يعد الدكتور أحمد الصغير، واحدا من النقاد المهمين القادرين على إثبات أنفسهم بما يمتلكونه من رؤية فى قراءة المشهد الثقافي، وقد حصل مؤخرا على جائزة عبد الرحمن الأبنودى، التى تطلقها مكتبة الإسكندرية، وهو أستاذ الأدب العربى، بكلية الآداب جامعة الوادى الجديد، وله العديد من الكتب النقدية منها آليات الخطاب الشعرى، وبناء قصيدة الإيبجراما فى الشعر العربى الحديث.
الدكتور أحمد الصغير
وردا على سؤال: يبدو أن الجوائز الخاصة بالدراسات النقدية لشعر العامية، شجعت وأفادت هذا المجال الذى طالما ابتعد عنه الباحثون والنقاد، هل تتفق معنا أن هناك تشجيعا حدث لدراسة شعر العامية المصرى؟ قال: أعتقدُ أن الجوائز بعامة، تعد عاملا مشجعا وحافزا وراء الالتفات إلى الأنواع الأدبية بعامة، وشعر العامية المصرية بصفة خاصة، بل تكون الجوائز هدفا لإنجاز الكثير من الدراسات النقدية التى تهتم بشعر العامية تحديدا، وفى ظنى أن شعر العامية المصرية له دوره الرئيسى فى نشر الوعى الثقافى والاجتماعى والسياسى والوطنى، فقد مارست المؤسسة الثقافية على مر العصور عنصرية ما تجاه شعر العامية واصفة إياه بأنه شعر شعبى يقع فى الدرجة الثانية بعد شعر الفصحى، وهذا غير صحيح ــ فى رأى ـــ لأن القصيدة العامية لها سماتها الفنية التى تلتحم بأنفاس الجماهير وترتقى بأذواقهم ولها دورها الوطنى اللافت على مر تاريخها الطويل فى مواجهة التطرف والإرهاب والعنف، والجهل، ومن ثم فقد تصبح الجوائز النقدية لشعر العامية ركنا من أركان الاهتمام بالقصيدة العامية، تشجيعا للعودة إلى طرح مقاربات نقدية ومعرفية تقف على قراءة المنتج الشعرى لدى شعراء العامية الكبار الرواد أمثال بيرم التونسى، فؤاد حداد، حسين شفيق المصرى، أحمد فؤاد نجم، فؤاد قاعود، عبد الرحمن الأبنودي، سيد حجاب، درويش الأسيوطي، وعبدالستار سليم، والشعراء المجددون من الأجيال الجديدة مسعود شومان، محمود الحلوانى، جمال عدوى، سعيد شحاتة، ماهر مهران، جاسر جمال الدين، أبوزيد بيومى .. وغيرهم، وبمناسبة الجوائز أتوجه بالشكر والتقدير لمكتبة الإسكندرية العريقة بقيادة الدكتور مصطفى الفقى، على تنظيمها ورعايتها للمبدعين والنقاد من خلال جائزة عبدالرحمن الأبنودى فى الشعر والدراسات النقدية.
لسنوات كان يتم تجاهل شعر العامية المصرى فى الأكاديميات المصرية، دراسة وبحثًا هل لا يزال الوضع كما هو؟
أتفق معك فى هذا الطرح، فقد كانت لفترة قريبة يتم تجاهل شعر العامية فى الجامعات المصرية من حيث الدراسة والبحث، ولكن منذ تسعينيات القرن الماضى، انفتح الدرس الأكاديمى على الواقع ولكنه انفتاح حذر، فهو يقتصر على مدى اتساع الأفق البحثى لدى الباحثين الجدد والأساتذة الذين يقومون بالتدريس، فقد نلاحظ حصول بعض الباحثين على أطروحات علمية فى شعر العامية، مثل أطروحة الصديق الدكتور سيد ضيف الله عن صورة الشعب بين الشاعر والرئيس، دراسة فى النقد الثقافى بالتطبيق على خطاب فؤاد حداد الشعرى والخطابات السياسية لرؤساء مصر، (ناصر والسادات ومبارك )، وقد سبقه المرحوم الدكتور يسرى العزب فى جمع أشعار بيرم التونسى، وطرح الشاعر والباحث محمود الحلوانى دراسة مهمة بعنوان خيال الضرورة ومرجعياته "قراءات فى شعر العامية المصرية"، .. وغيرها، وقد أصدر الدكتور محمد عبدالمطلب كتابا نقديا مهما عن شعراء العامية المصرية بعنوان "قراءة ثقافية فى شعر العامية" متناولا فيه أكثر من سبعة وستين شاعرا بدءا من القصائد العامية عند أحمد شوقى حتى ما بعد جيل الرواد، وطرح أيضا الدكتور صلاح فضل دراسة عنوانها (شعر العامية من السوق إلى المتحف)، متناولا شعر العامية عند الرواد، بوصفه شعرا شعبيا ينتمى إلى فنون الأدب الشعبى، وقد بدأ اهتمامى بشعر العامية منذ التحاقى بالجامعة، فقد كتبت عن الشعراء عبد الرحمن الأبنودى، وجمال عدوى، وماهر مهران، ومسعود شومان وسعيد شحاتة، وجمال فتحى... وغيرهم.
ما ينقص شعر العامية المصرية.. هل يمكن أن نصل لتقييم لتجربة إبداعية توالت عليها أجيال؟
يمكن أن نقف على تجارب الرواد مثل تجربة صلاح جاهين (غول شعر العامية المصرية)، وسيد حجاب وفؤاد حداد، وعبدالرحمن الأبنودى) وأظن أن الشاعر صلاح جاهين من الشعراء الذين كتبوا كل ألوان القصيدة العامية مثل القصيدة العاطفية والاجتماعية والسياسية والفلسفية والتأملية والدرامية أيضا، ويمكن للباحثين الجدد والنقاد الوقوف على النتاج الشعرى لهؤلاء الكبار تحديدا ومدى أثرهم فى وجدانات الشعراء الجدد، فكل الشعراء المعاصرين قد تأثروا بشكل مباشر أو غير مباشر بجيل الرواد، وأدعو من اليوم السابع كل الباحثين فى الأكاديميات المصرية قراءة شعر الرواد بشكل منهجى دقيق، لأن قصيدتهم تحمل الكثير من الخصوصية الفنية والتجديد والتجريب الفنى أيضا كما أدعوهم لمتابعة النتاج الشعرى لشعراء العامية المجددين فى شتى ربوع الوطن. لأن حاجز المركزية الثقافية قد تم انتهاكه بعد ثورة السوشيال ميديا والأنترنت.أ.د حسن عبداللطيف نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث
"الدراما"، عنصر أساسى فى قصيدة العامية المصرية، بل تكاد تكون العنصر الرئيسى بها، فى المقابل ألا ترى أن هذه الدرامية الزائدة تضر بالقصيدة العامية وتجعلها محصورة فى إطار ضيق؟
