لا حديث اليوم يعلو على القضية الفلسطينية والأزمة التى يعيشها الفلسطينيون على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومن المهم الحديث عن هؤلاء المحتلين الذين يزعمون أنهم أصحاب الأرض مع أن كل الأدلة تؤكد أنهم لا علاقة لهم بها، ومرجعيتنا فى ذلك المفكر المصرى الكبير جمال حمدان.
للدكتور جمال حمدان كتاب مهم عنوانه "اليهود أنثروبولوجيًا" صدر فى عام 1967، وفيه يبحث جمال حمدان عن إجابات: ما أصل اليهود؟، من هم اليهود وكيف كانت نشأتهم؟ كيف وصلوا إلى فلسطين؟ كيف خرجوا منها عن طريق الشتات؟ هل القول بأن اليهود والعرب أبناء عمومة، قول صحيح؟
ويسعى جمال حمدان فى الكتاب لإثبات أن اليهود المعاصرين الذين يدعون الانتماء أصلاً إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا منها فى فترة ما قبل الميلاد، وإنما ينتمى هؤلاء إلى إمبراطورية الخزر التترية التى قامت بين بحر قزوين والبحر الأسود، والتى اعتنقت الديانة اليهودية فى القرن الثامن الميلادى.
والدراسة ركزت على اليهود كبشر لهم تاريخ مشترك مع كثير من الشعوب الأخرى وقدم بالتدريج مراحل اليهود بصورة رأى فيها الكاتب الحقيقة كاملة.
وقدم الدكتور عبد الوهاب المسيرى للكتاب قائلا "كتيب جمال حمدان ليس دراسة أكاديمية بهذا المعنى، وإنما هى دراسة عميقة كتبها مثقف مصرى (صاحب موقف) لا يكتب إلا انطلاقا من لحظة معاناة وكشف، وهو لا شك يتبع معظم الأعراف الأكاديمية ويستخدم كل الآليات البحثية من توثيق وعنعنة، ولكن الآليات هى مجرد آليات، والوسائل لا تتحول أبدا إلى غايات، والمعلومات موجودة وبكثرة (وربما تفوق بمراحل ما تأتى به المراجع المعلوماتية) ولكنها مجرد معلومات، فنقطة البدء هى قلق وجودى عميق أدى إلى ظهور مشروع فكرى متكامل، والهدف يظل دائما هو الوصول إلى الحقيقة وكيف يمكن تحويل الحقيقة إلى عدل".
وتأتى أهمية الكتاب من كونه أول من هدم الأسس الأنثروبولوجية التى بنى عليها اليهود أكاذيبهم فى حقهم للعودة إلى أرض فلسطين، وقد استعان جمال حمدان فى بحثه بتاريخ نشأة اليهود وتتبّع تنقلاتهم جغرافياً وشتاتهم القديم والحديث والتغيرات التى طرأت على أعدادهم بالزيادة المفاجئة فى فترة قصيرة، ومن الناحية الأنثروبولوجية يتتبّع صفات الطول ولون البشرة والشعر والعين وغيرها وأهمهم على الإطلاق شكل الرأس، ليثبت أن اليهود الحاليين ليسوا إلا متهوِّدين، ويستدل عن ذلك بالصفات الموجودة بين القلة الباقية من اليهود الذين لم يخرجوا من فلسطين.. وكذلك ينقض مقولة اليهود بالنقاء الجنسى.
كما يضم الكتاب ملحقا تحديث للكتاب عن هجرات اليهود حتى عام 1992م ويثبت فيه أن فلسطين لم تكن أبداً الوجهة الأساسية لليهود لكنها كانت المهرب الوحيد بعد غلق الولايات المتحدة وأوروبا أبوابها فى وجه الهجرة بالتالى كانت فلسطين الوجهة الأساسية هرباً من الإبادة النازية. كذلك يوضح أن توزيعهم فى العالم يتبع توسعات الدول الاستعمارية أى أن حركتهم دائماً نحو السوق القوي.. وغالباً ما يكون المهاجرون لإسرائيل مؤهلاتهم ضعيفة لا تساعدهم للهجرة نحو الغرب فيتخذونها كمحطة نحو سعيهم للغرب.