فى دفتر السيرة المصرية حكاية بتقولك إن الدنيا دى أيامها بتدور وكأنها منسوخة بالكربون، يعنى اللى حصل زمان بيتكرر دلوقت بنفس تفاصيله يمكن، بأحداث شبهها جايز، بس فى الآخر الدرس هو هو.. والخايب هو اللى مبيتعلمش.
حضراتكم طبعًا عارفين أن التعليم فى مصر استمر لسنين كتير جدا لأولاد الذوات والبشاوات وبس ونادرا.. بقول نادرا لما كنا نلاقى واحد أو واحدة من أولاد الغلابة شقوا طريقهم فى صفوف التعليم.. ونجاحهم وقتها هو اللى ساهم فى فتح الباب لتعليم الكل والحس الوطنى والتبرعات هى اللى بدأت تفتح الباب لإنشاء الجامعات الأهلية وغيرها.
طيب إيه فتح موضوع التعليم والعلام والمدارس والجامعات والكلام ده كله؟! أقولك أنا.
شوف يا عزيزى.. زمان بس مش من زمان أوى، يعنى فى الثلاثينات والأربعينات ولحد أواخر الخمسينات كان لسه الناس فى مصر بتهرب من تعليم البنات، ناس متعلمهمش خالص وناس توديهم الكتاب شوية وناس تالتة تخلى البنات تاخد الابتدائية عشان يا دوب تفك الخط وتقعد بقى فى انتظار العريس.. باختصار الأمر بالنسبة للبنات فى الزمن ده أن الجواز هو الهدف.
الحكاية دى.. حكاية إن البنت للجواز وبس مع قلة التعليم خلقت شوية عادات وخزعبلات وأفكار حاجة كدة ما شاء الله لوز العنب على الأخر..
يعنى يا أسيادنا فى الوقت ده بتاع الخمسينات كانت البنت من دول أول لما تبقى 13 أو 14 سنة تعيش فى دور صغيرة على الحب، ويبقى فتى أحلامها رشدى أباظة أو أحمد رمزى أو شكرى سرحان أو عماد حمدى، بس يا واقعة سودة لو سن البنت عدى 16 سنة.. الدنيا تتقلب والحالة تتغير ولا يبقى فيه رشدى أباظة ولا فى عماد حمدى، بيقى فيه عفاريت وبس.
البنت قبل الـ16 سنة كانت تعيش فى دور صغيرة على الحب ويكون فتى أحلامها رشدى أباظة.. تعدى الـ16 سنة من هنا كل شىء يتغير، هوووب البنت الصغيرة دى تبقى فى نظر المجتمع ونظر نفسها عانس وقطر الجواز هيفوتها وتبدأ تنسى ملامح رشدى أباظة ويبقى الهدف أى عريس وخلاص.. عريس يا ماى.. عريس يا ماى.
وياريت الحكاية تخلص لحد كدة، قلة العلام خلت عادات وأفكار غريبة تنتشر فى وسط البنات والستات عشان يتم المراد من رب العباد والبنت تتجوز، اللى تروح للشيخ فلانى واللى تروح للدجال العلانى، ده غير بقى شوية اعتقادات كدة كان لازم البنات يعملوها عشان يتجوزوا.
سنة 1955 مجلة الإتنين والدنيا نشرت تحقيقا اسمه «يا رب عريس» كان بيتكلم عن الحاجات المجنونة والخزعبلات اللى بتعملها البنات عشان تتجوز.. خد عندك يا سيدى ومتضحكش ومتزهقش.
إن البنت تربط حتة قماش من فستانها على باب المتولى، وتدعى أن ربنا يرزقها العريس أو شوف دى بقى وادعيلى إن البنت اللى أهلها يحسوا إنها عنست تروح تزور وتتبارك بضريح سيدى يحيى، بس مش أى زيارة، الزيارة كالآتى: أول ما تدخل شارع الضريح تسمع دعوات الستات اللى عايشين فى الشارع «يا رب يعدلها لك ويرزقك بابن الحلال.. يا سيدى يحيى حل عقدتها.. يارب افرجها».. أو إن البنت تروح تولع شمعة فى كنيسة سانت تريز.
أو شوف دى بقى عشان عجيبة غريبة، البنت العانس كانت تروح تجيب واحدة مشعوذة تقرأ تعاويذ على بيضة باضتها الفرخة يوم سبت «بيضة السبت».. على أمل البيضة تفقس عريس.
أو البنت تشبك دبوس فى طرحة عروسة فى ليلة الفرح عشان تاخد البركة، أو زى ما كان بيحصل فى الفيوم، البنت تطلع على سطح بيتهم بليل وتعكس صورة القمر فى مراية وتتمنى عريس، ده غير طبعًا اللعبة اللى أنتم عارفينها بتاعة أقرصها فى ركبتها عشان أحصلها فى جمعتها، بس فى الصعيد كان فى عادة تانية بقى.. العروسة فى صباحيتها توزع بواقى رغيف عيش أكل منه العريس على بنات الحتة اللى هيتجننوا ويتجوزا، وفى أسوان صديقات العروسة يرقصوا فى دايرة فيها العروسة ويغنوا «ابعد عنى يا إبليس.. يارب ابعت لى عريس».
وكل ده كان نتيجة جهل، قلة علام، عشان نفهم كلنا دلوقت إن الخير ممكن يكون فى شوية تعليم، ينقذ البنات من مصير الجوازات المبكرة اللى بتودى فى داهية.. وينقذ نص المجتمع من شوية عادات وخزعبلات كان عايش عليها الدجالين والنصابين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة