انتهى لقاء الرئيس «السادات» بالكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين فى استراحة القناطر الخيرية، برفض «السادات» لكل الأعذار التى طرحها «بهاء» كى يفلت من تعيينه رئيسا لتحرير «الأهرام» خلفا لعلى أمين، راجع «ذات يوم، 23 و24 مايو 2021».
صدرت «الأهرام» يوم 25 مايو، مثل هذا اليوم، 1974، برئاسة «بهاء»، ونص القرار الذى أصدره «السادات» ونشرته «الأهرام» يوم 24 مايو، 1974، أن يتولى «بهاء» رئاسة تحرير «الأهرام»، ومشرفا على مركز الدراسات السياسية، وعلى المجلات التى تصدرها «الأهرام»، وأن يتفرغ الصحفى الكبير إحسان عبدالقدوس للكتابة فى «الأهرام» استجابة لطلبه، وينتقل على أمين إلى مؤسسة «أخبار اليوم» رئيسا لمجلس الإدارة، وموسى صبرى، نائبا لرئيس مجلس الإدارة، ومصطفى أمين رئيسا لتحرير «أخبار اليوم»، وجلال الدين الحمامصى رئيسا لتحرير «الأخبار»، وعبدالرحمن الشرقاوى، رئيسا لمجلس إدارة «روزاليوسف»، ومصطفى بهجت بدوى، لدار التحرير.
كان حوار «السادات» و«بهاء» فى استراحة القناطر، والذى دار حول هذه التغييرات، ثم لقاء «بهاء» و«مصطفى وعلى أمين» فور انتهاء هذا الحوار، كاشفا لما يدور تحت السطح حول نظرة السادات لكبار القيادات الصحفية وقتئذ، حسبما يشير «بهاء» فى كتابه «محاوراتى مع السادات»، يؤكد أنه طلب أن يصدر القرار بتعيينه رئيسا لتحرير «الأهرام» ومشرفا، على كل ما يصدر من المؤسسة من مطبوعات، ويشمل هذا كل فروع التحرير من مركز الدراسات إلى مجلة الطليعة إلى الأهرام الاقتصادى إلى آخره، وأن لا أحدا غيره له أية سلطة على أى شىء له علاقة بالتحرير، فأكد له «السادات» بأن هذا هو ما سيكون.
بعد انتهاء اللقاء، اصطحب الرئيس السادات، بهاء، إلى باب الاستراحة، وجاء الحديث عن إحسان عبدالقدوس، الذى كان رئيسا لمجلس إدارة «أخبار اليوم»، يذكر «بهاء»: «قلت له إذا كان مصطفى أو على أمين سيصبح رئيسا لمجلس إدارة أخبار اليوم، فما هو مكان إحسان فى هذه التغييرات؟»، يتذكر «بهاء»: «توقف السادات عن السير ووضع يده على كتفى، وقال: لا تخف على إحسان، أنت تعرف مكانته الخاصة عندى وهى مكانة لم تتغير، ولكن إحسان دلوعة، وزاد دلعه أكثر من اللازم، إنه يريد منى أن أخوض له أصغر معاركه ولا يتحمل مسئولياته بنفسه، وأنا فى إيه ولا فى إيه؟ سينتقل إحسان كاتبا فى الأهرام، إن هذا يريحه، فهو ترك السياسة واقعيا منذ زمن طويل، وهو يتمنع دائما لأن المنصب الصحفى يضيع عليه كتابة القصص وبيعها للسينما، فليكن له ذلك، إنه سيغضب أول الأمر، ولكن مكانته الشخصية محفوظة عندى، وهو يعرف ذلك جيدا فعلاقتنا لا علاقة لها بالمناصب الصحفية».
عاد «بهاء» من لقاء السادات إلى «الأهرام» وقت الغروب، وتوجه إلى مكتب على أمين، يتذكر: «عندما دخلت عليه، كان فى حالة ترقب هائلة، وأجلسنى وطلب لنا فنجانين قهوة، وقال لى إنه علم بوقت انصرافى من عند الرئيس، وطلب مصطفى أمين ليحضر ليكون معنا»، يؤكد «بهاء» أنه روى لهما خلاصة ما حدث، فقال على لأخيه بصوت فيه مزيج من الحيرة والغضب والابتهاج بالعودة إلى أخبار اليوم: ما رأيك يامصطفى؟».
يؤكد «بهاء» أن رد «مصطفى» كان غاضبا قاطعا كالنصل الحاد، قال لأخيه: «هذا «شلوت» من السادات لك ولى، إنه ضربة ضدك، فبعد الخلافات العنيفة فى الأهرام وبعد الحملات عليك فى صحف ومجلات أخرى، يجىء هذا القرار وكأنه حكم بفشلك فى إدارة الأهرام بعد هيكل، والسبب فى هذا كله هو إحسان عبدالقدوس، فمنذ عودتى إلى أخبار اليوم بعد خروجى من السجن، والمظاهرة التى استقبلتنى بها أخبار اليوم، وإحسان لا يطيق وجودى فى الدار، مع أنه رئيس مجلس الإدارة، لقد طلب محررو الأخبار إقامة حفل تكريم لى فرفض، فقال إن هذه إهانة له، إنه يتصور أن كل تحية لى عمل موجه ضده، ويقول لكل من يقابله إن مصطفى أمين يوجه كل الدار ويحاول جعلى «طرطورا»، ويلوم كل محرر يزورنى فى مكتبى، ومعلوماتى المؤكدة أنه أخذ يزن على أذن صديقه أنور السادات، وأمله الذى تصوره هو أن يعود على أمين إلى أخبار اليوم، وأنه بالتالى سيعين رئيسا لمجلس إدارة الأهرام، وهذا ما يريده، الآن سيفهم أن أنور السادات يعرف أن إحسان لا يستطيع أن يكون رئيسا لمجلس إدارة الأهرام أو أن يصدر جريدة يومية».
يعترف «بهاء» بأن هذه الجلسة كانت صعبة على أعصابه وأعصابهما، ويؤكد أنه حاول أن يقنعهما بأن وجودهما معا مرة أخرى على رأس أخبار اليوم هو الوضع الطبيعى، بصرف النظر عما يحدث فى الأهرام، يذكر، أن مصطفى وإن لم يقل ذلك بصراحة، كان يؤكد أن هذه بداية موجة مضادة ضدهما استسلم لها أنور السادات.يعلق «بهاء»: «كنت أشعر بما ذكرته من قبل أن مصطفى أمين بذكائه الخارق يحس بأن أنور السادات لا يحبهما».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة