تتواصل الدعاية الانتخابية فى إيران، بين المرشحين السبع الذين أجاز مجلس صيانة الدستور نزولهم المعترك الانتخابى واقصى العديد من الشخصيات السياسية البارزة والتى كانت تطمح فى خوض الانتخابت فى دورتها الـ 13 والمقرر أن تنعقد فى 18 يونيو المقبل.
ويستعد المرشحون السبع وهم: إبراهيم رئيسي رئيس السلطة القضائية (التيار المحافظ)، ومحسن رضائي (التيار المحافظ) ، وسعيد جليلي (محافظ متشدد)، وعلي رضا زاكاني (محافظ متشدد)، وأمير حسين قاضي زادة هاشمي (محافظ متشدد)، وعبد الناصر همتي (اصلاحي)، ومحسن مهر علي زادة (إصلاحي)، للمناظرات التلفزيونية في 7 و11 و15 يونيو المقبل وسوف تستغرق حوالي 3 ساعات.
ويمتلك إبراهيم رئيسي رئيس السلطة القضائية والذى ينتمى للتيار المحافظ حظوظ الفوز على منافسيه فى الانتخابت التى تصفها وسائل اعلام إيرانية بالأقل تنافسية، حيث تنحصر المعركة بين 6 من معسكر واحد، وهو المعسكر المحافظ والمتشدد الذى خرج من رحمه فى السنوات الأخيرة.
وخسر إبراهيم رئيسي الانتخابات الرئاسية في 2017 أمام حسن روحاني. وحصل على 38% من الأصوات. لكن هذه المرة يبدو أنه يمتلك حظوظا أكبر للوصول إلى سدة الحكم. وبالرغم من ارتدائه عمامة سوداء، إلا أنه لا ينتمي إلى صف "آية الله" بل إلى "حجة الإسلام" وهي درجة دينية سفلى في هرم الإسلام الشيعي.
ورئيسى هو رجل دين يبلغ من العمر60 عاما، ويعد بين المقربين من المرشد الأعلى علي خامنئي، باعتباره كان أحد طلابه في إحدى المدارس الدينية بمدينة مشهد حيث ينحدر، يحظى بثقته، وينحدر مثله من مدينة مشهد الدينية التي تقع شمال شرق إيران.
وعينه المرشد مرات عديدة على رأس مناصب حساسة، أهمها رئيس السلطة القضائية، وازدادت حظوظه بالفوز بعدما رفض مجلس صيانة الدستور ملفات ترشح عدد من الشخصيات السياسية الإيرانية. فيما وصفته الصحافة الإصلاحية الإيرانية بـ"المرشح الذى لا يملك أى منازع".
تم تعيينه من قبل خامنئى فى 2016 على رأس المؤسسة الخيرية "أستان قدس رضوي" التى تتكلف بتسيير شؤون ضريح الإمام رضا (ثامن خليفة الرسول محمد حسب المذهب الشيعي) الذى يقع فى نفس المدينة، ويعتبر الضريح من بين أبرز مواقع الحج بالنسبة للمسلمين الشيعة ويجتذب الكثير من الأموال لهذه المؤسسة الخيرية التى تقوم بعد ذلك باستثمارها. كما تمتلك المؤسسة عقارات عديدة وأراضى زراعية وشركات فى مجالات مختلفة، كالبناء والسياحة وصناعة المواد الاستهلاكية. بعبارة أخرى توصف هذه المؤسسة بالدولة داخل الدولة الإيرانية.
ترأس إبراهيم رئيسى مؤسسة "أستان قدس رضوي" لمدة 3 سنوات. الأمر الذى منحه قوة سياسية كبيرة ونفوذ فى شتى المجالات، لأن من يترأس مثل هذه الجمعية الخيرية الغنية يعنى أنه يقوم بتسيير "إمبراطورية" اقتصادية. لكن بعد ثلاث سنوات من العمل، عينه القائد الأعلى للثورة الإسلامية رئيسا للسلطة القضائية الإيرانية فى مارس 2019 وهو منصب حساس وكلفه بـ"مكافحة الفساد".
وغداة تعيينه في هذا المنصب، شرع إبراهيم رئيسي في محاكمة مسؤولين إيرانيين كبار وقضاة بتهمة الفساد، فيما استغل المحاكمات القضائية لإبعاد بعض المرشحين الذين كانوا من الممكن أن ينافسونه بقوة في الانتخابات الرئاسية، على غرار المسؤول السابق على السلطة القضائية صادق لاريجاني، وهو أخ علي لاريجاني الذي رفض مجلس قيادة الثورة الإيرانية ملف ترشحه لاحتمال تورط أحد أقاربه في قضية فساد.
هذا، وجعل إبراهيم رئيسي محاربة الفساد قضيته الأساسية وأحد شعارات حملته الانتخابية. أكثر من ذلك، فلقد قدم نفسه على أنه "عدو الفساد والأرستقراطية وعدم الكفاءة". كما وعد في حال انتخب رئيسا لإيران بمكافحة "الفقر".
وليس من المتوقع أن يفتح إبراهيم رئيسي اقتصاد إيران للشركات الأجنبية في حال أصبح رئيسا، فهو معروف بدفاعه على نمط اقتصادي مؤسساتي تسيره الدولة.
وبحسب تقرير لفرانس برس، فى حال فاز رئيسى بالانتخابات، فسيواصل فى الاستثمار فى البنية التحتية لإيران، وفى مجالات أخرى، كالمياه والكهرباء والصحة، وهى مجالات تسيطر عليها المؤسسات الخيرية وكيانات تابعة للحرس الثورى الإيراني.
وحول الاتفاق النووى الإيرانى الذى هو حاليا موضوع المحادثات بين طهران والدول الغربية، يتوقع ألا يعارض إبراهيم رئيسى القرارات التى سيتم اتخاذها فى هذا الصدد، حسب تييرى كوفيل الذى أكد "بأن القرار النهائى يعود دائما للقائد الأعلى للثورة الإسلامية الذى يقوم بتوجيه المحادثات كما يشاء".
وبخصوص انفتاح المجتمع الإيرانى على ثقافة الغرب، فهناك مخاوف من أن يعارض إبراهيم رئيسى تلك الخطوة فى حال أصبح رئيسا لإيران. فهو معروف بفكره "المحافظ". ومن بين الأدلة على ذلك منعه فى 2016 لحفل فنى من نوع "البوب" فى مدينة مشهد الدينية بينما سمح بتنظيم نفس الحفل فى مدن إيرانية كبرى أخرى.
هذا، ولا يحظى إبراهيم رئيسى بسمعة طيبة من قبل الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان، خاصة تلك التى تمثل الجالية الإيرانية فى الخارج، بل اسمه يذكر بـ"الساعات المظلمة" التى مرت بها إيران عندما كان مسؤول السلطة القضائية للبلاد.
كما احتل منصب مساعد وكيل الجمهورية للمحكمة الثورية الإيرانية فى طهران خلال الثمانينيات إذ شارك فى العديد من المحاكمات تم بموجبها سجن وقتل معارضين سياسيين للنظام.
يرى بعض الإيرانيين فى إبراهيم رئيسى أيضا الخليفة المحتمل للمرشد، الذى يعانى من المرض منذ عدة سنين، واحتلاله حاليا منصب نائب رئيس "مجلس الخبراء" الإيرانى، الذى يملك الصلاحية الكاملة فى تعيين خلف للمرشد الأعلى فى حال توفى هذا الأخير، يمنحه حظوظ أكبر للوصول إلى ذلك.
وفى حال فاز رئيسى بالانتخابات الرئاسية، فهذا قد يعزز حظوظه لتولى منصب المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية فى حال وفاة على خامنئى.