الدراما فعل إنسانى، فكل إنسان يمارس الدراما بشكل مختلف سواء ممارسة داخلية بينه وبين ذاته، أو دراما خارجية تتمثل فى صراعه اليومى مع الحياة والآخرين من أجل الوصول إلى حياة تليق بروح الإنسانية، فالدرامية إذن تمثل محورا رئيسيا فى بناء الخطاب الأدبى بشكل عام وليست القصيدة العامية فقط، ولا أتفق مع الرأى بأن الدراما تضر بالقصيدة العامية بقدر ما تمنحها آفاقًا متجذرة فى أعماق النفس البشرية، وعلى العكس تماما، الدراما تفتح الأفق ولا تضيقه، بل تجعل المتلقى معايشا للقصيدة وكأنه هو الذى كتبها. وهو ما يدل على سر خلود شعر الرواد وصموده، وفهم الأجيال الراهنة إلى مغزاه ودلالاته المختلفة على الرغم من بساطته والدخول إلى جوهره الفنى والمعرفى من خلال عناصر التصوير التى يقبض عليها الشاعر من الواقع المتحول والمتحرك أيضا. لأن قصيدة العامية تتحرك بتحرك المجتمعات، بل هى الأكثر قدرة على ملاحقة التطور السياسى والاجتماعى لحظة بلحظة، فهى مرآة كاشفة للحياة، تعكس من خلالها أوجاع الشعوب وتجاربها المختلفة.ا.د حسين البسومي أستاذ علم اللغة
ارتباط قصيدة العامية، ومنها قصيدة الأبنودى بالبشر والناس، فى نظر البعض حصر للشعر فى أنه لسان الجموع فقط، لا لسان الشاعر، الشاعر هنا هل يخرج عن دوره ويخون ذاته لصالح المجموع؟
كان الخال عبدالرحمن الأبنودى شاعرا كبيرا مهما وصفه البعض أنه شاعر الجموع الشعبية، ولم يكتب عن ذاته، هذه أحكام سريعة ينقصها الإدراك المعرفى والقراءة العميقة لنصوص الأبنودى، لأنه شاعر اتخذ من اللهجة الصعيدية، ومن خلال تنويعاتها المختلفة منطلقا لإلقاء القصيدة، مما أسهمت هذه اللهجة فى شيوع وانتشار قصائد الأبنودى على ألسنة الناس مثل قصيدة ( العنكبوتة) متحدثا عن الكيان الإسرائيلى الذى يستوطن الأراضى العربية فى فلسطين، وأيضا قصيدة ( يامنة) التى يتحدث فيها عن صراع الإنسان مع الذات والآخر، متخذا من الرمز "يامنة" حيلة فنية للتعبير عن آلام الفقراء والعجائز فى صعيد مصر، فكل قصيدة يكتبها الأبنودى، ما هى إلا تعبير عن أحزان الشاعر الخاصة التى هى فى الوقت نفسه أحزان الجموع الشعبية التى تهدر فى ميادين الشعوب، فالشاعر لا ينفصل عن الواقع الذى يعيش فيه، لأن قصيدة العامية هى ابنة الواقع المعيش، فهى ليست صوتا خارجيا، فلن يستطيع الشاعر أن يخون ذاته، لأجل عيون الجماهير، لكنه يوجه أبصارهم إلى قضاياهم الراهنة.أ.د سري الشريف عميد كلية الآداب
دعنا نبتعد عن شعر العامية، أنت مراقب جيد للمشهد الشعرى المصرى والعربى، وهناك اتهامات وجهها نقاد ومتابعون أن الشعر المصرى فى مأزق، وأن شعراء اليوم ليسوا على قدر شعراء الأمس، وأن هناك ضعفا عاما وتشابه فى قصائد الشعراء المصريين؟
أعتبر نفسى متابعا جيدا للشعر المصرى تحديدا، وبعض الشعراء المهمين فى وطننا العربى، قد تبدو الأحكام السريعة فى كثير من الأحايين ليست على قدر المسئولية.الشاعر رفعت سلام
يبقى الاتهام بأن النقد يقصر عن الشعر، والباحث أو الناقد لا يستطيع ملاحقة المبدع؟ وأن لدينا ركودًا نقديًا ظاهرًا؟
هذا الاتهام قديم جدا ومكرور، لأن كل شاعر يظن أنه أفضل شاعر فى مصر؟ وأنه يريد ان يسمع من النقد ما يحبه وما يعرفه؟ النقد إذن يسكت عن الأعمال الأدبية التى تفتقد الدقة الإبداعية وأدوات الكتابة التى يفتقدها الكثير من الشعراء الجدد، لأن الكتابة النقدية عن أعمال دون المستوى قد تمنحها مشروعية واعترافا ضمنيا.ا.د سعد عبدالغفار رئيس قسم اللغة العربية
