واصل محمد على كلاى، بطل العالم لملاكمة الوزن الثقيل، زيارته إلى مصر منذ 3 يونيو 1964 بدعوة من الاتحاد العربى للملاكمة، وعلى مدى أسبوعين كان برنامج الزيارة حافلا، حيث زار الآثار الإسلامية، خاصة المساجد فى القاهرة وفى مقدمتها مسجد محمد على بالقلعة، وأدى صلاة الجمعة فى مسجد الحسين، وشاهد مباراة الزمالك والترسانة على بطولة الدورى العام التى انتهت بفوز الزمالك بثلاثة أهداف لهدف وتحقيقه بطولة الدورى، وزار السد العالى وشاهد آثار الأقصر.
فى يوم 6 يونيو 1964 زار الهرم، وارتدى الملابس النيجيرية المهداة إليه من نيجيريا التى قطع زيارته إليها ليسافر إلى مصر، وركب الحصان والجمل عند الهرم، وترجل وجرى إلى تمثال أبو الهول، وصعد إلى أعلى مكان فيه يمكن الصعود إليه، ووقف مناديًا بصوت جهورى وحركة مسرحية: «الله أكبر، الله أكبر، محمد رسول الله»..تضيف الأهرام: «لمحته جماعة من السياح الأمريكيين، فصاحت فى نفس واحد: كاسيوس كلاى بطل العالم، فرد عليهم بأعلى صوته من أعلى مكان فى أبى الهول»: «محمد على من فضلكم».. وحين أخطأ أحدهم وهو يطلب صورة تذكارية معه، جرى وراءه مداعبا، وقال له: «محمد على من فضلك».
قدم «كلاى» خلال الزيارة ثلاث مباريات استعراضية مع شقيقه عبدالرحمن، فى الكلية الحربية، ونادى الجزيرة أمام 5 آلاف متفرج، وفى الإسكندرية.. فى يوم 9 يونيو 1964 قالت «الأهرام»، إن هناك حملة صحفية أمريكية ضد محمد على كلاى، وأن صحيفة «الواشنطن بوست» ذكرت أن «كلاى» فضيحة كبرى فى دوره الجديد كدبلوماسى غير رسمى، وهدم فى نيجيريا كل السلوك الحسن، وأهان مضيفيه، ثم عفر تراب نيجيريا فى كعبه قائلا: «مصر أهم».. علقت «الواشنطن بوست»: «أن كلاى يحب أن يسمى محمد على ونحن نسميه «فضيحة».
جاءت زيارة «كلاى» إلى مصر بعد أن حقق بطولة العالم للوزن الثقيل بفوزه على بطل العالم «ليستون» فى فبراير عام 1964، وأشهر وقتها إسلامه، وأضفى ذلك بتأثيره على زيارة كلاى، وكانت قضية إسلامه المحور الرئيسى فى حوار له نشرته الأهرام يوم 12 يونيو، مثل هذا اليوم، 1964، وأجراه معه الكاتب الصحفى والناقد الرياضى الكبير نجيب المستكاوى.. سأله المستكاوى:أريد أن أعرف قصة إسلامك بالتفصيل؟.. أجاب: «قصة لقائى بالحاج محمد زعيم المسلمين فى أمريكا قصة طويلة لا يسمح الوقت بسردها كلها، خضت تجربة مرة، رأيت التفرقة العنصرية بأجلى معانيها، رأيت كلاب البوليس تهاجم النساء والأطفال، وفكرت طويلا، ما الذى يبيح لآدمى مثلى أن يهاجمنى ويضربنى ويهيننى؟.. وسمعت الحاج محمد يتحدث فى الراديو عام 1961 عن الدين الإسلامى السمح الذى لا يبيح مثل هذه التفرقة العنصرية، وذهبت إليه فى منزله فى العام الماضى، وعرضت عليه الدخول فى الدين الإسلامى فوافق على الفور».
وأضاف «كلاى»: «معروف أن الزنوج فى أمريكا مكرهون، وكل المسلمين هناك حتى الآن من السود، ومن هنا هذا العداء السافر، بينما تعترف الشعوب السمراء بالمسلم الأسود وتكفل له كل الحقوق، أما الأمريكى الأبيض فلا يريد ذلك الدين الذى يعطى الزنوج حقوقهم المشروعة، ويكفل مؤازرة الشعوب الإسلامية لهم، ولم أشأ إعلان إسلامى قبل المباراة «مباراة بطولة العالم ضد ليستون عام 1964» حتى لا أمنع من الاشتراك فيها، وكلكم تعلمون أن البعض طالب بسحب البطولة منى عقب فوزى وإعلان إسلامى، مع أنى لست شريرا مثل «ليستون» بل أصلح مثلا طيبا للشباب لأنى مستقيم ولا أدخن ولا أشرب الخمر».
سأله المستكاوى: «وهل ينتشر الإسلام عندكم بسرعة؟.. أجاب: «إن الدعوة مستمرة، وعددنا 22 مليون زنجى، وهناك موجة عارمة من الزنوج للدخول فى الدين الإسلامى، ولا سيما بعد أن أعلنت إسلامى وأصبحت أقوم بدور المبشر، ويسرنى أن على رأسهم مشاهير نجوم الموسيقى والغناء ولعبة الرجبى، ومن هؤلاء «صامويل كوك» أشهر فنانى «الروك أندرول» وزوجته وأولاده وهم يترددون بانتظام على المسجد فى لوس أنجلوس، و«جيم بون» من أشهر نجوم «الرجبى»، و«جولوس» ملك الكيان المسمى بالقنبلة السمراء، و«شوجار راى روبنسون» بطل العالم فى الملاكمة للوزن المتوسط لمدة 16 سنة وغيرهم».
سأله «المستكاوى»: «هل تنوى الزواج؟».. أجاب كلاى: «سأتزوج فى أقرب وقت من فتاة مسلمة أمريكية أو من مصرية إذا وافقت على السفر معى إلى أمريكا».. اختتم المستكاوى الحديث معه بسؤاله عن مشروعاته المستقبلية بالنسبة للملاكمة؟.. أجاب: «سأقابل «الدب القبيح» ليستون قبل العام المقبل، ولما أقابله سوف أبلعه مرة أخرى، سوف أسلخه.. أنا الآن ملك الملاكمة وسأظل ملك الملاكمة 10 سنوات مقبلة، ثم أسلم التاج لأخى «رحمن».