أكرم القصاص - علا الشافعي

صابر حسين

عذراً جوارديولا.. الفلسفة وحدها لا تكفى

الإثنين، 31 مايو 2021 12:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عاماً بعد آخر تتبدد أحلام بيب جوارديولا، ذلك الفيلسوف الذى حير العالم فى ملاعب الساحرة المستديرة، بأسلوبه التكتيكى والجيل الذهبى الذى صنعه فى برشلونة وأبهر العالم وتوج معه بجميع البطولات، ولكن يبدو أن قول الشاعر الأندلسى أبو البقاء الروندى "هذهِ الدارُ لا تُبْقى على أحدٍ.. ولا يدومُ على حالٍ لها شانُ" قد تحقق بعدما يفشل كل مرة فى التتويج بدورى أبطال أوروبا، وتحقيق هذا الحلم الذى طالما راوده فى بايرن ميونخ ومانشستر سيتى، رغم إنفاق ملايين الدولارات لبناء فريق مدجج بالنجوم، إلا أنه بعد كل إخفاق أو خروج من الأبطال تطرح التساؤلات ويجتهد المحللون فى تفسير أسباب عجز بيب عن تكرار تجربة جيل البارسا في نادٍ آخر، ولماذا تعانده تلك البطولة رغم إنفاق الميزانيات الضخمة فى سوق التعاقدات.

1.2 مليار دولار أنفقها بيب جوارديولا على صفقات نارية فى مانشستر سيتى ولكنه لم يستطع بتلك الملايين صعود منصة التتويج الأوروبى ورفع الكأس ذات الأذنين،والتي رفعها مرتين مع برشلونة، وهو ما يثير العديد من التساؤلات، أبرزها ماذا يحتاج مان سيتى للتويج بدورى أبطال أوروبا، وما أسباب الإخفاق المتتالى فى تلك البطولة، رغم حصد جميع الألقاب المحلية، هل مازال الفريق يحتاج مزيداً من التدعيمات أم هى فلسفة بيب وعبقريته الزائدة، خاصة فى النهائيات، ولماذا يعاند التشامبيونزليج جوارديولا أم هى لعنة برشلونة التى تطارده؟!.

فلسفة بيب، التى طالما تحدى بها الجميع وانتصر، لم تنصفه هذه المرة أمام تشيلسي، بعدما سيطر التفكير والثقة الزائدة على عقل المدرب الإسباني فى موسم رائع، على مستوى الأبطال فاز بجميع مبارياته باستثناء تعادل وحيد ولم يخسر أى مباراة، فدخل بيب نهائى تشيلسي منتشياً بفرحة الفوز على باريس سان جيرمان بأداء ونتيجة رائعين، فغلبت لغة الثقة على تصريحاته قبل أيام من النهائى وكأنه توج بالفعل باللقب الأوروبى حتى قبل السفر للبرتغال، ساعده على ذلك التتويج بـ"البريميرليج" مبكراً والتفرغ للحلم الأكبر، والذى كان قاب قوسين أو أدنى من رفع كأس البطولة، لولا فلسفته فى المباراة النهائية، أو ربما قراءته الخاطئة للخصم، عكس توخيل الذى أجاد التعامل مع الوضع.

أجمع المحللون والنقاد على أن بيب أخطأ فى عدم البدء بلاعب ارتكاز فى تشكيل النهائي، هذا الرأى أكده أيضاً أرسين فينجر قبل انطلاق النهائى، وهو ما تسبب فى غياب التنسيق بين خطى وسط ودفاع مان سيتي، غابت المساندة الدفاعية أمام خصم مدجج بالمقاتلين فى هذه المنطقة وعلى رأسهم كانتى بانطلاقاته ومجهوده البدنى الخارق طوال المباراة، وجورجينو المتألق، فضلاً عن سرعات فيرنر وهافيرتز، فظهرت الفجوات الدفاعية بخطوط السيتى، فى الوقت الذى احتفظ بيب بـ"رودرى" على مقاعد البدلاء، وهو اللاعب الذى طالما اعتمد عليه فى المباريات المهمة، فضلاً عن فيرناندينو الذى شارك فى جزء قليل من اللقاء بعد التأخر فى النتيجة وصدمة خروج دى بروين. أما غياب رأس الحربة الصريح فأثبت جوارديولا نظريته فى مباراتى سان جيرمان وربح الرهان، خاصة بعد الأداء المميز لمحرز وبيرناردو سيلفا وفودين أمام بطل فرنسا، إلا أن محرز وبيرناردو فشلا فى اختراق حصون تشيلسى المحكمة.

أما سترلينج فكان علامة الاستفهام الكبرى، فلم يختلف رحيم الموسم الحالى عن الموسم الماضى، فهو يعشق المراوغات غير المجدية وإهدار الفرص السهلة، والتى كانت سبباً رئيسياً فى خروج الفريق من البطولة أمام ليون الموسم الماضى. ولم ينقذ بيب إشراك خيسوس أو حتى أجويرو الذى كان يتمنى التتويج بالكأس فى المباراة الأخيرة قبل الرحيل.

وعلى الناحية الأخرى، بدا توخيل هادئاً واثقاً من نفسه، استفاد من أخطاء الموسم الماضى مع باريس سان جيرمان أمام البايرن، لم يحاول الفلسفة فى تشكيل فريقه، صنع ترسانة دفاعية حديدية عجزت عن اختراقها أسلحة بيب طوال أحداث المباراة، استعجل قدرات كانتى الفنية والبدنية، وسرعات فيرنر وهافيرتز، كما استغل أخطاء بيب الدفاعية جيدا.

وبذلك ينضم نهائى تشيلسى إلى مباراة ليون الموسم الماضى ( 3/1)، وتوتنهام الموسم الذى سبقه (4/3)، وليفربول موسم 2018 (5/1) إلى سجل فلسفة بيب التكتيكية التى يعمد فيها الإسبانى المخضرم تغيير ديناميكيته وربما يشطح بفكره فى قراءة الخصوم، وتكون النتيجة ضياع العديد من البطولات على نادٍ بحجم مانشستر سيتى يخصص ميزانيات ضخمة ويفتح خزائنه لواحد من أفضل المدربين فى العالم يحصد جميع البطولات المحلية ويعجز عن رفع ذات الأذنين بغرابة شديدة.

فى النهاية.. بيب جوارديولا واحد من أفضل المدربين فى العالم، بما يمتلكه من أفكار متطورة وحماس متجدد وطموحات بلا حدود، ولكن إن كان حقاً يسعى لاستعادة أمجاد برشلونة والتتويج بالأبطال يجب أن يفكر كيف صنع هذا الجيل من البداية، وكيف اعتمد على مدرسة اللاماسيا لبناء الفريق وتطوير مواهب هذا الفريق، بدلاً من الاعتماد على الصفقات الجاهزة، بيب بالتأكيد سيعود أقوى العام المقبل فهو مدرب يعشق كرة القدم مهووس بتغييراته التكتيكية يبحث دائما عن الكمال في كرة القدم، والكمال لا يأتي إلا بحصد جميع البطولات، وهو مازال يراهن الجميع عليه الفترة المقبلة.

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة