أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد عفيفى فى حوار لـ"اليوم السابع" بعد فوزه بجائزة الدولة التقديرية: الدراما تصلح مرجعا تاريخيا.. والمؤرخ لا يملك الحقيقة لكنه يحاول ومن الطبيعى أن يسقط فى الانحياز.. وروايتى الأولى عن المعلم يعقوب

السبت، 05 يونيو 2021 07:00 م
محمد عفيفى فى حوار لـ"اليوم السابع" بعد فوزه بجائزة الدولة التقديرية: الدراما تصلح مرجعا تاريخيا.. والمؤرخ لا يملك الحقيقة لكنه يحاول ومن الطبيعى أن يسقط فى الانحياز.. وروايتى الأولى عن المعلم يعقوب المؤرخ الكبير الدكتور محمد عفيفى
حاوره - محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

واحد من المؤرخين الذين تعمقوا بدراساتهم ونظرياتهم فى مناطق عدة بالتاريخ المصرى الحديث، وقد وصف النقاد والمتابعون دراساته بالمحاولة الجادة لإعادة التأريخ لمصر، هو المؤرخ والباحث والناقد الكبير الدكتور محمد عفيفى، الذى أهلته سمعته الطيبة وخبراته الكبيرة فى الأوساط الأكاديمية والثقافية إلى أن يتولى منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة من يونيو عام 2014 إلى يونيو من عام 2015، وهو الخبر الذى استقبله المثقفون حينها بالترحيب.

 
 
ومؤخرًا حصل المؤرخ الكبير الدكتور محمد عفيفى، على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية.. و"اليوم السابع" التقى المؤرخ الكبير وكان لنا معه هذه الحوار:
 

- صرحت بأنك تعمل على مشروع دراسة عن الفيلم كمصدر للتاريخ.. كيف يتم تحليل الفن كوثيقة؟ وهل معنى ذلك أن الدراما نستطيع اعتبارها مرجعا تاريخيا؟

هذا يتوقف على مفهومنا للتاريخ، فالمفهوم التقليدى تغير فى الدراسات الغربية خلال العقود الأخيرة، ولم يعد هو تاريخ الحروب والحكام والملوك أو التاريخ السياسى، بل أصبح الاهتمام أكبر بتاريخ الناس والحديث عنهم، ومن هنا أصبحت الدراما من أهم مصادر التعبير عن الناس وأحلامهم وتشكيل وعيهم، وأصبح يطلق عليها مصدر القرن العشرين.

ولك أن تعرف أن الملك فاروق مثلا كان مولعًا بالسينما وشغوف بمشاهدتها، كذلك الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأنا كنت عضوًا فى لجنة متحف جمال عبد الناصر الأولى، ووجدنا أن منزله القديم كانت به قاعة مخصصة للسينما، كما كان من عشاق التصوير السينمائى، لذلك فإن الدراما تصنع أيضًا وعى الزعماء.

ونحن لدينا فى مصر رصيد درامي يمتد لأكثر من 100 سنة، ففيلم مثل "لعبة الست" جسد التعايش فى المجتمع المصرى بين المسلم واليهودى، لذا فالسينما سجلت شكل تغيير المجتمع وتطوره، ربما بشكل أهم من الصادر التقليدية للتاريخ، وأنا شخصيا كثيرا ما أعود إلى المشاهدة السينمائية كمرجع.

 
 

- خلال أيام ستصدر رواياتك الأولى..  لماذا ذهبت إلى هذا الفن.. وما موضوعها؟

الحقيقة أننى لدى حلمان كنت أسعى على تحقيقهم منذ 25 عاما، الأول هو أن أكتب رواية تاريخية، والثانى أن أقوم بصناعة أفلام وثائقية تاريخية، وأحيانًا كنت أجلس مع نفسى لأرى ما الأحلام التى لم أستطيع أن احققها فيما مضى، لأقوم بتحقيقها فيما تبقى من العمر، وحاليا بدأت فى تحقيق حلم الرواية.

وأقول لك إن المؤرخين فى الغرب، لم يعد يكتفوا بتقديم التاريخ فى الكتب الأكاديمية، بل المجال اتسع وأصبحوا يصدرون روايات وأفلامها وثائقية وأحيانا يقوموا هم بإخراجها، وكذلك برامج تاريخية، المهم الآن أصبح توصيل التاريخ للناس بكل الوسائل وليس بالكتاب الأكاديمى فقط، وأنا منذ الصغر ولدى اهتمامات أدبية وسينمائية وأحاول استغلالها الآن فى أعمال أدبية.

