكون على المستوى الوزارى، بعدما كان على مستوى المندوبين الدائمين، فى استجابة صريحة من قبل إدارة الجامعة العربية، ليس فقط لمجرد طلب تقدمت به دولة فلسطين، وإنما بمنظور أوسع لأوضاع شهدت تطورات كبيرة، على الأرض في الساعات الماضية، ليكون مستوى الاجتماع متسقا مع خطورة الوضع.
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط
ففى كلمته أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب، قال أبو الغيط، إن الاجتماع ليس لمجرد إدانة ما يجرى على الأراضى المحتلة، وإنما يمثل رسالة واضحة للعالم بأن الوضع في فلسطين غير قابل للاستمرار على هذا النحو، فأن الهدوء، الذي طالما ادعى الاحتلال وجوده ليس إلا هدوًء على السطح، يخفي تحته عناصر لانفجار وتصعيد لن تقف آثاره عند حدود المنطقة.
وأردف قائلاً "ما شهدناه هو بكل وضوح وصراحة، استفزازات مفتعلة من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي طالت أقدس المقدسات الإسلامية، وفي أقدس الشهور لدى المسلمين".
حديث أبو الغيط عن الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسات الإسلامية، في القدس، يمثل امتدادا صريحا لحقيقة مفادها أن المدينة المقدسة، تمثل أحد أهم ثوابت العمل العربى المشترك، في ظل الإصرار الكبير لدى الدول العربية على الاحتفاظ بهوية القدس، والتي تسعى إسرائيل إلى تغييرها، ناهيك عن كونها أحد المحاور الهامة فيما يتعلق بعملية السلام برمتها، والقائمة على فكرة حل الدولتين، مع الاحتفاظ بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين.
فى هذا الإطار، قال الأمين العام المساعد، السفير حسام زكى، في مداخلة هاتفية أمس الإثنين، إن هناك ثوابت عربية تجاه القدس لا تتغير، وهناك مجموعة التحركات والإجراءات التى يمكن للجامعة أن توثقها لكى تدعم الموقف الفلسطينى وتدعمه فى موقف سياسى على المستوى الدولى، موضحا أن ما يجرى فى القدس لن تستفيد منه إسرائيل على الرغم من العنف من قوات الاحتلال.. والعنصر الفلسطينى قوى فى تمسكه على حقه والحفاظ على أرضه.. وعرض ما يحدث فى جميع دول العالم ما يحدث فى فلسطين وشرح الوضع.
وهنا تلوح في الأفق أهداف أخرى للاجتماع الذى تعقده الجامعة العربية، يتمثل في ضرورة حشد المجتمع الدولى بكل مكوناته، من أجل ممارسة مزيد من الضغط على الاحتلال الإسرائيلي، في المرحلة الراهنة، لوقف الانتهاكات كأولوية، بينما يأتي بعد ذلك خطوات أخرى من شأنها دفعه نحو إبداء مزيد من المرونة في المستقبل، لتحقيق أكبر قدر من النجاح لأى مفاوضات مستقبلية.
الجامعة العربية
ولذا كانت دعوة الأمين العام واضحة، خلال الاجتماع الوزاري، اليوم الثلاثاء، عبر الدعوة التي أطلقها، لكافة القوى المؤمنة بالتسوية السلمية العمل على وقف هذه الهجمة الاستيطانية الشرسة التي تهدد بتفجير الوضع في القدس، وفي الأراضي المحتلة بوجه عام، مشيرا إلى أن ما يجري هو جرس إنذار يتوجب التنبه لدلالاته، حيث لم يعد بالإمكان الاطمئنان لاستمرار الوضع القائم أو استدامة الاحتلال ومظاهره المشينة.
وأضاف: "يتعين على الرباعية الدولية أن تتحمل مسئولياتها، فمن دون أفق للتسوية السياسية أو تحرك جاد نحو انهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.. ستظل هذه القضية رهينة لأجندة اليمين الإسرائيلي.. وسيسيطر المتطرفون والمستوطنون على المشهد ويحددون الاتجاه.. بكل ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر لا أبالغ إن قلت إنها تهدد السلم الدولى".