هل تفرد سيدنا يوسف بلقب "عزيز مصر".. القصة كما يراها أسامة الأزهرى

السبت، 05 يونيو 2021 12:05 م
هل تفرد سيدنا يوسف بلقب "عزيز مصر".. القصة كما يراها أسامة الأزهرى العزيز - أرشيفية
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نشر الدكتور أسامة الأزهرى، أحد علماء الأزهر الشريف، ومستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، مجموعة من التساؤلات المرتبطة بحق النبى يوسف عليه السلام، وتجلياته وعلاقة لقب "عزيز مصر" به.
 
فما هى قصة "العزيز" الذى أثارت التساؤلات، وهل هو لقب خاص بنبى الله "يوسف" فقط أم أنه لقب ارتبط بمنصب صاحبه فى العصور المصرية القديمة؟، هذا ما رد عليه الدكتور أسامة الأزهرى وحاول توضيحه:
 
كتب الدكتور أسامة الأزهرى: نشرت عدة منشورات سابقة حول سيدنا يوسف، وتجليات الله عليه باسم العزيز، فرأيت كثيرًا من القبول لما أكتبه، ورأيت من يرفض ما أكتبه، فترى قائلا مثلا يقول (كلامك كله غلط لان منصب العزيز كان موجود من قبل ذلك) وترى قائلا آخر يقول (أين الدليل على ما تقول) ولا يخلو الحال من شتائم وتهجم وانتقاص.
 
وتابع: والذى أقوله بفضل الله نابع من فهم وغوص ومعايشة، وأستطيع أن أبسط القول فيه وفى تأييده ببراهين وأدلة وتوضيحات، بل يمكن أن أكتب فيه كتابا كاملا ومؤلفا مستقلا.
 
وأضاف: وقد أحببت أن أشرح هنا شيئا وجيزا وعاجلا من ذلك لعله أن يوضح المعنى ويعطينى من كثير الكلام فيه فأقول: العزيز فى حق سيدنا يوسف ليس مجرد منصب كان معهودا قبله بهذا الاسم، فلما أن تولاه هو سمى باسم هذا المنصب فقط بل شأن سيدنا يوسف أجل من هذا وأعمق، والذى يتصور قصور الأمر عنده على أنه تقلد منصبا فسمى به فهو الغالط عليه، القاصر فى فهم جلال شأنه حقيقة شأن سيدنا يوسف هو أنه تفرد عن كل من سبقه فى هذا المنصب بصفة النبوة والرسالة أولا والعلوم الإلهية التى أفاضها الله عليه ثانيا (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ).
 
واستطرد: ثم بالفتح العزيز الذى اختصه الله به فى التدبير المحكم العجيب لشئون الديار المصرية، حيث أتى بتدابير معجزة، وغير مسبوقة، وغير معهودة، يجتاز بها السنوات العجاف الشداد فى مصر، ثالثا، بحيث إن ملك مصر لما أن سمعه بتدبيره العجيب استدعاه، وجالسه، وباحثه، وكلمه، وناقشه، فأقر بالعجز عن تفاصيل هذه التدابير العجيبة التى أتى يوسف بها من معين الفتح والفيض والتعليم الإلهى والنبوة (فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ).
 
وأوضح: فصار يوسف عزيزا متفردا فى عزته، ولم يكن وصف العزيز فى حقه لمجرد أنه تولى منصبا سمى بهذا الاسم، بل لما أعجز به عقول المصريين ذوى العراقة والخبرة فى تدبير شئون الزراعة، فالعلوم التى أعجزهم بها هى التى بموجبها تقلد المنصب، والمنصب أصغر منه، وهو أعز وأجل من المنصب، فهو العزيز ظاهرا وباطنا.
 
ولفت: العزيز ظاهرا بموجب أن هذا اسم منصبه، والعزيز باطنا بالعلوم الإلهية التى جعلت عزيز مصر قبله وملك مصر واعيان مصر يخضعون لعلومه وتدبيره الذى هو فوق تدابير عقول كل من تقلد المنصب قبله فالعلوم والفتح والفيض الذى بموجبه تقلد منصب العزيز هو حقيقة كونه عزيزا.
 
وتابع: فالعزيز فى حقه أثر من آثار تجلى الحق عليه باسمه العليم، وباسمه القهار، وباسمه الفتاح، ومجموع ذلك يظهر لنا أن الله أعز جانبه، وأظهر شرفه ومكانته، واعلى قدره، فجعله قطب أحداث زمانه، فهو أجلُّ أهل عصره رتبة وعلما وفتحا وعزة، حتى إن أنبياء زمانه (كأبيه يعقوب) ليسجدون له إقرارا منهم بتفرده فى عزته وفى فضل الله عليه، (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا)
 
وأردف: فسبب كون يوسف عزيزا ليس المنصب، بل العلوم والمعارف الإلهية، التى جعلته هو الفرد الكامل فى هذا الوصف، ظاهرا بحكم اسم منصبه، وباطنا بموجب تجليات إلهية عليه لا ينالها كل من تقلد منصبه وسمى عزيزا قبله، ولذلك فقد لخص هو عليه السلام خلاصة كل هذا فى خواتيم أمره إذ قال: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِى مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ) فهذه حقيقة مقومات كونه عزيزا.
 
وأوضح: فشتان ما بين عزيز تولى المنصب قبله، وسمى عزيز مصر، وقام بأعبائه قدر وسعه وطاقته، وأخطأ وأصاب فيه، ثم مضى إلى ربه بتجربة بشرية خلط فيها عملا صالحا وآخر سيئا، وقد طواه الزمان فلا نعرف حتى اسمه. وما بين عزيز تولى منصبه بموجب التمهيد والتدبير الإلهى العجيب (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ)، وفتح الله له بالفتوحات والعلوم الباطنة والظاهرة، فعمر منصبه هذا بعلوم أعجزت العباقرة والخبراء فى ذلك المجال، (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا)، فقام بأعباء منصب العزيز على نحو متفرد يتردد من خلال القرآن إلى يوم الدين فهو العزيز على الحقيقة وحده هو كاملٌ فى عزه، متفرِّدُ.
 
وأتم "الأزهرى": وختاما فقد سئل سيدنا على بن أبى طالب قال (ما عندنا إلا ما فى القرآن، إلا فهما يعطى رجل من الكتاب) فهذا الفهم الذى فتحه الله لي، فمن قبله فبها ونعمت، ومن استغربه ورفضه فلا أعتب عليه.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة