لا صوت يعلو فى إسبانيا على تتويج أتلتيكو مدريد بلقب الدوري، ومازالت عناوين الصحف الإسبانية تتغنى بإنجاز كتيبة سيميونى باستعادة الليجا بعد غياب 7 سنوات عن دولاب بطولات الأتلتي، لاسيما فى ظل المنافسة الشرسة التى تشهدها المسابقة وسط عملاقى إسبانيا "برشلونة وريال مدريد"، ولكن يبدو أن "ليجا أتلتيكو" كشفت سوءات إدارتى الناديين وفضحت الفساد الإدارى والرياضى الذى يعيشه كبار أندية العالم، وربما بدأت خيوطه تنسل بهدوء ليبدأ كل منهم البحث والتدقيق.
تتويج أتلتيكو بالدورى الإسبانى رفع الغطاء وكشف العديد من خطايا إدارتى بيريز وبارتوميو فى ريال مدريد وبرشلونة، وبدأ مسئولو الناديين دراسة أسباب السقوط وضياع لقب الدورى، وهى البطولة الأهم في إسبانيا، وهنا انحصرت الأسباب فى الفساد (الإدارى والرياضي)، وأيقن الجميع أن أولى خطوات الإصلاح تبدأ بالوقوف على الأسباب وصولاً إلى الحلول للعودة إلى المسار الصحيح.
أكبر خطايا برشلونة والريال هى خطط التعاقدات، حيث اعتمد كلا الناديين على ضم النجوم بغض النظر عما إذا كانوا يناسبون خطط وطموحات الفريق أم لا، وهو ما ظهرت تبعاته فى صفقة عثمان ديمبلى مثلا الذى انتقل إلى برشلونة من دورتموند مقابل 150 مليون يورو لتعويض رحيل نيمار، بالإضافة إلى أنطوان جريزمان قادماً من أتلتيكو بـ120 مليوناً، ولم يقدم كلا اللاعبين المردود المنتظر، ليصبح الأول ضيفاً دائماً على مستشفيات برشلونة ولم يستفق من غيبوبة الإصابات إلا فى جزء قليل من الموسم الأخير، أما الثانى فبدا تائهاً فى أدغال برشلونة غير منسجم مع أسلوبه التكتيكى الذى اعتاد عليه طوال تاريخه، لينتهى الأمر بالتفكير في طرحه بالسوق.
وفى ريال مدريد لم يختلف الأمر كثيراً، حيث حرص بيريز على توفير الأموال وعدم إبرام صفقات من العيار الثقيل، فخصص رئيس النادى 400 مليون يور هى قيمة القرض الذى حصل عليه لتطوير ملعب سانتياجو برنابيو، ليحقق لنفسه دعاية انتخابية، قبل فوزه بالفعل بفترة رئاسية جديدة غاب عنها المنافسون.
و على صعيد الصفقات، فلم تختلف إدارة الريال عن نظيرتها فى برشلونة من ناحية التخبط الإدارى وضم لاعبين دون دراسة حقيقية، وهو ما حدث بالفعل فى التعاقد مع لوكا يوفيتش لاعب إينتراخت فرانكفوت مثلاً مقابل 60 مليون يورو، وسرعان ما قررت إعادته إلى ناديه مرة أخرى لعدم تقديمه المستوى المنتظر، ليستعيد اللاعب تألقه مع فريقه السابق ويثبت أن انتقاله إلى الملكى خطوة كانت تحتاج للدراسة.
أما "هازارد" الريال فلم يختلف كثيراً عن "ديمبلي" برشلونة، بعدما انتقل من نادى تشيلسى مقابل 130 مليون إسترلينى ليصبح ضيف مستشفيات مدريد بكثرة إصاباته حتى انتهى به الأمر لإعلان إدارة النادى عرضه للبيع مع جاريث بيل، بحسب الصحف الإسبانية، وهو ما يؤكد بشكل كبير فشل خطط التعاقد فى النادى الملكى أو بمعنى أكثر دقة غياب المشروع الرياضى.
أما الشق الثانى والمتعلق بالفساد الرياضى، فيرتبط أيضاً بالتخبط الإدارى الذى يعيشه كلا الناديين، وهو ما تحقق بالفعل عندما فرطت إدارة بارتوميو فى لويس سواريز وأجبرته على الرحيل ليصبح النجم الأوروجويانى عاملاً رئيسياً فى تتويج أتلتيكو مدريد بالليجا، ولم يختلف الأمر كثيراً فى ريال مدريد الذى أجبر جاريث بيل على الخروج معارا إلى توتنهام وتحمل (70% من راتبه)، بحسب التقارير الصحفية، ليستعيد النجم الويلزى تألقه مع كتيبة "السبيرز " فى ملاعب إنجلترا ويحرز 11 هدفاً بالدوري.
وفى النهاية وبعد "خراب مالطة" فطنت إدارتا الناديين أهمية المشروع الرياضى وإعادة بناء العمود الفقرى للفريق، وربما تكون تلك الانتكاسة نقطة تحول لبناء مشروع رياضى جديد، يعيد لعملاقى إسبانيا هيبتهما بين كبار أندية العالم، وربما إن كان فاز أحدهما بلقب الدورى بدلا من أتلتيكو ربما كانت تغطى فرحة الفوز على ملفات الفساد، وربما بقى زيدان أو كومان، وتفاخر بيريز بإنجازه، بدلاً من الوقوف على الأسباب الحقيقية للأزمة، لتصبح نقطة تحول فى طريق العودة إلى المسار الصحيح، وهو ما يطمح له جماهير النادين فى الأيام المقبلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة