أصدرت وحدة تحليل السياسات بمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان دراسة بعنوان "الآثار السلبية لسد النهضة على دول حوض النيل"، توضح فيها الآثار المحتملة لسد النهضة على دول حوض النيل، والمخاطر المتوقعة حال عدم التوصل لاتفاق قانونى عادل ومُلزم يحقق التنمية لأثيوبيا دون التسبب فى أضرار لدولتى مصر والسودان.
ووفقًا للدراسة فإن عدم التوصل لاتفاق مُرضٍ بين الدول الثلاث سيترتب عليه مخاطر فى مختلف النواحى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية والأمنية، ولا تتوقف المخاطر على دولتى المصب فحسب، بل على أثيوبيا نفسها التى تسببت فى نزوح الآلاف من المقيمين فى المنطقة المقام عليها السد، وقد تصل هذه الآثار إلى تهديد الأمن والاستقرار الدوليين، ولا يتعلق الأمر بدول حوض النيل فحسب، بل يتعلق باستقرار القارة الأفريقية بأكملها.
واستعرضت الدراسة الآثار السلبية المترتبة على سد النهضة، والتى جاء فى مقدمتها التهجير القسرى للسكان، حيث كان لسد النهضة الذي بُنى على مساحة 1800 كيلومتر مربع فى إقليم بني شنقول جومز، أثرًا بالغًا على السكان الأصليين والعرقيات غير الممثلة فى الحزب الحاكم فى إثيوبيا، حيث تُشير تقديرات إلى تعرض أكثر من 5000 شخص من أفراد قبيلتى جومز وبيرتا إلى التهجير القسرى، وهى قبائل تقيم منذ قرون ممتدة بمنطقة بناء السد وبجوار مجراه المائى ويعتبرون من السكان الأصليين لإثيوبيا، فضلا عن أن 7380 من السكان الأصليين فى القرى المجاورة لمنطقة بناء السد مهددون بالتهجير أيضا بعد اكتمال بناء سد النهضة الإثيوبى، وذلك دون وجود تعويضات عادلة لهم، وكذلك وسط غياب إجراء دراسات بيئية لقياس الأثر المترتب على اكتمال بناء السد على باقى القرى المحيطة.
وأكدت الدراسة أن تبرير الحكومة الإثيوبية مشاريع البناء الضخمة بحقها المشروع فى التنمية، لا يمنحها أحقية فى انتهاك حقوق الإنسان، لاسيما حق السكان الأصليين فى عدم مغادرة أراضيهم الذين نشأوا عليها أو فى طمس هويتهم أو إرثهم الثقافي، كما أن أثيوبيا تخالف بذلك الاتفاقية رقم 169 بشأن الشعوب الأصلية والقبلية فى البلدان المستقلة والتى اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية، وهى الحقوق التى كفلها العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما تعتبر المواد 7، 8 من نظام روما الأساسى جريمة التهجير القسرى جريمة حرب .
وأضافت الدراسة الحقوقية أنه من المرجح أنه قد يترتب عند اكتمال سد النهضة حدوث موجات من النزوح الداخلى في السودان والنوبة فى مصر، حيث سيؤدى السد إلى انحسار كمية المياه المستخدمة فى الشرب ورى الأراضى الزراعية، وفى سيناريو آخر، قد يحدث فيضان مثلما حدث عام 2020، حينما قامت أثيوبيا بالملء الأول، حيث تزامن معدلات سقوط الأمطار القياسية بالتزامن مع تشغيل الخزانات الإثيوبية دون التنسيق مع السودان، وإطلاق بحيرة تانا فى إثيوبيا كميات ضخمة من المياه بشكل غير مسبوق، وبالتالى حدثت الفيضانات فى السودان، وهو ما ترتب عليه هجرات جماعية لسكان السودان والنوبة، والتى وصلت وفقًا لتقديرات مفوضية اللاجئين إلى 125 ألف نازح.