والرواية مقرر صدورها خلال أيام وتحمل اسم "يعقوب" وهى تتحدث عن المعلم يعقوب أحد الشخصيات المثيرة للجدل فى حقبة الحملة الفرنسية، وهى تمزج بين السيرة الذاتية والتاريخ والتخيل التاريخى، كذلك عن عالم الأحلام، فالرواية يتداخل بها أكثر من طريقة للسرد الروائى.

- خلال السنوات الأخيرة اتجه العديد من الروائيين إلى فكرة الرواية التاريخية..  برأيك ما السبب وراء هذه الاتجاه؟

هذا طبيعى فى لحظات التحولات الكبرى فى تاريخ الأمم، فالمنطقة العربية الآن تمر بتحولات عميقة فى تأريخها ستصل إلى شكل آخر غير الذى عليه، فالشكل التقليدى فى المنطقة فى طور التغيير بالفعل لكننا لا نشعر به لأننا نعيشه، واللحظات الفارقة فى تاريخ الأمم دائما ما يراجع الناس انفسهم وتاريخهم.

هنا الرواية تعطى مساحة حرية أكبر للمراجعة، وتعطى مساحة لمناقشة هوامش التاريخ، والمسكوت عنه، لتفسير عمق التحولات التى تمر بها. والاهتمام فى الفترة الأخيرة لم يعد بسبب اهتمام الجوائز الأدبية فقط بهذا النوع من الأدب، لكن الاهتمام جاء من أن المجتمع يمر بتحولات كبيرة وعمقية.

 
 

- المؤرخ متهم دائما بـ الانحياز على الأقل فى اختيار الموضوع الذي يتناوله.. هل تتفق مع هذا الرأي؟

كنا، فى الماضى، ندرس فى مناهج البحث التاريخى، أن المؤرخ قاضٍ وأنه هو من يعرف الحقيقة، وأن الموضوعية أساس عمل المؤرخ، لكن فى الحقيقة كان ذلك كهنوت صنعه المؤرخ لنفسه، فنصب نفسه كاهنا وكأنه هو من يملك الحقيقة فقط.

والدراسات الغربية فى العقود الأخيرة قالت إن الحقيقة نسبية، وأن المؤرخ فقط يحاول أن يصل للموضوعية وإلى الحقيقة، ولابد أن نقبل المؤرخ ومن الممكن أن تكون له بعض الانحيازات.

وأنا دائما ما أضرب مثلا بأننا إذا أردانا تأليف كتاب عن القضية الفلسطينية، واستعنا بمؤرخين من مصر وروسيا وأمريكا وفلسطين وإسرائيل، سنجد بينهم جميعا اختلافات حادة رغم أن الموضوع واحد، وهنا نجد أن الحقيقة نسبية، وأن المؤرخ يحاول أن يكون موضوعيا ومحايدا، لكنه لا يخلوا من الانحيازات البشرية.

 

- شبرا يراها البعض مدينة تشبه الإسكندرية.. برأيك ما الذي حدث هل تغيرت هذه التركيبة؟

نعم حصل تغيير كبير جدًا فى خلطة شبرا أو فى تركيبتها، ولم تعد مثلما كان الحال فى الماضى، فكانت رمزا للتعايش، حتى أننا نجد أن القمص سرجيوس خطيب ثورة 1919، أحد سكان جزيرة بدران، ترشح لمجلس النواب، وبعدها أصبح تلميذه القمص بولس باسيلى عضوا فى البرلمان خلال السبعينيات، فكانت شبرا رمزا للتعايش الدينى، لكن فجأة تغير ذلك، وأصبحنا نجد الحى العريق معقلا لأنصار حركة "حازمون" المتطرفة، وأصبح ممثلها فى البرلمان ممدوح إسماعيل القيادى الإخوانى الهارب.

شبرا فى الماضى كانت تستقبل الجميع، بها عشت داليدا أشهر مطربة أوروبا فى وقتها، وهى إيطالية، كذلك شهدت عددا من الجاليات اليونانية، حتى أن نادى إسكو الشهير فى الحى، كان مقرا للجالية اليونانية، لكن كل هذا تغير، فشبرا هى نموذج للتحول الذى شهده المجتمع المصرى، ونموذج للتحولات التى شهدتها منطقة شرق البحر المتوسط.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة