منذ اللحظة الأولى لمسلسل لعبة نيوتن، نحن أمام تشكيلة من المرضى النفسيين والمعقدين، وكل واحد هو فعل خاطئ، يقابله رد فعل يضاعف من تعقيد الأمور، هنا «منى زكى» هى نفسها مرتبكة تخرج من مصر لتلد ابنها فى أمريكا حتى يحصل على الجنسية الأمريكية، وهنا تبدأ الحركة الأولى التى تبدأ بعدها لعبة نيوتن أو قوانين الحركة فى التفاعل لتتواصل بشكل متابع تدفع الكرات بعضها، فتتحرك.
القانون الأول للحركة هو أن الجسم الساكن يبقى ساكنًا، والجسم المتحرّك يبقى متحركًا، ما لم تؤثر عليه قوى ما. وقد بدأت الحركة داخل أسرة هنا وحازم «محمد ممدوح» عند تفكيرهما فى خطوة تمثل تقليدًا للأثرياء فى مصر ممن تهافتوا على الولايات المتحدة طلبًا للجنسية الأمريكية.
منذ اللحظة الأولى لسفر «هنا» يبدو تأثير زوجها حازم عليها، فهو يوجهها من خلال سماعة الموبايل، من خلال برنامج مكالمات مجانية بالإنترنت، لدرجة أنها لا تصدق مرورها من المطار، وتتجاهل نداء رجال الأمن عليها وتنطلق تاركة جواز سفرها بالمطار. خلال رحلتها تلتقى هنا مع «زى» وهو شاب مصرى منقطع عن عائلته، يعيش حياة مرتبكة فى انتظار الجنسية ليحصل على حقوقه كاملة، ويبدو هو الآخر متورطًا فى تجارة أقراص مخدرة، وعلاقته بأهله غير سوية.
خلال رحلتها فى أمريكا تتداخل قوانين الحركة، حازم يطالبها بالعودة، وتتأخر وتفوتها الطائرة، يبدأ حازم فى التعبير عن غضبه، وهو بالفعل شخص عصبى مزاجى، يشعر بالإحباط ويفتقد الثقة بالنفس، ومع الحركة الأولى، يبدأ قانون نيوتن «لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه»، يغضب حازم ويطلق هنا بالواتس آب، تستمع هى لرسالته أثناء أزمة الولادة تنفعل، يدخل مؤنس «محمد فراج» على الخط، وهو محامى ذو مظهر سلفى، لكنه بمظهر متحضر يعرف قوانين الولايات المتحدة، ويتداخل مع جماعته فى تمشية أحواله، متزوج من سيدة جميلة لكنه يبدأ فى الانجذاب لهنا، ويبدأ فى التخطيط للاستيلاء عليها، ويستخدم أوراق يطلع عليها بحكم اللجوء إليه لمساعدة هنا. يوظف الأوراق ويخفى خطاب حازم، وهنا تبدو مستسلمة، يستغل غضبها لتمارس رد فعل على غضب حازم، وهو فى اتجاه مضاد يضاعف من تعقيد العلاقة.
خلال حلقات المسلسل، فإن فعلا واحدا من أى طرف، يخلق دفعا لفعل باتجاه، وردود أفعال معاكسة تضاعف من تعقيد العلاقات، وخلال المسلسل تتبدل مشاعر المشاهد، من تعاطف مع هنا، إلى تعاطف ضدها، بعد تحولها إلى صورة انتهازية وطماعة، ونفس الأمر مع حازم الزوج الذى يصر على التصرف بغضب وعناد وحمق، يضاعف من معاناته ومعاناة هنا، ووصل الأمر ذروته فى مشهد يرسل حازم ورقة الطلاق إلى هنا فى وقت تكون هى باتجاه انتزاع اعتراف منه بأنه يحبها، لكنه يتصرف بشكل يضيع فرصة منحتها له.
بعد صدمة الطلاق وهو مشهد أدته منى زكى ببراعة، تحاول اتخاذ رد فعل معاكس، بأن تذهب لمؤنس، الذى يحاول الاقتراب منها لكنها تفزع، وتبقى فى حالة فقدان اتزان.
العمل يتشعب إلى مفاجآت، وتقلبات فى المواقف، لكنه يشير إلى أن كل طرف فى العمل لديه عقده النفسية ومشكلاته، حتى مؤنس فهو يعانى من عقدة تجاه أمه، بينما بدر «سيد رجب» يظهر فى صورة مداخلة، أقرب لشيطان «فاوست» الذى يشترى أرواح البشر، لكنه يقدم الأمر بصورة ساخرة. وإن كان وجوده يخلط بين الواقع والفانتازيا. وهو نفسه يعانى من مشكلات فقدان ابنته، وارتباكات حياته.
لعبة نيوتن التى تظهر بكرات المعدن، تستمر طوال الحلقات صعودًا وهبوطًا، وتتشعب قوانين الحركة، فيما يبدو أنه تعبير عن ما يجرى فى العالم من أقدار تحركها قوانين الحركة، وحتى المصادفات هى جزء من لعبة الحياة.
