واصل الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، تفنيد اتهامه بالانهزامية فى الجلسة الثالثة من التحقيقات التى أجراها معه المدعى الاشتراكى على خلفية مقاله «تحية للرجال»، الذى نشره فى الأهرام يوم 12 مارس 1971، أى أن التحقيق جرى معه حول المقال بعد أكثر من سبع سنوات من نشره.. «راجع، ذات يوم، 21 يونيو 2021».
قرأ «هيكل» المقال كاملا أمام «المدعى الاشتراكى»، ثم علق عليه قائلا: «أولا.. سوف نجد فيه تحية للمقاتلين، وهذا هو حتى عنوان المقال، ومناسبة التحية، وهذا واضح فى صلب المقال وفى مقدمته، أن هناك أمراً إنذاريا صدر فى ذلك الوقت بوضع القوات المسلحة تحت الإنذار استعدادا لعمليات عسكرية».. ثانيا: «سوف نجد أن هذا المقال هو فى الواقع تصور مبكر لخطة إسرائيل العسكرية فى مواجهة أى عملية عبور لقناة السويس تقوم بها، ويلاحظ من تاريخ نشر المقال أننى فى الفترة السابقة على كتابته كنت فى رحلة صحفية إلى أوروبا، وخلال هذه الرحلة اشتركت فى ندوات تبحث موضوعات سياسية وعسكرية، وتابعت دراسات معمقة من مختلف جوانب أزمة الشرق الأوسط، واستمعت إلى كثيرين من الخبراء وناقشتهم، وكان مما أتيح لى، وهذا صميم عملى كصحفى، تصور واضح لاحتمالات رد الفعل الإسرائيلى، إذا نحن أخذنا زمام المبادرة وقمنا بعملية عبور، وقد وجدت - وهذا أيضا من صميم عملى الصحفى- أن أنشر على الناس ما تجمع لى من معلومات، وكنت أتصور أنه من المفيد أن تعرف الجماهير أكبر قدر ممكن من الحقيقة، لأن ذلك حقها، وهو أيضا مفيد لها».
يضيف هيكل: «إن الظروف أثبتت فيما بعد، وخلال حرب أكتوبر، أن ما نشرته فى هذا المقال هو بالضبط تقريبا ما فعله الإسرائيليون فى مواجهة الهجوم المصرى، وهكذا أعتقد أنه كان يجب أن أكافأ على هذا المقال بكلمة شكر، ولا أحاسب عليه أو أهاجم بسببه»، انتقل «هيكل» بعد ذلك إلى شرح الأوضاع بعد رحيل جمال عبدالناصر يوم 28 سبتمبر 1970، وانتقال السلطة إلى السادات، والاستعداد للمعركة فى ظل هذه الظروف، وقال: «أعتقد أننى كنت أقرب الناس إلى الرئيس السادات فى هذه الظروف الحاسمة من تاريخ مصر والأمة العربية، وكنت سعيدا بهذه الثقة، وضاعف من سعادتى أن الرئيس كلفنى يوم 27 سبتمبر 1973 بأن أكتب توجيهه الاستراتيجى إلى القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول أحمد إسماعيل، بتحديد الأهداف الاستراتيجية للحرب، وسلمته للرئيس بخط يدى، وبلغ من حرص الرئيس عليه أن دعا أحد موظفى سكرتاريته لكتابته على الآلة الكاتبة، ثم أمره بعد ذلك أن يبقى فى غرفة مغلقة داخل بيته فى الجيزة حتى تبدأ العمليات، ولكى لا تكون هناك ثغرة يتسرب منها السر، ثم منحه بعد ذك علاوة».
يسأل هيكل: «هل يمكن أن يكون موضع هذه الثقة فى هذا الأمر الخطير شخص انهزامى أو داعية يأس؟».. يجيب: «لا أعتقد»..ويؤكد: «إن الوقائع تشهد بعد ذلك، ويشهد كل الناس أننى كنت ضيفا شبه مقيم فى قصر الطاهرة، الذى اتخذه الرئيس مقرا لقيادته فى أيام الحرب «أكتوبر 1973».. كنت هناك ليلا ونهارا فى كل ما يطلبه الرئيس منى فى تلك الظروف، وأتذكر أن الرئيس تفضل وأهدانى بقية علم إسرائيلى ممزق كان مرفوعا على مقر القيادة الإسرائيلية لخط بارليف، إلى جانب لفائف مخطوطة من التوراة من سفر الخروج كانت موجودة فى هذه القيادة.. كانت بقايا العلم ولفائف التوراة قد قدمت هدية إلى الرئيس وسط المعركة، وتفضل الرئيس بدوره فأهداها إلىّ كرما منه وحسن ظن، وقال ضاحكا إنه يعرف غرامى بجمع مثل هذه الشظايا التاريخية».
اختتم «هيكل» رده وتفنيده على هذا القضية، قائلا: «إن مقالاتى فى وقت الحرب شاهدة أيضا على أفكارى وقناعاتى، وعلى أى حال فإننى فى الجلسة المقبلة بإذن الله سوف أقدم ملفا كاملا بمجموعة من المقالات التى كتبتها فى موضوع الحرب، لأننى أريدها كاملة جزءا من هذا التحقيق يشهد بأن موقفى على العكس تماما مما تدعى به الحملات الموجهة إلىّ».
تأسف «هيكل» على الإطالة فى الإجابة عن هذا السؤال، وتوجه بالشكر إلى المدعى الاشتراكى على رحابة صدره، وانتقل معه «المدعى» إلى قضيتين جديدتين هما، موقفه من مبادرة زيارة السادات للقدس، والخط الاشتراكى الديمقراطى الذى تنتهجه الحكومة فى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة