منذ عام 2019 انطلق مبادرة حياة كريمة، والتى تهدف إلى توفير سبل الحياة الكريمة للفئات الأكثر احتياجًا في القرى والمراكز الفقيرة في الريف وكذلك المناطق العشوائية في المدن، تستهدف تلك المبادرة توفير السكن الكريم، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة يوميًا للمواطنين من المرافق والخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، ورفع المعاناة عن الأسر الفقيرة الأكثر احتياجًا؛ بتوفير الدعم المالي، أو المساعدة في زواج اليتيمات، وتوفير فرص عمل في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتقديم الرعاية الصحية والعمليات الجراحية العاجلة، وغيرها.
وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات أنه دعت الدولة من خلال هذه المبادرة إلى تضافر جميع الجهود من أجهزة الدولة وجمعيات ومؤسسات العمل الأهلي ورجال الأعمال وغيرهم، لتنفيذ هذه المبادرة والوقوف على الاحتياجات الأساسية لأهل تلك القري، حتى رصدت الدولة 103 مليار جنيه لتنفيذ المبادرة في 11 محافظة، وبدأت بالمرحلة الأولى التي شملت 377 قرية تتعدي نسبة الفقر بها 70%، وبالتنسيق مع 16 جمعية أهلية بدأت مبادرة “حياة كريمة” عملها في تلك القرى.
وتابعت الدراسة أنه جاء عام 2020 ليتم إعلان “حياة كريمة” كمؤسسة أهلية غير هادفة للربح، مهمتها تنفيذ أهداف مبادرة حياة كريمة التي أعلنها السيد الرئيس في 2019، وتضافرت كافة جهود الدولة، وتعاونت حوالي 23 مؤسسة مجتمع مدني في العمل على تنفيذ أهداف المبادرة، وفي مطلع العام 2021 وسّع الرئيس عبد الفتاح السيسي نطاق مشروع حياة كريمة ليشمل جميع القرى والمراكز الريفية، فظهرت مبادرة “تطوير الريف المصري” والتي أعلن رئيس مجلس الوزراء أن الدولة رصدت لتنفيذها ما يفوق 515 مليار جنيه، وأن العمل سيشمل 1500 قرية في المرحلة الأولي، وأصبحت هذه المبادرة حاليًا الشغل الشاغل في المحافظات والأجهزة التنفيذية في الدولة.
المشروع القومي لتطوير الريف المصري
جاءت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتنفيذ مشروع “تطوير قرى الريف المصري” والذي يهدف إلى تغيير شامل ومتكامل التفاصيل لجميع قرى الريف المصري والذي تم حصرهم بـ”4741 قرية” وتوابعها “30888” عزبة وكفرًا ونجعًا، من أجل إحداث تغيير جذري في حياة ما يقرب من 55 مليون مواطن مصري، في 25 محافظة. وبالتناغم بين كافة الأجهزة الحكومية المعنية بدأت المرحلة الأولى لتطوير 1500 قرية وتوابعها في حوالي 51 مركزًا، ليشمل التطوير كافة جوانب البنية الأساسية والخدمات، والنواحي المعيشية والاجتماعية والصحية.
ويتم تنفيذ هذا المشروع على ثلاث مراحل، الأولى تشمل القرى ذات نسب الفقر من 70% فيما أكثر، والثانية تشمل القرى ذات نسب الفقر من 50% إلى 70%، والثالثة تضم القرى ذات نسب الفقر أقل من 50%، ويتم تحديد القرى الأكثر احتياجًا وفقًا لمعايير: ضعف الخدمات الأساسية من شبكات الصرف الصحي وشبكات المياه والكهرباء والاتصالات، وانخفاض نسبة التعليم، وتوافر المدارس وارتفاع كثافة الفصول، والاحتياج إلى خدمات صحية مكثفة لسد احتياجات الرعاية الصحية، وحالة شبكات الطرق، وارتفاع نسبة فقر الأسر القاطنة في تلك القرى.
بناء الإنسان عنصر أساسي لبناء المدن
هذا البرنامج الطموح الذي يتبناه الرئيس عبد الفتاح السيسي يعد واحدًا من أهم البرامج التنموية في التاريخ المصري الحديث، حيث لم يسبق لأي حكومة في تاريخ مصر أن تصدت لتطوير الريف المصري بالكامل والذي يعيش فيه نحو 57% من سكان مصر، وكذا رصد موازنة غير مسبوقة تبلغ 515 مليار جنيه لتحقيق تطوير شامل للقرى وتقليص الفجوة بين الريف والحضر، بل وتحقيق الهدف الأسمى من المبادرة وهو “حياة كريمة لكل أهلنا في الريف المصري”.
ولكن يجب أن يراعي هذا البرنامج الطموح بجانب تنمية القرى حضاريًا، تنمية الإنسان في هذه القرى أيضا، وعدم الاكتفاء بتطوير المباني أو البنية التحتية فقط، فأهم ما يميز الريف هو إنسان الريف المثقف الواعي لقضايا بلده ومشكلاته، وألا تستمر قرى الريف في كونها المناطق الأكثر عرضه للأفكار المغلوطة والتشدد، والانضمام لجماعات التخريب والإرهاب.
ثقافة القرية وترسيخ الهوية المصرية
لطالما كانت القرية المصرية هي العمود الفقري للمجتمع المصري، فهي الأصل الذي تكونت منه حضارة مصر القديمة بتماسكها وصلابتها منذ فجر التاريخ، فالقرية هي التجمع العمراني لسكان الريف، وهي تعكس خصائص الإنسان الريفى ومزاياه المادية والبيئية والاجتماعية ومتطلباته الحياتية والوظيفية، لذلك تبرز هنا أهمية تنمية الإنسان الريفي ليكون نواة للتغيير والتطور والتحضر مثلما كان دائمًا.
إطلاق المبادرة الرئاسية لتطوير الريف المصري “حياة كريمة”، يجب أن يصاحبه مبادرة إعادة تشكيل وترسيخ للهوية المصرية في الريف المصري، فتستعيد قصور الثقافة في القرى والمراكز دورها التنويري والتوعوي مرة أخري، وتعمل على جذب النشء للمشاركة في الهوايات المختلفة وتحرير أطفال القرية من الصورة الذهنية المغلوطة في الفرق بينهم وبين الحضر.
وأوضحت الدراسة أنه يجب أن يكون هذا المشروع العظيم لتطوير الريف المصري هو في الأساس لبناء الإنسان المصري والسعي لتحقيق العدالة الثقافية إدراكًا منه أن الثقافة يمكنها أن تصل لأعماق الريف لتعزيز القيم الإيجابية في المجتمع وتحقيقًا لدور الثقافة في التنمية الشاملة وبناء الوجدان الإنساني لما يؤثر على وعي الشباب بالتاريخ الوطني، فضلًا عن تنمية الموهوبين والنابغين والمبدعين، واستعادة مصر لقوتها الناعمة مرة أخرى على مستوي الريف والحضر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة