من بين الملفات المهمة التى تمتد لها يد الدولة، ملف الريف والزراعة والرى، والذى يتعلق بحياة نصف المصريين، ويشهد ملف الزراعة والرى تحركا غير مسبوق، وقبل أن يتساءل البعض عن نصيب الريف والقرية من جهود التنمية، أعلن الرئيس السيسى، تخصيص 515 مليار جنيه لمشروع تطوير القرى، وبدأ العمل فى المرحلة الأولى، وتشمل 1500 قرية وتوابعها.
التطوير يشمل النهوض بمكونات البنية التحتية من مياه وكهرباء وغاز وصرف صحى وتبطين الترع ورصف الطرق وخدمات الصحة والتعليم، مع مبادرة «حياة كريمة»، وهذه المخططات، حسبما أعلن الرئيس، يجب أن تراعى مطالب واحتياجات القرى، وتتم بناء على قراءة ومعرفة بهذه المناطق، وتسهم فيها وزارات الزراعة والرى والتخطيط والإسكان والكهرباء والمحليات بالطبع.
نحن أمام مشروع يتم تطبيقه لأول مرة، ويشمل 4500 قرية وتوابعها، يمثلون نصف السكان بعد عقود من الإهمال والتجاهل، تقريبا حسب الميزانية فإن نصيب القرية وتوابعها لا يقل عن 100 مليون جنيه، وهو ما يقدم إجابة عن تساؤلات تتعلق بنصيب القرية والأقاليم عموما من المشروعات القومية، وفى حالة إتمام هذا المشروع فى المدة المحددة 3 سنوات، سوف يكون أهل الريف مرتبطين بطرق، وقادرين على التواصل والاتصال، ونقل منتجاتهم، والتحرك إلى خارج وداخل موطن سكنهم بسهولة.
السنوات الماضية شهدت بالفعل توسعا فى دعم الزراعة والفلاحين، انعكس على حجم الإنتاج وتوافر السلع والمنتجات أثناء أزمة كورونا، كما تجرى عملية توزيع للمشروعات والمناطق الصناعية فى المحافظات، وعدم قصرها على القاهرة والإسكندرية، وبالفعل توزع الدولة المدن الصناعية بين محافظات الدلتا والصعيد، لأن عدالة توزيع المناطق الصناعية تسهم فى تنمية مباشرة لهذه الأقاليم من خلال المشروعات الصناعية، مع مراعاة أن تكون الصناعات مرتبطة مباشرة بإنتاج وطبيعة البيئة، ففى المحافظات الزراعية تقام صناعات ترتبط بطقسها ومنتجاتها من الخامات، على سبيل المثال، ظلت الدلتا هى الأكثر ملاءمة لصناعات الغزل والنسيج والمنتجات الزراعية، بينما الصعيد أنسب لسكر القصب، والشمال والجنوب مناسبين لصناعات الألبان والمناحل والحرير، فهناك مناطق تميزت بإنتاج الكليم مثل فوة فى بحرى، ونقادة فى قبلى.
بدأ بالفعل مشروع تبطين الترع والمساقى، وهو مشروع يوفر المياه، ويسهل على الفلاح الجهد والمال، ويسهم فى تطوير الإنتاج الزراعى، ومن بين المشروعات المهمة فى تطوير الريف، ما أعلن عنه الدكتور محمد عبدالعاطى وزير الموارد المائية والرى، وانفردت «اليوم السابع» بنشره، وهو مشروع تمويل التحول من الرى بالغمر إلى الرى الحديث، وإنشاء شبكات الرى الحديث والذكى بمجسات الرطوبة وتبطين المساقى، بتمويل 80 مليار جنيه، «60 مليار تكلفة المشروع، و20 مليار جنيه فائدة تتحملها الدولة» .
المشروع الطموح يتم من خلال برامج تمويلية ميسرة، وفترات سداد على مدار 10 سنوات دون فوائد، ويتضمن بروتوكول تعاون بين وزارات الرى والزراعة والمالية والبنك المركزى، ويستهدف تحويل 4.5 مليون فدان من الأراضى القديمة التى تروى بالغمر، إلى نظم الرى الحديث، وهو ما يسهم فى ترشيد استخدام المياه، ورفع جودة المحاصيل وزيادة الإنتاجية المحصولية، وخفض تكاليف التشغيل، وزيادة ربحية المزارع من خلال الاستخدام الفعال للعمالة والطاقة والمياه، بالطبع فإن هناك مساحات فى الدلتا قريبة من البحر سوف يستمر ريها بالغمر لخفض الملوحة.
وزير الرى الدكتور محمد عبدالعاطى أعلن ذلك فى حديث لـ«اليوم السابع»، أجراه الزميلان أسماء نصار ومحمود راغب، ويتضمن الكثير من التفاصيل المتعلقة بإعادة استخدام المياه والترشيد، وهى مشروعات لا علاقة لها بملف سد النهضة الإثيوبى الذى تتجه مصر لحسمه، لكنه يدخل ضمن سياسة تدخل الدولة لدعم المزارع، لأن أنظمة الرى الحديث، تتضمن الرى بالتنقيط، والذى تسعى الحكومة لتعميمه فى الأراضى القديمة، ما يسهم فى ترشيد المياه، ورفع الإنتاجية بنحو 30% ويخفض المستلزمات بنسبة 40% ضمن كفاءة إدارة المياه، مع تزايد السكان وثبات نصيب مصر من المياه، وهو أمر حيوى يدخل ضمن تطوير الريف وإنصاف الفلاح ومضاعفة الإنتاج.