على أرض غير مستقرة يقف دائما رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، فما بين صعود وهبوط يواجه زعيم المحافظين تقلبات مستمرة سواء على صعيد الحكم أو داخل الحزب، وكان آخرها الهزيمة المفاجئة التى تعرض لها المحافظون فى انتخابات برلمانية فرعية على مقعد سيطروا عليه منذ إنشائه قبل عشرات السنين.
واستطاع حزب الديمقراطيين الأحرار، أن يسقط الأغلبية الكبيرة لحزب المحافظين فى البرلمان بعدما حقق فوزا تاريخيا فى انتخابات فرعية بشيشام وأمرشام، كما ذكرت صحيفة إندبندنت.
وأصبحت سارة جرين، أحدث نائبة فى برلمان بريطانيا بعد فوزها بالمقعد الذى كان معقلا للمحافظين منذ إنشائه فى عام 1974. وقال السير إد ديفى، زعيم الحزب الديمقراطى الليبرالى، إن النتيجة أحدثت صدمة فى السياسة البريطانية من خلال إظهار أن "الجدار الأزرق" لمقاعد حزب المحافظين فى المناطق الجنوبية قد يكون معرضا للخطر.
النائبة سارة جرين
ووصف جونسون، الهزيمة بأنها مخيبة للآمال وغريبة بعض الشئ، وألقى باللوم فى ذلك على عدم فهم الرأى العام للإصلاحات الجديدة على ما يبدو، على حد تعبيره.
من جانبها، قالت صحيفة التليجراف، إن النواب المحافظين يخشون إمكانية تكرار الهزيمة المذلة فى الانتخابات الفرعية فى شيشام وأمرشام فى مقاعد الحزب فى الجنوب.
وسعى المحافظون علنا إلى الحد من الأضرار، حيث قال كيت مالتهاوس، وزير الشرطة، إنه من الصعب على الأحزاب الحاكمة الفوز فى انتخابات فرعية، على الرغم من أنه فعل ذلك فى هارتلبول الشهر الماضى فقط.
لكن خلف الكواليس، يقدم المحافظون مظهرا مختلفا. وقال أحدهم للتليجراف، إن المشاعر المعادية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى والتغييرات فى التركيبة السكانية كانت وراء هذا الاضطراب.
وتوقعت التليجراف، إن الهزيمة فى تلك الانتخابات الفرعية قد تسبب تعديلات، بحسب ما يعتقد النواب المحافظين، حيث سيسعى رئيس الحكومة بوريس جونسون لإعادة ضبط قبضته على الحزب وشعبيته بين الناخبين التقليديين.
وكثيرا ما تم طرح التعديل الوزارى الذى ترددت شائعات عنه شهرا بعد شهر، لكن يعتقد أن الريس الوزراء يتهرب من القرارات الصعبة التى من المحتمل أن تصنع له أعداء جدد.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة تايمز، إن الهزيمة التى لحقت بحزب المحافظين لها تداعيات عميقة على مستقبل رئيس الحكومة بوريس جونسون وحزبه، مثلما كان الحال بالنسبة للانتصار الذى حققوه فى هارتلبول الشهر الماضى.
فقد أظهرت هارتلبول أن توغل المحافظين فى أرض جديدة تماما، وفوزهم بأصوات المجتمعات التى كانت تشتم الحزب فى السابق، لم تظهر فى الانتخابات العامة فى 2019.
لكن الهزيمة الأخيرة تظهر إن إعادة التنظيم السياسى تعمل فى كلا الاتجاهين: فبإمكان جونسون أن ينقض بالسرعة التى يحبها تجاه الناخبين الجدد، ولكن قد يكون لدى ناخبى حزبه القدامى ما يقولونه حول ذلك أيضا.
فمثل كل الانتخابات الفرعية، هناك عوامل محلية فى الانتصار الدرامى الذى حققه الديمقراطيين الأحرار. فالعديد فى المنطقة لا يرغب فى تعطيل مشروع تطوير السكك الحديدية العملاق، ويخشون أن الإصلاحات المخطط لها ستجعل من أسهل بكثير إقامة مناطق خضراء.
لكن، وكما تقول تايمز، فإن هذه ليس أسئلة محلية حقا، بل هى مرتبطة بأساس أجندة جونسون. فستكون مشكلة لرئيس وزراء مغرم بالتركيز على مشروعات البنية التحتية الحديثة اللافتة للنظر إذا رفض الناخبون المحافظون التقليديون الاضطراب الذى يصاحب تلك المشروعات، وهى مشكلة بالنسبة للحكومة التى لديها إستراتيجية سياسية لنشر ملكية المنازل لأكبر عدد ممكن من الناس إذا كان ناخبوها التقليديون لا يريدونهم أن يفعلوا ذلك.
فضلا عن ذلك، تتابع الصحيفة، هناك حقيقة أن شيشام وأمرشام قد صوتت لصالح البقاء فى الاتحاد الأوروبى فى استفتاء عام 2016، وأمضى حزب المحافظين السنوات اللاحقة، لا سيما منذ تولى جونسون الحكم فى عام 2019، فى جعل نفسه حزب الناخبين المؤيدين لبريكست.
وكان المحافظين سعداء تماما لجنى ثمار سياسات إعادة التنظيم حول خطوط بريكست فى هارتلبول الشهر الماضى. لكن الانتخابات الأخيرة أظهرت أن هناك مخاطر لهذا أيضا.