ما الجديد لديك على صعيد العمل البحثى والنقدي؟
ينقسم المشروع النقدى عندى إلى قسمين أولهما الشق الأكاديمى والبحثى فأنا مشغول هذه الأيام بالنقد الإدراكى / العرفانى، وهو علم جديد يعرف بالإدراكيات، لأن المقاربات العرفانية تعيد اكتشاف قراءة النص الأدبى مرة أخرى مثل مقاربة نصوص الشاعر محمد عفيفى مطر، ودواوين الشاعر محمد أبو الفضل بدران، وفتحى عبدالسميع، ومحمود الحلوانى فى شعر العامية، لأنهم من الشعراء الكبار الذين لم يقف الدرس النقدى على إنتاجهم الشعرى ولم ينالوا حظهم بالدراسة النقدية والعلمية الجادة، أما القسم الثاني: هو فعل الممارسة النقدية من خلال الدوريات والصحف المصرية والعربية، مشغول بالكتابة عن رواية "رمال سوداء" للروائى طارق فراج ونصوص الشاعر السماح عبدالله، ومحمود قرنى، وعلى الدمينى ( السعودية)، وموسى حوامدة (فلسطين )، وفارس خضر، ... وغيرهم.حدثنا كذلك عن الجامعة المصرية، يبدو أن قاعات الأدب فيها باتت خاوية، وكذلك كراسى النقد والبحث والفلسفة؟ هل يخفت دور الجامعة لصالح أدوار أخرى ومؤسسات ثانية؟
تبدو الجامعة المصرية فى الفترة الراهنة فى حالة من الحراك النقدى والأدبى الذى يخطو خطوات حقيقية على أرض الواقع، فالجامعة المصرية كانت تضم أمثال النقاد الكبار الراحلين (شكرى عياد وعزالدين إسماعيل، عصام بهي، مصطفى ناصف، نصر حامد أبوزيد، وشاكر عبد الحميد،.... وغيرهم)، كما تمتلك الآن كوادر بحثية مهمة وخاصة فى الأدب والنقد أمثال أساتذتى العلماء الكبار مع حفظ الألقاب (جابر عصفور، محمد عبد المطلب، يوسف نوفل، صلاح فضل، عبد الحكيم راضى، محمد أبو الفضل بدران، ومن الجيل الثانى: حسين حمودة، خيرى دومة، مصطفى الضبع، عادل ضرغام، وأحمد مجاهد، وعبدالناصر حسن، وغيرهم كثيرون من النقاد والأكاديميين المخلصين).السوشيال ميديا نافذة أم مؤسس ومحرك للمبدع، هل أثر الفضاء الأزرق فى كتابات المبدعين، هل تغير شيء فى عقدين خلا من هذا القرن مع ظهور وسائل التواصل الحديثة؟
نعم بالطبع لقد تغير كل شيء، فقد تغيرت الرؤية نفسها تجاه الأشياء، بل صار الفضاء الرقمى ملهما وباعثا لإنتاج الشعرية، بل استثمر المبدعون منصات السوشيال ميديا (فيس بوك، تويتر، انستجرام .. وغيرها) فى الكتابة الإبداعية وأفضى ذلك كله إلى إنتاج ما يعرف بالأدب الرقمى التفاعلى، حيث وجدنا الرواية الرقمية، والقصيدة التفاعلية التشعبية، التى ارتبطت بالوسيط الإلكترونى / الحاسوب، وصار الوحدات الصغيرة وجزئيات السويف وير إحدى مكونات القصيدة، بل أعتقدُ أن الفضاء الأزرق أسهم بشكل واسع فى عملية النشر الإلكترونى، فيمكن للشاعر أن يكتب القصيدة مباشرة على صفحته بالفيس بوك ليشاهدها آلاف من البشر فى لحظة واحدة فى لغات متعددة، حتى صارت حياتنا الآن بعد جائحة كورونا (كوفيد19) حياة رقمية بالأساس يمكن من خلالها ممارسة الأعمال كافة من المنزل عن طريق برامج الانترنت بشكل عام، ولكن يبقى النشر الورقى محتفظا بقدسيته وقدرته على البقاء والخلود، وصار لدينا واقعان نعيش فيهما الواقع الحقيقى، والواقع الافتراضى، وكلاهما يضيف للآخر من خلال آلياته ومعطياته التى تساعد فى تقدم الفكرى البشرى كله.
السيولة فى صالح الأدب أم وباء عليه، الآن يستطيع كلٌ منا أن ينشئ نصوصه وينشرها كما ينشر المتحققون، وربما نالت متابعات أكبر وأثرى؟
أتفق معك أن السيولة الإبداعية أسهمت فى إرباك المتلقى وغياب المعايير التى يمكن أن نحتكم إليها، فأصبح الآن كل من يكتب أى شىء كتابة تافهة أو فارغة من معايير الفن، يستطيع أن ينشرها كما ينشر غيره من المبدعين الحقيقيين.فأنا أحلم أن يصبح الشاعر نجما والروائى أسطورة والناقد والفيلسوف معلما لأبناء وطنه، وينبغى التنويه إلى ما يقوم به، ويقدمه موقع وصحيفة اليوم السابع بجهد واسع فى الحراك الثقافى المصرى والعربى من خلال انتقائه لمجموعة من المبدعين الكبار أمثال الشاعر الكبير وائل السمرى، والشاعر كريم عبدالسلام وغيرهما، وسأظل أحلم حتى نهاية الحياة، ليرث تلاميذى وأبنائى هذه الأحلام .
د. عبدالعزيز ططاوي رئيس جامعة الوادي الجديد
البعض لا يستطيعون التميز بين النص الجيد والنص الرديء، هناك نصوص تشعر أنها لا جيدة ولا رديئة، بالذات فى قصيدة النثر وفى القصة القصيرة، فسر لنا سبب غياب المعيار الراسخ كدارس للأدب وجود هذه المعايير ووجود الناقد كسلطة مثلا فى الصالح أم العكس؟
يبدو لى أن قصيدة النثر من الفنون الشعرية التى فتحت المجال على مصراعيه، فصارت نوعا عابرا لكل الأنواع الأدبية على حد تعبير الراحل إدوار الخراط فى حديثه عن الكتابة عبر النوعية، هذا الإحساس طبيعى جدا فى ظل السيولة الكتابية والنصية، وغياب المعيار الفنى الذى يحدد خصوصية كل نوع وملامحه، وأقول لحضرتك موقفا مهما كان الشاعر الراحل رفعت سلام قريبا جدا منى حيث سألته السؤال نفسه: لماذا يا أستاذ رفعت تغيب المعايير فى قصيدة النثر؟ فقال: قصيدة النثر كتابة متمردة أصلا على المعايير القديمة والجديدة، هى ابنة التمرد نفسه على الذات نفسها وعلى الآخرين هى انفجار نوعى للكتابة، ويبقى السؤال نفسه ما الفرق بين الكتابة الجيدة والكتابة الرديئة؟ الفرق هو أنه لا فرق، الكتابة الجيدة هى التى تمتلك صاحبها ويمتلكها مدققا فيها ومؤمنا برسالتها، فهو يمنحها خصوصية الروح والحياة، مثل كتابة محمد الماغوط فى سوريا، وأدونيس، وحلمى سالم ورفعت سلام ومحمود نسيم، وهى كتابات خالدة عبر الزمن تصنع معاييرها من الداخل، فهى تكسر معيارا؛ لتقيم معيارا آخرا، أما الكتابات الرديئة، فهى لا تكترث بقواعد اللغة ولا بالنحو، أو حتى بالخيال!، حتى أن بعض الشعراء لا يتقنون قواعد الإملاء اتقانا جيدا أو مخارج الأصوات اللغوية، فقط يكتبون من أجل الصراخ والحضور المادى، لا من أجل الفن، فعندما يفتقد المبدع بعض أدوات الكتابة البسيطة، فلا تنتظر منه قصيدة مدهشة، هو ينظر إلى أن المعايير الفنية قد ماتت وهذا غير صحيح طبعا، فلابد للمبدع الحقيقى إذا امتهن الكتابة الإبداعية أن يضيف وينتج معاييره هو، لا المعايير التى تشبه الآخرين، أستطيع القول ــ فى النهاية أن الكتابة الجيدة هى التى تنتج معيارها الخاص، ويمكن لى من خلال خبرة الناقد التمييز بين العمل الجيد والعمل الرديء من الصفحة الأولى فى أى عمل أدبى، أما الكتابة الضعيفة هى كتابة مستنسخة من آخرين لا تحمل خصوصية أسلوب صاحبها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة