يخلق الله سبحانه وتعالى الأشياء المختلفة، التى تصل إلى حد التناقض، يفعل ذلك فى كل شيء فى تباين الأجناس، وفى الجنس الواحد أيضًا، ولنا أن نلحظ ذلك فى الألوان والأطعمة والمشروبات وحتى فى التضاريس الجغرافية وما ينتج عنها من اختلافات فى الطقوس، ولكن أعظم ما يكون التناقض يكون فى الإنسان.
نتوقف، اليوم، مع قول الله سبحانه وتعالى فى سورة "فاطر" (وَمَا يَسْتَوِى الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، نعم سبحان من خلق النهر العذب وخلق البحر المالح، وهما معا يحفظان توازن الدنيا، إن المثل السابق لا يقول لنا إن النهر أفضل من البحر ولا يقول لنا إن البحر أفضل من النهر، بل يقول لنا فى كل منهما يوجد الخير.
والإنسان أيضا ينطبق عليه ذلك، فنجد فى الجنس البشرى اختلافات تبدأ من البيئة واللون واللغة والجنس، وتنتهى إلى الطباع والثقافة والرؤية للحياة، هذه الاختلافات تبدو فى ظاهرها متناقضة، ومع ذلك وجب علينا الاعتراف بأنها فى مجملها تمثل البشرية.
وليس من الصواب أن نطلب أناسًا متطابقين أو حتى متشابهين، وبالتالى نفى المختلف وإلغاؤه ولكن من حقنا أن ننظر إلى "الجوهر" المتمثل فى القدرة على إفادة البشرية، ربما يوجد إنسان يشبهك فى كل شيء، لكنه مؤذ لا يفيد، بل يعمل على تدمير وتخريب ما ينفع الناس.
علينا معرفة أن العالم لم يخلق على شاكلتك أنت فقط، ولن يكون صورة واحدة، بل ستجد صورا متعددة ومتنوعة، وانظر حتى فى بيتك لن تجد أطفالك على طباع واحدة، ستجد الهادئ ومفرط الحركة، ستجد الصريح والكتوم، ستجد المتمرد والمسالم، ستجد من يقف فى وجهك يطلب ما يشاء وذلك الذى يستنجد بأمه كى يطلب بعض حقه، ولا يعنى ذلك أن احدهم أفضل من الآخر، المهم أن يكونوا مفيدين لأنفسهم ولمجتمعهم، وهذه هى حكمة الله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة